المراكبى أحمد القاضى صديق قديم و هو مدون قديم أيضا و يحلو له أحيانا أن يتحفنا (أنا و بعض الأصدقاء الآخرين) بما يقرأه فى مدونات الآخرين مما يستحق القراءة و لذلك فقد بعث لنا بالأمس هذه المداخلة المتميزة للمبدعة نوارة نجم. فى مداخلة تانية لنوارة ذكر لكتاب مهم فعلا للمفكر الكبير نعوم تشومسكى الكتاب بعنوان "السيادة و البقاء" و اللى ها يروح على مداخلة نوارة هايلاقى لينك لتنزيل الكتاب بالإنجليزية.
المهم المقدمة اللى فاتت هدفها نسبة الفضل لأهله و فى نفس الوقت التمهيد للى عايز أقوله لأنه مش كلام عن الكتاب و بس لكن عن العلاقة اللى حسيتها بين الكتاب و بين مداخلة نوارة الأولانية.
الكتاب بيدور فى الأساس على فكرة إن سعى القوة الأعظم حاليا و هى الولايات المتحدة إلى فرض سيادتها العالمية ممكن يشكل تهديد لبقاء الجنس البشرى ككل! الفكرة العامة دى مهمة و أكيد هارجعلها فى مداخلة قادمة (إنشاء الله - بعد ما أخلص الكتاب عشان مابقاش بهيس).. علاقة الكتاب بمداخلة نوارة فى جزء يتحدث فيه تشومسكى عن أحد الخصائص المشتركة بين نظم الحكم بشكل عام و اللى بتتلخص فى ضرورة وضع حدود لحركة الشعوب و ده لأن الشعوب هى أشبه بالوحوش غير المستأنسة اللى لو تركت بدون ضوابط ستشيع الفوضى فى العالم.. تشومسكى بيقول إن النظم سواء فى المجتمعات الحرة أو فى المجتمعات الخاضعة لحكم إستبدادى كلها بتمارس هذا النوع من ضبط حركة الشعب الفرق إن فى المجتمهات الإستبدادية الحدود واضحة أما فى المجتمعات الحرة فالحدود غير مرئية و لكن من الممكن الإحساس بيها عند الإقتراب منها و دى الفكرة اللى نوارة عبرت عنها بالصورة المجازية لحدائق الحيوان هنا و هناك.. الجميل فى الصورة إنها جمعت فعلا كل تفاصيل الفكرة بما فى ذلك تشبيه الشعوب بالوحوش و حطتها فى قالب واقعى و موجود فعلا و هو الفرق بين حدائق الحيوان فى الغرب و فى بلادنا.
مشكلتى الوحيدة هى مع عنوان المداخلة "الفرق بين الديكتاتورية و الديموقراطية" لأن نوارة قررت إستبدال التطبيق بالنظرية.. يعنى إيه؟ يعنى إن الفرق اللى الصورة المجازية بتتكلم عنه هو فرق بين أسلوب تنفيذ فكرة واحدة مرة فى مجتمع إستبدادى و مرة تانية فى مجتمع ديموقراطى لكن فى حين إن الفكرة و الأسلوب متوافقين فعلا مع نظرية الديكتاتورية (و عشان كدة الممارسة بتكون علنية) إلا إنهم غير متوافقين مع النظرية الديموقراطية و لو قرأت ما تحدث عنه تشومسكى لاحقا ها تلاقى إنه بيشرح إزاى بيتم التحايل على النظام الديموقراطى و آلياته عشان يكون بإمكان نخبة حاكمة إنها تحجم مشاركة الشعب فى إدارة الدولة.
المقصود إن الديموقراطية على المستوى النظرى على الأقل ليست مسئولة عن إن الشعوب المحكومة بإسمها بيتم حرمانها من المشاركة الفعلية فى تقرير مصيرها.. الأهم من كده إن الديموقراطية لا تزال هى النظام الوحيد اللى له آليات ممكن إستخدامها لإنهاء هذا الوضع فى حين إن النظم الأخرى بتعتبر هذا الوضع طبيعى أصلا و بالتالى ما فيهاش أى آليات سلمية و شرعية للتخلص منه.
إحنا بشكل عام بنعانى من مشكلة كبيرة و هى إن تعرضنا للقمع فى الداخل بيخلينا نكفر بالدولة الوطنية و تعرضنا للقمع من الخارج (الغرب الديموقراطى) بيخلينا نكفر بالديموقراطية فى حين إن الدولة الوطنية مالهاش ذنب فى تسلط المستبد عليها و علينا و لا الديموقراطية ليها ذنب فى إن النخبة الحاكمة فى دول الغرب بتستخدمها لقيادة شعوبها فى حروب هدفها تحقيق مصالح أقلية داخل الدول دى.
على أى حال أنا مازلت مقتنع بمقولة لتشرشل إستخدمتها فى التعليق على مداخلة نوارة . المقولة هى إن الديموقراطية هى أسوأ أشكال الحكم بإستثناء كل الأشكال الأخرى التى جربناها و المعنى إن الديموقراطية ليست هى الأفضل و لكنها الأقل سوءا (حتى إشعار آخر).
هناك تعليقان (2):
اعجبتنى طريقة تفكيرك ايها الانسان الحر...وما اشرت اليه من خلط هو فعلا ما يقع فيه الكثيرين...واظن ان السبب يا سيدى انه عند الصدام يتمسك كل طرف بما لديه ويعتبر ان كل ما لدى الاخر نقيصة حتى وان كان به خيرا كثيرا
اتمنى لك التوفيق
شكرا على الدعاية أولا
أما عن الموضوع ذاته .. فبالفعل كلهم ديكتاتوريين سواؤ هنا أم عناك .. لكن يظل الفرق دائما في طريقة التطبيق لتلك الديكتاتورية
وأنا أفضل الديكتاتورية الغربية (والتي تتخذ شكلا ديمقراطيا مريحا) عن تلك الطريقة الشرقية المقيتة
إرسال تعليق