الأحد، 10 مايو 2009

التغيير بين الهمبرجر و طاجن البامية باللحمة الجملى - 2

أخشى أن أكون قد أطلت.. و لكنى أعتقد أن ما قلته سابقا كان لازما كمقدمة .. و كمحصلة له دعنا نتذكر النقاط التالية:
1 - دعاة التغيير من الشباب نشأوا أو أكثرهم نشأ فى فضاء الإنترنت الإفتراضى و الذى أتاح لهم فرصة كبيرة للتواصل فيما بينهم و لكنه لم يتح لهم سبيل التواصل مع الغالبية العظمى من الشعب.
2 - دعاة التغيير من قدامى المثقفين أو من ينتمون إلى توجهاتهم الفكرية كانوا فى غفلة عما يتطور من حراك فى الفضاء الإفتراضى الذى لم يكن لهم به كثير علم و قد فوجئوا بنتائج هذا الحراك عندما خرج إلى الشارع.. تعاملهم مع الظاهرة كان مضطربا و نتائجه كانت فى غير صالح التجربة بسبب إنقطاع التواصل بينهم و بين شباب التغيير و إنقطاعه بشكل أكبر بينهم و بين حماهير الشعب.
3 - خروج شباب التغيير إلى الشارع كان عشوائيا و فى غير الزمان الملائم له.. حقق مفاجأة و أثار إهتماما و لكن محصلة الإهتمام بالنسبة لقطاعات الشعب الكبيرة لم تعد مصمصة الشفاه ثم متابعة رحلة البحث اليومية عن الرزق .. كان يمكن لقدامى المثقفين أن يصوبوا التجربة و لكن أى جهد لهم فى هذا السبيل كان أقرب إلى إجهاضها بدلا من دفعها إلى الأمام..

أما بعد .. لابد و أن من أطلقوا دعاوى التغيير قد تساءلوا قبلها - ماذا نفعل؟ - ثم وجدوا الإجابة فيما أقدموا عليه .. و إعتقادى أن السر فى ضآلة المحصلة النهائية لحراكهم يكمن فى أنهم لم يبدأوا بالسؤال التمهيدى - ماذا يمكن أن نفعل؟

قد لا يكون هذا واضحا و لكن الفارق بين السؤالين كبير و الترتيب الذى ينبغى طرحهما فيه قد يكون شرطا لتحقيق أى نجاح ممكن..

لا وجود على الإطلاق لشيئ يسمى بالخيار الوحيد (إلا الخيار السلمى لحل المشكلة الفلسطينية طبعا .....هههههه.).. فالخيار الوحيد يساوى الحتمية التاريخية و هذه تحديدا ما ينبغى أن نرفض الإستسلام له.. الغرض الأساسى من سؤال ماذا يمكن أن نفعل هو الخروج بالخيارات المتاحة و السبل المختلفة لتحقيق هدف بعينه .. و بعد طرح الخيارات و دراستها يمكن إختيار الأمثل من بينها و البدء فى الإعداد لتنفيذه..

المثقفون التقليديون يملكون الخبرة التى يمكن من خلالها عرض حقيقة كل خيار متاح - الشروط الواجب توافرها حتى يكون الخيار ممكن التنفيذ - الظرف المجتمعى و السياسى و السلطوى الملائم - أساليب التنفيذ و الخطط التكتيكية و الخطط البديلة.. الإنتقال من الفعل فى حالة نجاحه إلى مرحلة حصاد نتائجه و تلك لو تعلمون أخطر المراحل فى حياة أى فعل من أفعال التغيير و هى تتعلق بوجود صورة واضحة جدا لما تريد أن تصل إليه بواسطة فعل التغيير و وضع الضمانات الكافية حتى لا تكون نتائج التغيير كارثية أو على الأقل خلاف الصورة المتخيلة.. و لأكون واضحا أكثر إن وضوح النتائج المرتجاة من التغيير يمكنه أن يرجح وسيلة و آلية للتغيير على أخرى.. ففى حال كان ثمة خطر كبير فى أن تكون نتائج التغيير بعيدة عن أهداف المطالبين به لزم أن يختاروا الآليات التى يمكن السيطرة عليها و ليس الآليات التى يمكن أن تنفلت بشكل عشوائى أو تكون مطية للهو الخفى..

اللقاء الذى أراه واجبا بين شباب التغيير و شيوخه هو اللقاء حول سؤال ماذا يمكن أن نفعل.. بالطبع هناك أيضا سؤال ماذا نريد من التغيير و لكنه سؤال أكثر صعوبة لأنه معرض لتدخل الأيديولوجيات و الأفضل هو تفويض الشعب فى إجابته بمعنى أن فعل التغيير ذاته لا ينبغى أن يستهدف بناء بديل محدد الملامح للنظام الحالى و لكن عليه أن يستهدف تحقيق ضمانات الإرادة الحرة للشعب فى إختيار البديل الذى يراه مناسبا.. و لست مبدعا فى هذا الرأى فهناك بالفعل من حدد هذا الهدف من حركات التغيير الجديدة لسبب مهم و هو أنه الهدف الطبيعى و المنطقى لفعل يقوم به أفراد و جماعات يختلفون أيديولوجيا أو لا ينضوون تحت لواء أى أيديولوجية على الإطلاق..

فى إعتقادى أن سؤال ماذا يمكن أن نفعل يكاد يغيب غيابا تاما فلن تجده فى فضاء الصحف الذى يعيش فيه قدامى المثقفين و لن تجده فى الفضاء الإفتراضى حيث يعيش شباب التغيير.. العجيب أن الطرفين يلتقون أو بالأحرى يجتمعون على مداومة الصراخ بسوء الحال و مغبة تدهوره المطرد و هم دائموا الحديث عن المظاهر التى تثبت سيطرة الفساد أو فساد السيطرة.. و لكنك تحتاج إلى إثبات شيئ بالبرهان اليقينى مرة واحدة و أى إثباتات تالية هى تحصيل حاصل.. فلماذا نحن جميعا هاهنا واقفون لا نكاد نتحرك؟

بالنسبة لشباب التغيير فقد جربوا ما هداهم إليه فكرهم و شعورهم و حماسهم .. ثم هم اليوم بين متشكك فى جدوى الإستمرار أو لاعن للشعب المتقاعس أو مصر على متابعة الطريق بإستخدام الوسائل ذاتها .. و لا يمكن لوم أى من هذه الأطراف فلم يقم الطرف الذى يملك بعض مفاتيح الإجابات بدوره فى تقديم هذه المفاتيح و إكتفى بدور المتابع الفاغر فاه إندهاشا أو الزام شفتيه تأسفا و إمتعاضا.. و مبتغى هؤلاء من المناضلين القدامى هو أن يكون لهم دور القيادة و التوجيه.. و لكن هذا دور أكبر ممن يملك مجرد مفاتيح لحلول و يفتقد الخطة التى لا يملكها إلا الملم بتفاصيل الواقع و هم مع كامل الإحترام فقدوا كثيرا من صلاتهم بهذا الواقع و من ثم لا يصلحون لوضع خطة حقيقية.

الدور الحقيقى لقدامى المثقفين و المناضلين هو أن يبدأو فى طرح ما لديهم من معرفة و خبرة فى فضاء الإستعمال العام حيث يمكن لأصحاب الأدوار الأكثر فعالية أن يستخدموا هذه الخبرات و المعارف فى بناء توجهاتهم الخاصة بهم و الملائمة للواقع و للظرف.. بمعنى أوضح لا دور حقيقى يرتجى لعواجيز التغيير داخل الهياكل التنظيمية لحركات التغيير.. مكانهم خارج هذه الهياكل و دورهم طرح التساؤلات و تقديم الجزء الذى يملكونه من الإجابات و ترك الباقى لينجزه شباب التغيير الذى قد تنقصه الخبرة و لكن لا تنقصه الفعالية و القدرة و بالتأكيد لا تنقصه القيادة.

دور المثقفين القدامى و الذى يصب فى دور موازى لشباب التغيير ينبغى أن يجمعهما طرح سؤال ماذا يمكن أن نفعل و السعى إلى الإجابة عليه.. و الأكيد أنهم إذا ما بدأوا فى طرح السؤال بجدية فهم لا شك صائرون إلى مناقشة الرقم الصعب فى معادلة التغيير.. الشعب طبعا.. ليس بمنطق الهجاء أو المدح و لكن بمنطق التساؤل عن كيف يمكن تحويل الشعب إلى رقم موجب فى المعادلة و ليس صفر المحصلة..

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

ممتاز
فكر عميق وتحليل رائع اوافقك عليه طبعا
ماذا يمكن ان نفعل مع مراعاه الظروف المحيطه
برافوووووووووو....بوست هايل
دمت بخير...تقبل مرورى

دودو يقول...

كلامك واضح وبوست جميل يا بشمهندس
بس لو سمحتلى انا ليا راى فى طريقة التدوين
انا طبعا قريت تعليقاتك فى مدونات تانية وكانت بتتميز بخفة الدم وفى نفس الوقت بتوصل وجهة نظرك
لية بقى متكتبش فى مدونتك بنفس اسلوبك فى التعليق

Kalimalhus يقول...

@فتاة من الصعيد
---------------
ألف شكر و أسعدنى مرورك..


@دودو
------
أهلا بيكى و شكرا على التعليق..

لو رجعتى كام بوست ورا ها تلاقينى كاتب بالعامية و بشكل ساخر - مش عارف إن كان دمى كان خفيف فيه و الا لأ-
المسألة إنى بأستخدم الأسلوب اللى بحس إنه بيعبر أكتر عن أفكارى ساعة الكتابة.. طبيعى إنى فى التعليقات باستمد مزاجى العام من صاحب البوست و التعليقات التانية .. لما باكتب لوحدى برجع لطبيعتى النكدية و المكلكعة..
على العموم أنا شاكر لنصيحتك و أوعدك إنى أستفيد منها..

دودو يقول...

شكرا على تقبلك لكلامى وسعيدة بالدخول على هذة المدونة الجميلة