الأحد، 28 يونيو 2009

29 يوما من الإضراب! .. من يهتم؟

ليس حكومتنا الذكية أو رئيسنا المنحاز لمحدودى الدخل الذى قاتل من أجل زيادة العلاوة من 5% إلى 10%..

عمال شركة طنطا للكتان و الزيوت مازالوا مستمرين فى إضرابهم الذى بدأ قبل 29 يوما .. و كما نقلت عنهم اليوم السابع على موقعها فهم متمسكون بإضرابهم حتى يستجيب المستثمر السعودى الظالم ..

أصدر عمال الشركة بيانا بالأمس لتوضيح مطالبهم و منها حقهم فى حوافز الأرباح التى لم تصرف لهم منذ تم خصخصة الشركة و تعللت الإدارة بأن الشركة تتعرض لخسائر و هو ما يثبت كذبه تقرير لليوم السابع أيضا.

شركة طنطا للكتان و الزيوت هى واحدة من نماذج عديدة لما تتعرض له الصناعة المصرية و ما يلقاه عمال مصر نتيجة لسياسات حكومة لا تعمل إلا لصالح فئة محدودة العدد من النهابين و الفاسدين .. عملية الخصخصة التى إنتقلت بها ملكية الشركة إلى المستثمر السعودى حلقة من حلقات إهدار أموال هذا الشعب و تضييع حقوق عماله .. تخلى الإتحاد المصرى لنقابات العمال عن عمال طنطا للكتان يثبت أن هذا الإتحاد الحكومى لا يمثل العمال و أصبح لزاما أن يشكل العمال نقاباتهم المستقلة التى يمكن أن تقود نضالهم من أجل حقوق يصر النظام على إهدارها عامدا متعمدا .. تجاهل الحكومة النظيفة عن حقوق العمال التى يدعمها القانون بل إنحياز أجهزتها الأمنية للمستثمر السعودى و تضييقها على العمال المضربين و إحباطها لمحاولاتهم تنظيم وقفات إحتجاجية أمام مجلس الشعب و أمام محافظة الغربية كل هذا يثبت أن النظام و حكومته هم فى خندق واحد مع كل مستغل مصرى أو أجنبى ضد مصالح هذا الشعب و ضد قوت و رزق عماله و أولادهم..

معركة عمال طنطا هى معركتنا جميعا لأنهم لو تم إخضاعهم اليوم فإن بصيص الأمل فى أن يكون لحراك فئات هذا الشعب المقهورة جدوى سيضيع و يذوى و لا يبقى لنا جميعا سوى اليأس نتجرعه مرا بينما بلدنا يقتل جوعا و فقرا و قهرا و مستقبل أولادنا يضيع قبل أن يبدأ..

ساندوا عمال طنطا الشرفاء و لو بكلمة على بلوج أو إتصال لأحد برامج التوك شو تطالبونه بنظرة إلى كفاحهم ..

السبت، 27 يونيو 2009

عمال مصر.. الضوء فى نهاية النفق..

عمال مصر ينشطون فى المطالبة بحقوقهم و فى الدفاع عنها.. إن لم تكن لاحظت ذلك أو لم تقدره كظاهرة و ليس كمجرد أحداث فردية متفرقة فربما عليك أن تراجع أحداث السنوات الأخيرة ..

يمكنك أن تبدأ من الأحدث حيث إستضافت نقابة الصحفيين ندوة بعنوان "الحريات النقابية .. إلى أين؟" .. و يمكنك أن تتخذ من هذا الحدث مدخلا لمعرفة المزيد عن نضال عمال مصر من خلال عيون و كلمات و أرشيف وصلات الإنترنت لحسام الحملاوى 3rabawy .. حسام الذى نقل لمتابعيه على التويتر وصفا حيا لوقائع الندوة و الوقفة الإحتجاجية التى تلتها سجل على مدونته بالصورة و بكلمات مختصرة و لكن معبرة بعض جوانب الحدث الذى وددت لو أن مصر كلها تابعته فى بث مباشر ..

أدعوك لتهتف: اصحى يا عامل مصر يا مجدع .. وافهم دورك ف الوردية .. مهما بتتعب مهما بتصنع .. تعبك رايح للحرامية و تتبع كفاح عمال شركة طنطا للكتان الذين دخل إضرابهم يومه السابع و العشرين أمس و هم مستمرون فى تحديهم للمستثمر السعودى الذى ألغى عقد علاج عمال الشركة .. و أظنك ستتفق أن الإضراب مشروع مشروع .. ضد الفقر و ضد الجوع مع عمال و موظفى البريد و الذين أصدرت بالأمس أيضا اللجنة العليا للدفاع عن حقوقهم بيانها الثانى و نقل حسام عن قائدهم بكفر الشيخ قوله أنهم سينفذون إضرابا يهز الجمهورية .. و لو كنت تتساءل: حسين مجاور يبقى مين ؟ .. فجموع عمال النسيج و البريد و الضرائب العقارية و غيرهم ممن إحتشدوا فى هذه الوقفة سيجيبونك : يبقى حرامى الشقيانين .. و ستتمنى معنا لو أن كل فئة من عمال مصر نجحت فى تشكيل نقابتها المستقلة عن إتحاد إستغلال عمال مصر الحكومى الغاصب لإرادة الملايين من كادحى هذا البلد .. و ستجد فى تجربة النقابة المستقلة لموظفى الضرائب العقارية نموذجا يعطينا الأمل فى غد مختلف يشهد صحوة لحراك عمال مصر..

يمكنك أن تعرف المزيد عن حراك عمال مصر الذين يقول المرصد النقابى و العمالى المصرى أنهم قاموا ب40 إحتجاج عمالى خلال النصف الأول من شهر يونيو الجارى من خلال موقع تضامن و أدعوك إلى قراءة العدد الأول من نشرته "اللى بنى مصر" .. و يمكنك أيضا أن تستفيد من متابعات موقع مركز الدراسات الإشتراكية - مصر إضافة إلى مدونة 3arabawy للصحفى و الناشط حسام الحملاوى الذى سطوت بدون خجل على معظم المعلومات التى ضمنتها هذه التدوينة من خلاله..


ربما تتساءل : لماذا يجب أن نهتم ؟ ..

إذا كنت تعتقد مثلى أن التغيير هو ضرورة حياة كريمة فى مقابل فقر و مذلة, الموت أفضل منهما فيمكنك أن تدرك قدر ما ينطوى عليه حراك عمال مصر من أهمية كبيرة .. و إذا كنت قد تابعت إنحسار الأمل فى حركات التغيير الشبابية و ما أصابها من تخبط و ضياع لملامح الطريق و شهدت فى حسرة أحداث إيران الأخيرة متسائلا لماذا ليس نحن؟ فقد يقودك هذا إلى تبين أن الحراك من أجل التغيير لا يمكن أن يكون له أمل فى النجاح دون قاعدة شعبية..

إن حراك عمال مصر منبئ بأن القاعدة الشعبية قد بدأت تأخذ بزمام المبادرة و بدأت تتلمس مكامن قوتها و تستخدم هذه القوة لإستعادة بعض حقوقها المغتصبة و فى الدفاع عن القليل المتبقى لها من مكتسبات و فى إنتزاع إعتراف بقوة الأمر الواقع بشرعية الإحتجاج و الإضراب و الإعتصام..

صحيح أن أغلب مظاهر الإحتجاج العمالية كانت خاصة و مباشرة و معنية بمطالب فئوية بعضها محدود بمنشأة بعينها و البعض الآخر إتسع ليشمل فقط قطاعا بعينه من موظفى أحد المصالح الحكومية .. و لكن الصحيح أيضا أننا نشهد اليوم تقاربا و تنسيقا بين ممثلى هؤلاء إدراكا منهم بأن أسباب ما يعانيه كل منهم واحدة و أن هذه الأسباب كامنة فى سياسات دولة إنصرفت بكليتها إلى تحقيق مصالح أقلية من النهابين على حساب عموم أبناء هذا الشعب .. هذا التوجه من الحركات العمالية شديد الأهمية و يستحق أن نتابعه و نشجعه و نبحث معا عن سبل دعمه لأنه خطوة أولى على الطريق الوحيد فى إعتقادى لتحقيق التغيير..

و تذكر فى النهاية أنك إذا كنت ممن لا يملكون إلا جهدهم العقلى و الجسدى يقايضونه بأجر هو مصدر دخلهم الوحيد فأنت واحد من عمال مصر .. لا يهم أى نوع من الألقاب المهنية قد تزين به إسمك و لا يهم أيضا أى قدر من التعليم قد إحتجت لتحصل على هذا اللقب فإن فخرك الحقيقى فى أن تكون واحدا من عمال هذا البلد الذين هم بناته و سبب إستمراره.. فليمد كل واحد منا يده إلى الآخر و نتلمس سويا طريق الوحدة الذى به وحده نخرج من ظلمات الإستبداد و القهر والفساد والإفقار إلى أنوار الحرية و الكرامة و العدالة..

الاثنين، 22 يونيو 2009

نخبة رغم أنف العقل ..

لا يتسم شعبنا بالعقلانية .. فى الواقع لا تتسم الشعوب بالعقلانية و لذلك فليس شعبنا مختلفا فى هذا الأمر.. و لكن كثيرا من الشعوب تتسم النخبة المثقفة فيها بالعقلانية و لذلك تأخذ على عاتقها مهمة توضيح الأمور لشعوبها .. المختلف لدينا أن نخبتنا لم تعد مثقفة و من ثم لم تعد عقلانية أيضا ..

الخطأ لا يمكننا تحميل المسئولية عنه كاملة على عاتق نخبتنا .. فهم فى النهاية نتاج آلة بناء المواطن التى أصابها عطب كبير.. و النخبة فى النهاية هى مجموع الأفراد المهتمون بالشأن العام فى بلادهم و الناشطين فى التعبير عن آرائهم حول هذا الشأن .. هم جزء من الطبقة التى منحها التعلم قدرا كافيا من الوعى الذى يجعل أفرادها بطبيعتهم مهتمون بالكيفية التى تدار بها أمورهم..

فى حالتنا لا تصلح هذه التعريفات للتعبير عمن نسميهم بالنخبة بشكل دقيق .. فالقاعدة العريضة من المتعلمين التى يفترض بها أن تمدنا بالنخبة من بين صفوفها لا تملك و عيا حقيقيا و لا تدريبا أساسيا على إستخدام العقل فى النقد و التحليل .. و أفراد هذه الطبقة يكونون آراءهم بشكل إنطباعى و عاطفى و لا يملكون أدوات نقدية مناسبة لمراجعة هذه الآراء .. و مع إنتشار الإنترنت أصبح متاحا لبعضهم أو الأكثر حماسة لأفكاره منهم أن ينشط فى التعبير عن آرائه .. و بذلك فرض هؤلاء أنفسهم كنخبة من نوع ما ..

المتابع لما يكتبه المدونون المصريون فى مدوناتهم أو رسائلهم القصيرة على التويتر تأثرا و تعليقا على الأحداث العالمية و المحلية سيكتشف بسهولة أنهم فى معظمهم لا يكونون آراءهم المعلنة نتيجة عملية بحث و تحليل منطقية .. و هم أقرب إلى التمسك بقناعات ثابتة يستمرون فى الدفاع عنها حتى فى وجه الوقائع التى لا لبس فيها..

يبنى أفراد النخبة المصرية الجديدة تحيزاتهم على أساس ميول شخصية يمكننا أن نلمح فيها مؤثرات الطبقة أو التربية العائلية أو الثقافة الشعبية السائدة.. و يبدو واضحا أن أغلبهم لا يتبنى توجهاته بناءا على إختيار حر بين توجهات متعددة و لكنه يكاد لا يملك من أمر خياره شيئا.. و تنحصر معرفة أغلبهم فى الخطوط العريضة لشعارات و مبادئ التيار الذى ينتمى إليه و فى حجج هذا التيار و أساليب هجومه المضاد على مخالفيه بما فى ذلك الإتهامات النمطية التى ألصقها التيار بمن يختلفون معه .. و فى حمى المناقشة يعمد أنصار كل إتجاه إلى تقديم شعارات و مبادئ توجههم كتفسيرات للحدث أو القضية التى تتم مناقشتها.. ثم يقدمون الحجج المحفوظة و يمارسون خطط الهجوم المضاد المعروفة فى وجه من يناقشونهم.. و عندما ينضب معين الجميع مما يمكن قوله يبدأون فى التراشق بالتهم المعدة سلفا .. و المضحك المبكى بل المخزى أحيانا أن كثيرين من هؤلاء يوقعهم جهلهم بالخلفيات التاريخية و الفكرية لهذه الإتهامات فى تناقض إلصاقها بأفراد ينتمون لتيارات لا تتناسب الإتهامات معها أصلا..

و لأن إنتماء هؤلاء لتياراتهم هو إنتماء عاطفى فى أساسه فهم يتعاملون مع المتفقين معهم و المخالفين لهم بلغة الحب و الكراهية و هم أيضا يحملون توجههم الفكرى بقيم أخلاقية ينفونها عن غيرهم و لذلك فعندما تنضب الإتهامات المعدة سلفا ينحط الحوار بينهم إلى السباب المحض!! .. و عندما تفلس حجج الدفاع عن رموز التيار يلجأون إلى المصادرة على منتقديهم برفع هذه الرموز إلى مراتب العصمة الخلقية !!

لا يمكننا بالطبع أن نتوقع لأى حوار بين هؤلاء أن يتقدم خطوة واحدة فى أى إتجاه و هو أشبه بطقس فلكلورى أو مسرحية شعبية يجتمعون فيها لأداء أدوارهم المعدة سلفا و فى الخلفية يكون الحدث أو القضية التى يفترض أنهم إجتمعوا لمناقشتها هى مجرد ديكور يميز المشهد عن سابقيه .. و ينتهى العرض دائما عندما تصبح القضية قديمة أو تفقد بريقها و يخرج المشاركون دون أن يكتسب أحدهم معرفة جديدة و دون أن يكون قد توصل إلى فكرة واضحة عما كانت المناقشة تدور حوله..

لقد قلت فى البداية أن نخبتنا الجديدة هذه لا تتحمل المسئولية كاملة عن سلبياتها و نواقصها .. و لكن هذا لا يعنى تبرئتها تماما من المسئولية .. فليس صحيحا أن كل منا هو أسير أبدى لعوامل تكوين شخصيته فى الصغر .. و لا شك أن بمقدور كل إنسان أن يعيد تشكيل فكره و عقله إن كانت لديه الإرادة الكافية .. و لا يحتاج أى منا إلى أكثر من التحلى بالمرونة فى نظرته إلى الذات و الآخر .. و من خلال هذه المرونة يمكنه أن يبدأ بالتعرف على الآخر بعقلية منفتحة نقدية و ليست نقضية مغلقة ..

نحن فى عصر أصبحت المعرفة فيه متاحة لمن يطلبها بسهولة كبيرة .. وعندما أذكر ما كان متاح لى الوصول إليه من مصادر المعلومات و الأفكار منذ عقدين من الآن أشعر بحسد كبير لهؤلاء الأصغر سنا و الذين يجدون متاحا بين أيديهم عشرات أضعاف ما كان متاحا لى .. أن يغضى هؤلاء عما هو متاح لهم و يصرون على إحتباس عقولهم فى سجون فكر واحد و تيار بعينه هو جريمة يرتكبونها فى حق أنفسهم أولا و فى حق الوطن الذى لا خيار لديه فى أن يكونوا هم نخبته رغم أنفه..

الاثنين، 15 يونيو 2009

شباب الثورة المخملية..عذرا الرقم مرفوع مؤقتا من الخدمة

هل زورت نتائج الإنتخابات الإيرانية؟

إعتقادى الشخصى أنها لم تزور .. أقول هذا و لا أقطع به .. فالذى لن أمل من تكراره أبدا هو أن معرفتنا بالداخل الإيرانى ضئيلة للغاية .. و أقل ما تقتضيه الأمانة منا أن نستخدم فى حديثنا عن الشأن الداخلى الإيرانى عبارات غير قاطعة ..

على أى شيئ إذن أبنى إعتقادى هذا؟

ليس على ثقة كاملة فى أن التيار المحافظ فى إيران و المساند لنجاد من طبيعته أن يترفع عن تزوير الإنتخابات إذا ما شعر أن موقف مرشحه مهدد .. و لكن على إعتقاد بأن نجاد فى الواقع لم يكن فى حاجة إلى التزوير للفوز ..

نجاد ليس فقط مرشح التيار المحافظ .. فى الواقع ليس نجاد محبوبا بشدة من قبل رموز هذا التيار .. نجاد هو مرشح الفقراء و البسطاء الإيرانيين و هؤلاء هم الذين أقبلوا على التصويت بمعدل إستثنائى مساندة له و بعدما شعروا أنه يواجه منافسة شرسة هذه المرة .. و هؤلاء يؤيدون نجاد لأسباب خارج الإطار التقليدى للصراع بين المحافظين و الإصلاحيين .. أسبابهم تتعلق بأنه منهم و بأنه كسر التابو الخاص بإنفراد طبقة بعينها بالمناصب العليا فى الدولة .. و أسبابهم منها أن الرجل لم يخيب آمالهم فى فترة حكمه الأولى .. ظل على تواضعه .. ثابر على تعهد مشاكلهم و إهتماماتهم الصغيرة برعايته و رأوه بينهم فى كل مكان فى بلادهم و حتى فى أماكن لم تطأها قدما مسئول إيرانى رفيع فى يوم من الأيام .. صحيح أنه لم يرفع عنهم عبء الفقر و لم يحسن أحوالهم و لكنه فى المقابل قدم لهم ثباتا و قوة فى وجه تطاول الآخر الأجنبى عليهم و الشعب الإيرانى هو أحد تلك الشعوب التى تشبعها وجبات العوة الوطنية و تنسيها جوع المعدة..

فى المقابل ليست نسبة ال33% التى حصل عليه موسوى منافس نجاد نسبة ضئيلة قياسا على أن مؤيديه هم إجمالا من الطبقات المتوسطة و ما فوقها .. و إذا ما تذكرنا أن من بين هذه الطبقات أيضا يوجد أغلب المحافظين و الملالى و إذا ما قدرنا أن تلك الطبقات لا تمثل من أى شعب أكثر من 25% من سكانه على أفضل تقدير فسيبدو واضحا أن موسوى حاز بالفعل أقصى ما كان يمكن توقعه من أصوات لصالحه..

إذن هل كانت أعمال الشغب فى أعقاب ظهور النتائج من صنع عملاء و مأجورين؟

من صنعهم أى أنهم خلقوها من فراغ .. لا أعتقد .. هناك غاضبون فى إيران .. أبناء طبقة تشعر أنها همشت فى إطار النظام الحالى و نجاد بالنسبة لهم هو رمز لراديكالية النظام التى يرون أنها تخنق بلادهم و تقيد حرياتهم .. ربما لو ترك هؤلاء لأنفسهم لما ذهبوا بعيدا فى إحتجاجهم و لكن تحول الإحتجاج إلى أعمال شغب و تدمير و حرق إلخ يجعل من الراجح أن أيادى إمتدت و حناجر إستخدمت للتحريض و بث آمال و همية لتكرار تجارب سابقة فى بلدان أخرى .. مع ملاحظة أن الإطار مختلف و القوى التى نزلت إلى الشارع الإيرانى ليست حقا معبرة عن إرادة الغالبية حتى يمكن تصور أن تكرر تجارب الثورات البرتقالية و غيرها من الألوان..

لماذا بدا أن بلوجرية مصر أو تحديدا اليساريون و القوميون متحاملون على هذا الشباب الإيرانى الغاضب و منحازون إلى نجاد الراديكالى فى نظام دينى و المعبر عن نعرة تفوق فارسية؟.. هل هى نظرية عدو عدوى صديقى؟ .. و هل يكفى أن يعادى أحدهم أمريكا حتى نتدله فى حبه إلى حد العمى عن حقيقة هويته السياسية و إلى حد تجاهل أخطائه و خطاياه؟

يمكننى أن أتحدث عن نفسى .. لست متدلها فى حب نجاد و لست محبا لنظام ولاية الفقيه فى إيران .. و لست سعيدا أن تحتكر جماعات الإسلام السياسى دور المقاومة فى كل مكان يتوجب على العرب و المسلمين أن يقاوموا فيه .. و ليست المسألة هى الحسبة البسيطة لعدو عدوى صديقى .. فليس العدو هو أى عدو .. و ليس ما يهدد به هذا العدو مما يقبل أن نؤجل مواجهته حتى يتوفر الحليف الذى نحبه و نختاره ..

المشكلة أن كثيرين لا يدركون أن أمريكا هى العدو بألف و لام التعريف و ما غيرها إلا أذناب و إمتدادات لأياديها الطويلة .. و ليست هذه الفكرة مجرد أحد صور نظرية المؤامرة و هو أحد تلك التعبيرات المعلبة التى يحلو للبعض أن يقذفها فى وجه المخالف .. أمريكا بلد له سياساته بعيدة المدى .. هذه السياسات قائمة على عقيدة راسخة لدى النخبة الحاكمة الأمريكية .. و العقيدة ليست ناشئة فى فراغ بل هى بدورها تعتمد على وقائع ..

الولايات المتحدة هى دولة تفتقد إلى أى من المقومات التقليدية التى تربط جماعة بشرية بوطن مشترك و بديلها عن هذه المقومات هو وعد الرفاهية و إحتكار أفعل التفضيل فى كل شيئ .. و وعد الرفاهية يحققه أن أمريكا هى المستهلك العالمى الأول و هى تستهلك أكثر كثيرا من النسبة العادلة من موارد العالم قياسا بنسبة سكانها إلى إجمالى سكان العالم .. و لذلك فمع نمو الدول الأخرى و مطالبتها بنصيب أكثر عدالة من موارد الطاقة و الثروة المحدودة و المعرضة للنضوب أيضا ثمة خطر مؤكد يتهدد إستمرارية وعد الرفاهية الأمريكى .. و هو بذلك تهديد حقيقى للأمن القومى الأمريكى ..

لتجنب خطر تضاؤل نصيب أمريكا من الموارد العالمية لا يمكن إعتماد وسائل تفاوضية سلمية خالصة .. لأن مطالب أمريكا فى الأساس غير عادلة و لا يوجد طريقة لأن تطلب من آخر أن يتخلى عن خبزه لك طواعية .. لابد لأمريكا إذن أن تفرض سيطرة مباشرة أو غير مباشرة على مخزونات الموارد الأساسية فى العالم .. و لابد لها من أن تفرض هيمنتها على صناعة القرار فى السياسة الدولية لتحمى سيطرتها و لا ينبغى لأمريكا أن تتهاون مع أى تحدى لسيطرتها أو هيمنتها..

لماذا نكون نحن بالذات هدفا لتوسع الإمبراطورية الأمريكية و مسرحا لمعارك السيطرة و الهيمنة التى تخوضها؟

أولا لأننا إما نمتلك تلك الموارد التى تسعى إلى السيطرة عليها أو نحن على طرق و مسارات حركة هذه الموارد إلى محطتها الأخيرة فى أمريكا ..

و ثانيا لأننا نمثل كتلة هامة من تلك الشعوب الجائعة للإستهلاك و التى يمثل نموها الإقتصادى خطرا داهما على نصيب أمريكا من كعكة موارد العالم ..

إذن ليس المطلوب فقط هو تقييد نمونا و هو أمر مطلوب بالنسبة لنا و بالنسبة لغيرنا أيضا و لكن المطلوب أكثر هو إنفراد أمريكا بالسيطرة على قرار التصرف فى مواردنا و قرار السماح لموارد غيرنا بالمرور فى أراضينا و ممراتنا المائية .. و لذلك لا يكفى أن تمتلك أمريكا قوة ردع ضمنية تجاهنا تمنعنا من محاولة المنافسة على الموارد .. و قوة الردع هذه تستخدمها أمريكا فعليا فى مواجهة الجميع حتى حلفاءها الأقربين .. و لكن فى حالتنا لابد لأمريكا من أن تمتلك سيطرة حقيقية على صناعة القرار فى دولنا..

هناك نموذجان لكيفية إحكام أمريكا لسيطرتها على القرار الداخلى للدول ..

فى النموذج الأول تسعى أمريكا لإقامة أو دعم نظام ديموقراطى و تكون أمريكا هى الحامى لهذا النظام فى مواجهة تهديدات خارجية أكبر من قدراته للدفاع عن النفس و تكون بذلك علاقة النظام بأمريكا هى شرط بقائه .. و الأمثلة متعددة .. كوريا الجنوبية .. تايوان .. و حديثا أوكرانيا و جورجيا و دول شرق أوروبا الخارجة من عباءة الإتحاد السوفيتى القديم..

فى النموذج الثانى لا يوجد خطر خارجى داهم يهدد نظاما ديموقراطيا حال وجوده .. بل ربما يكون قيام النظام الديموقراطى أصلا سبيلا لوضع البلد فى حالة عداء مع أمريكا نظرا لأن تناقضات المصالح الحقيقية لهذه الدول مع سياسات أمريكا أكبر كثيرا مما يمكن أن تقدمه أمريكا فى مقابل ولائها .. و فى هذه الحالة تقدم أمريكا دعمها لنظم ديكتاتورية فاسدة و هى تسبغ على هذه النظم حمايتها فى وجه خطر الثورة الداخلى و لذا تكون علاقة النظام بأمريكا أيضا هى شرط بقائه و إستمراريته..

من الواضح طبعا إلى أى هذين النموذجين تنتمى دولنا العربية .. و من الواضح أن ذلك النموذج تحديدا هو الخاسر الأكبر بين كل ضحايا توسع الإمبراطورية الأمريكية .. فنحن أولا محكوم علينا بألا نتخلص من أنظمتنا المستبدة الفاسدة و البديل المسموح به حال كان الحفاظ على النظام الفاسد مستحيلا هو نظام عميل ديموقراطى مؤقتا ثم مستبد فاسد أخيرا بحكم أنه سيظل بحكم عمالته متناقضا مع شعبه و بالتالى مضطر إلى الإستبداد للحفاظ على وجوده ثم منجر إلى الفساد بحكم الإستبداد .. و هكذا فى دورة لا نهاية لها .. و نحن ثانيا محكوم علينا بالفقر أبدا .. بداية لأن أمريكا تضع سقفا منخفضا لنمو إقتصادنا فى حدود ما لا يهدد نصيبها من موارد العالم ثم لأن فساد أنظمتنا المحمية من أمريكا يمتص معظم الطاقة الإقتصادية لدولنا و يجمدها فى أرصدة و أصول حكامنا و حاشياتهم ..

و بينما نقبع هاهنا بلا حول أو قوة.. فإن إنتصار عدونا النهائى يبدو حتميا لولا بعض العقبات .. هذه العقبات هى الحصن الأخير و الأمل الوحيد لنا فى أن يكون مصيرنا أفضل من إسترقاق الإمبراطورية الأمريكية لنا فى شركاتها العابرة للجنسيات حيث نصنع ما يحتاجه مستهلكوها من سلع فى مقابل الحد الأدنى من الأجور العالمية..

و ليس الحصن ضخما حقيقة أو الأمل كبيرا .. و دوامهما مؤقت على أفضل تقدير .. و لكن ذلك أدعى لتشبثنا بهما .. إلى حين أن تتحقق معجزة ما و يتحول ركود العجز العربى إلى حيوية المقاومة .. و هذا أمل بعيد و لكنه يصبح بدون جدوى إن تحقق متأخرا بعد أن يسقط الحص الأخير و يتبدد الأمل الوحيد!!

لا نملك إذن رفاهية إختيار من نعلق عليهم آمالنا .. فكل ما نعلقه عليهم من أمل هو فقط لشراء وقت أطول بعرقلة حركة الإمبراطورية و تأخير وصول قاطرتها إلى هدفها قليلا .. كل تحد للإمبراطورية فى أى مكان فى العالم قد يعطلها قليلا و يشترى لنا مزيدا من الوقت .. و لذلك فنحن سندعمه و لو بأضعف الإيمان و هو التهليل له و مباركة صموده .. قد يكون ذلك هو نظام شافيز اليسارى فى فنزويلا أو نظام الأخوين كاسترو الشيوعى المستبد فى كوبا أو نظام بوتين و تابعه ميدفيديف الديكتاتورى الفاسد فى روسيا أو النظام الثيوقراطى لملالى إيران أو نظام الأسد الإستبدادى القمعى التوريثى فى سوريا أو حركة طالبان الظلامية المتطرفة فى أفغانستان و تنظيمات السلفية الجهادية المذهبية المتطرفة فى العراق و أتباع ولاية الفقيه فى حزب الله و الإخوان المسلمين الفليسطينيين فى حماس وغير هؤلاء يتباينون فى القرب و الإبتعاد أيديولوجيا عنا و بعضهم قد نقبله شريكا فى أوقات غير أوقات الأزمة بينما الآخر لن نقبل إلا معاداته أيضا لولا الأزمة.. ولكن بقاءهم جميعا هو ما يشترى لنا الوقت الثمين .. وقت أتمنى أن نستغله فى بناء قوتنا الذاتية التى تجعلنا لا نحتاجهم و ساعتها سنتحالف مع من يروقنا و ننبذ من يتناقض مع مبادئنا..

هلا نعود إلى حيث بدأنا إذن و نسأل .. هل يسعدنا نجاح نجاد فى إيران؟..

الإجابة نعم .. إيران هى الشوكة الأكبر فى حلق أمريكا المفغور لإبتلاع المنطقة و نجاد يجعل الشوكة أكثر إستعصاءا على الكسر .. لا عزاء لدينا إذن لحالمى الثورة المخملية الخضراء و لا عزاء لموسوى .. جنازتهم ليست جنازتنا و مأتمهم يؤجل لبعض الوقت مأتم من هو أعز علينا .. و إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك..

الخميس، 11 يونيو 2009

فى سوق الأوراق العربية..

يسود بلادنا العربية منذ زمن توجه نحو التفكير بمنطق السوق و براجماتية حسابات المكسب و الخسارة عندما يتعلق الأمر بقضايانا السياسية .. و فى إطار فكر السوق لا يبدو لإعتبارات العاطفة القومية أو الحقوق التاريخية أى قيمة عملية ما دام لا يمكن تحويلها لأوراق قابلة للصرف من بنوك الشرعية الدولية ..

و يسعى سماسرة الأوراق السياسية العرب إلى إقناعنا بأن إستثماراتنا فى مشروع القضية الفليسطينية قد فشلت بشكل ذريع و إنخفضت القيمة السوقية لأسهمها إلى أدنى معدلاتها و ليس أمامنا اليوم إلا أن نبيع و بأسرع وقت ممكن ما نملكه من هذه الأسهم لنخرج بأى قدر متاح من الأصول الثابتة فى مقابل أموالنا المهدرة و لنوقف نزيف الخسائر المستمر..

و لكن المتعاملين فى البورصات يعرفون جيدا أن خسارتك الناجمة عن تدنى قيمة الأوراق التى تملكها هى خسارة إفتراضية و لن تتحول إلى خسارة حقيقية إلا فى حال أنك بعت هذه الأوراق .. فإذا كان بإمكانك أن تنتظر بعض الوقت فثمة أمل دائما فى أن تعاود قيمة أسهمك الإرتفاع و حينها يمكنك أن تبيع دو خسارة و ربما تحقق بعض الأرباح أيضا..

الإنتظار مع ذلك له ثمنه .. فهذه الأوراق هى أموال مجمدة لا يمكنك الإنتفاع بها .. و إذا كنت تمر بضائقة أو ضوائق متراكمة فأنت فى حاجة ماسة إلى تسييل أوراقك و تحويلها إلى أموال لمواجهة أعبائك المختلفة .. و يوضح لنا السماسرة العالمون بالأمور أنك بعنادك تعرض مزيدا من الأصول للضياع حيث أنك رهنت الكثير منها فى فترات سابقة و على الرغم من أنك تعلم تماما أن صكوك الرهن مشكوك فى أمرها كما أنك لا تعرف بأى شيئ أنفقت القروض المختلفة التى رهنت أصولك للحصول عليها إلا أنك لا تستطيع تجنب مطالبات البنوك الكبرى لك بسداد مستحقاتها و إلا فإنها ستعمد إلى الحجز على ممتلكاتك لإستيفائها..

الموقف محير بالتأكيد خاصة أنك لا يمكنك أن تثق تماما فى نصائح السماسرة لأنهم فى النهاية يحصلون على عمولاتهم فى البيع و الشراء و عند رهن الأصول و عند الحصول على قرض أو سداده .. أكثر من ذلك فهؤلاء السماسرة هم ذاتهم من عهدت إليهم بإدارة مشروعك منذ البداية ثم أذعنت لمطالبتهم لك بوضع كل أمورك تحت إدارتهم لضمان توفير التمويل اللازم لإنجاح المشروع ثم قدمت لهم تفويضا بعد الآخر يسمح لهم بممارسة دورهم الإدارى دون تعقيدات رقابية منك و دون أى حق لك فى التدخل و ذلك حرصا على تيسير عملهم .. و قد قبلت منهم تبريراتهم لفشل المشروع – فى زعمهم – بسبب تقلبات الأسواق و إنخفاض قيمة أسهمك فيها بشكل عام .. كما أنك تقبلت إتهامهم لك بأن توانيك و تكاسلك فى العمل كان سببا فى الخسائر التى منيت بها إستثماراتك المختلفة رغم الكفاءة غير المشكوك فيها التى أداروا بها هذه الإستثمارات عبر السنين..

لقد باع بعض هؤلاء السماسرة جزءا من محفظة أوراقك السياسية سابقا و ذلك مقابل فك رهنية بعض ممتلكاتك الثمينة التى سبق لهم خسارتها على طاولة القمار .. وقد أقنعوك حينها أن ممتلكاتك هذه ستعود إليك كاملة و ما عليك إلا أن تبيع بعضا من أوراقك ذات الملكية المشتركة و أن الشارى سيتحمل عبء التفاوض مع شركائك من أجل شراء حصصهم و أنه يؤكد أن هؤلاء الشركاء سيحصلون بدورهم على كافة ممتلكاتهم المرهونة .. و كلها رهنت بالطبع وفاءا لدين القمار المشار إليه سابقا..

المشكلة أن التعاقد الذى وقعت عليه لم يمنحك حرية كاملة فى التصرف بممتلكاتك التى إستعدتها نظريا و بدا أن أحد البنود يسمح بإعادة الحجز على هذه الممتلكات فى أى وقت وفقا لتقدير الدائن رغم أنه من المفروض أنك قد قمت بسداد ديونك كاملة بالفعل!! .. فى المقابل تعثرت مفاوضات الشارى مع بقية الشركاء و فى حين حصل أحدهم على شروط لفك الرهن مشابهة لحالتك إلا أن البقية لم يمنحوا نفس الشروط .. رغم أنك قد وعدت سابقا بأن الشروط ستظل ثابتة..

و اليوم أنت مطالب ببيع أى أسهم تبقت لك فى المشروع كما أنك مطالب بالضغط على شركائك للقبول بالشروط المتاحة لفك الرهن عن ممتلكاتهم و بمقتضى هذه الشروط سيحصلون فقط على جزء من ممتلكاتهم و ستكون لهم حقوق محدودة فى التصرف بهذا الجزء .. و الغريب أنك فى البداية قد دعيت إلى حضور التفاوض كوسيط خاصة و أن شركاءك كانوا حتى وقت قريب يثقون بك و لكن حيث أن السماسرة الذين يتولون أمورك قد نابوا عنك فى الحضور و قاموا بممارسة ضغوط غير قانونية على الشركاء و ذلك مقابل عمولات أزجيت إليهم من تحت الطاولة فقد تدنت بشدة مصداقيتك لدى شركائك .. و مع تدنى المصداقية و تحول دور الوساطة التطوعى إلى إلزام قد يؤدى عدم الوفاء به إلى محاذير شتى فإن السماسرة قد أوضحوا أن عليهم أن يرفعوا من حدة ضغوطهم التى يمارسونها بإسمك على شركائك حتى إذا إسفرت تلك الضغوط عن إلحاق أذى شديد بشركائك هؤلاء!!

لا شك و أنك فى مأزق صعب عزيزى المستثمر و بتعبير خبير عالمى:
You’re in deep shit.
و النصيحة الأولى للخبير العالمى هى:
Fire the mother fuckers porkers, you miserable fool!

الثلاثاء، 9 يونيو 2009

حدوتة عربية ..

تخيل كده إن جدك لما مات فات لأبوك حتة أرض .. قوم فى يوم أغبر دخل الأرض بلطجى حط إيده على حتة منها .. طبعا أبوك ما سكتش و قامت بينهم عركة .. إتلم فتوات البلد و حراميتها اللى موالسين مع البلطجى و همه فى الأصل اللى إتفقوا معاه يمكنوه من الأرض .. و عشان يفضوا العركة قالوا إحنا نعمل مجلس عرب و نحل هاذوها المشكلة .. و فى المجلس المضروب اللى ما كانش لحد من أهل البلد فيه كلمة الفتوات إتفقوا إنهم يقسموا الأرض بالنص بين أبوك و البلطجى .. أبوك طبعا ما عجبوش الكلام ده و قامت العركة تانى .. جه البلطجى راح فاتح دماغ الوالد مسيح دمه و حوط على نص الأرض ..

و بعد كام سنة لبد البلطجى لأبوك فى الدرة و نشه عيار جاب أجله و عنها و راح مكوش على الأرض بحالها .. و من أياميها و إنت ياولداه داير على المحاكم تدور على حقك فى الأرض .. و بعدين و لاد الحلال .. اللى همه ذات نفس الفتوات قالولك إنه ما فيش حل غير إنك تكتب عقد مع الفتوة تعترف فيه إن نص الأرض من حقه عشان يسيبلك النص التانى .. بس الفتوة مش راضى و قالك ما أنا قاعد باكل و أشرب و أئح فى الأرض براحتى أسيب نصها بتاع إيه .. قوم برضه ولاد الحلال قالولك طب سيبله تلتين الأرض و إحنا نحنن قلبه عليك عشان يسيبلك التلت اللى فاضل .. و حتى هاذوها اللحظة البلطجى حبة يقول موافق و حبة يقول لأ ما لوش عندى حاجة..

بالعقل و المنطق كده المفروض جنابك تعمل إيه؟

1 – تماين على أمل إنك تطلع بحتة من الأرض على ضمانة الفتوات و الحرامية و ثقة فى نزاهة و شرف البلطجى..
2 – تفضل مرابط جار الأرض و تزقل البلطجى بالطوب و تقرف اللى خلفوه فى عيشتهم لغاية ما يطلع من الإرض و معلش ها تاخدلك كل يومين علقة ..

طبعا فاهمين أنا بتكلم عن إيه .. و طبعا ها يطلع فلحوص يقوللى بس الصراع العربى الصهيونى أعقد كتير من الحدوتة الخايبة بتاعتك دى و العلاقات الدولية بتقوم على شرعية قرارات الأمم المتحدة و أبصر إيه..

مع إحترامى لكلام أى فلحوص .. برضه أصل الحكاية و خلاصتها ما يفرقش كتير عن الحدوتة .. الأرض فى الأصل لينا وارثينها أبا عن جد و وجود البلطجى عليها غير شرعى و باطل .. و قرارات القلل المنتحرة ما لهاش شرعية دولية لأن المتحكم فيها خمس دول ما حدش إختارهم و خلاهم ينوبوا عن دول و شعوب العالم فى تقرير مصيرهم و مش من حقهم أن يعطوا مالا يملكون لمن لا يستحق.. أما كل المعاهدات اللى حكامنا بصموا عليها بحوافرهم فمجرد ورق يمسحوا بيه لا مؤاخذة زير آسس بعد الإستعمال .. و ده لأن ما حدش كان خد رأينا فى المعاهدات دى و لأن اللى بصموا عليها ما حصلش إننا إخترناهم أو بايعناهم و لو كان ليهم ظل من شرعية يبقى الشرعية دى إنتهت فى لحظة ما فرطوا فى حقوقنا..

و يمكن فلحوص تانى يقول .. ما إحنا عارفين الحكاية دى.. جاى تعيد فيها تانى ليه؟

يا راجل .. عارفينها؟ .. بأمارة إيه ؟ .. بصراحة مش باينلكم عارفينها .. أو عارفين و ناسيين .. أو يمكن فاكرين بس عاملين ناسيين .. أمال تسميه إيه كلام الناس الأيام دى ؟ .. و تسميه إيه الهبل اللى حصل فى زيارة الحاج بن حسين أوباما اللى الناس أغمن عليها من الفرح لما قالك إنه هيعمل جهده لتحقيق حل الدولتين .. هوه مش حل الدولتين ده يعنى نسيب للبلطجى أكتر من نص أرضنا و ده لو رضى و سامح؟ ..

فلحوص تالت بقى يتنحرر و يزع فيه .. إنت يا جدع إنت عايزنا نحارب تانى و ألا إيه؟ .. ده الريس بحكمته حافظ على البلد تلاتين سنة من غير حرب .. هو إحنا حمل حروب تانى؟

بذمتك ما إنتش مكسوف من نفسك ؟ .. طب وحياة طنت فكيهة و إن شالله أعدمها بدرى إن 90% من البلد المريضة دى كانوا عايشين أيام الحرب أحسن ميت مرة من أيامينا الغبرة دى .. ده اللى يشوف حال البلد و خرابها بعد التلاتين سنة حكمة و سلام يقول إنها خارجة من حربين و 3 مجاعات على عشرين زلزال و كام وباء مستوطن.. يعنى بعقلك كده .. الضنك و الهم اللى إحنا فيهم دول يستاهلوا ندفع تمنهم إننا نفرط فى أرضنا و عرضنا و نتذل للى ما يسواش؟

فلحوص رابع إنما من النوع المثقف القارى يقول .. يا بنى بلاش شعارات خايبة .. السياسة هى فن الممكن .. إحنا حالنا دلوقت ما يسمحش بإننا نطالب بحقنا كله .. و العقل بيقول ما لا يدرك كله لا يترك جله..

ما شاء الله.. يعنى هو حالنا دلوقت مستحيل أكتر من حال اليهود من قرن فات؟ .. و مع ذلك همه فضلوا يبرموا لحد ما طلعوا بدولة من الهوا من غير ما يكون لهم حق فيها .. يعنى همه اليهود أحسن مننا فى إيه ؟ .. ده حتى إحنا عايزين حقنا و مش عايزين ناخد حاجة مش لينا .. و إذا كان الوقت مش مناسب أدينا صابرين و مستنيين لحد ربك ما يعدلهالنا بناس غير الناس و زمن غير الزمن و إن نفذ أمر كريم فى عبده أولادنا و أحفادنا من بعدنا .. بس إحنا ماننساش حقنا و ماننساش الحدوتة .. بسيطة بس فيها الخلاصة .. لأن الحقوق مش محتاجة تتحكى فى كلام كتير و لأنها واضحة بنفسها .. و حقوق الشعوب يا سادة لا تسقط بالتقادم..

ملحوظة أخيرة .. عارف إن الكلام أعلاه ممكن يكون تبسيطى جدا أو حتى ساذج .. بس الأيام الأخيرة علمتنى إنى أنزل بسقف توقعاتى بخصوص عقلية الناس اللى محتاجين يتقال لهم الكلام ده .. كل أملى إن واحد أو إتنين منهم يعدى هنا يمكن أنجح فى تذكيره بحقيقة الحق اللى لينا فعلا و اللى بالإمكان نوصله فى يوم من الأيام و مش مضطرين نبيعه رخيص لأنه عمره ما رخص لكن إحنا اللى بيعدى علينا أيام بنرخص فيها..

الأحد، 7 يونيو 2009

على هامش الخطاب ..

منذ عدت إلى القاهرة بعد إجازتى القصيرة خيم على نفسى إحساس باليأس و الإحباط و الهم المقيم.. تجولت بين المدونات التى أهتم بقراءتها و كتبت تعليقا هنا و آخر هناك و لكن شعورى ظل هو ذاته و أغلب الظن أن ما قرأته قد فاقمه أكثر ..

قرأت بعضا من مقالات روبرت فسك على موقع الإندبندنت البريطانبة فإزددت نكدا و أصابتنى تعليقات قرائه الغربيين بقرف شديد ..
حاولت مرارا طوال ساعات الصباح و المساء بالأمس أن أكتب تدوينة جديدة و لكنى فشلت فى أن أتم كتابة ما بدأته و خلال ذلك كانت تلك الصورة الذهنية التى كونتها للزعيم الراحل سعد زغلول على فراش الموت و هو يقول "مافيش فايدة" تترائى لى مرة بعد أخرى ..

كنت قد أخذت على نفسى عهدا بألا أتحدث عن زيارة أوباما أو خطابه إلى العالم الإسلامى من تحت قبة جامعة القاهرة .. و لكن الزيارة و الخطاب و تعليقات الجميع عليهما و حواراتهم عنهما طاردتنى فى كل مكان حتى خنقت أنفاسى ..

كانت قراءتى لنص الخطاب عدة مرات مقرفصا فى الكرسى الضيق للباص الذى حملنى إلى القاهرة قد أشعرتنى بقدر من الرضا عن الذات .. فالرجل لم يخيب ظنى فيه و لم يقل شيئا لم أكن أتوقعه .. لذا فقد هنأت نفسى على صدق توقعاتى و سمحت لها بالتمادى فى قراءة غيب المستقبل القريب فتنبأت بأن الخطاب سيلقى ما يستحق من الإهمال كونه خرج بمحصلة المعادلات الرياضية التى تحتوى دائما على قيم موجبة مساوية لما تحتويه من قيم سالبة .. و لمن لا علم له بالرياضيات فإن ذلك يعنى أن جميع المعادلات محصلتها فى النهاية صفر .. و لكن موهبتى المكتشفة حديثا فى التنبؤ بالمستقبل لقيت حتفها مبكرا فالخطاب الذى لم يخرج عن كونه إستعراضا منفردا لمهارة تنطيق الكرة عددا متساويا من المرات على كلتا القدمين نجح فى إثارة إهتمام كبير بين المهللين الفرحين و كذلك بين الساخطين و الغاضبين .. و بدا لى فجأة أنى إنفردت وحدى بموقع اللا مبالى .. و كان أن قرأت الخطاب مرة أخرى و لكن بالإنجليزية هذه المرة متشككا فى أن تكون الترجمة إلى العربية قد أفقدت الخطاب رونقه الذى إستدعى كل هذه الإثارة .. و لكنى مرة أخرى لم أرى جديدا!

إنى لأقسم أن الرجل لم يقل شيئا يستوجب الفرح أو السخط فهو فى تقربه من مستمعيه كان مبتذلا و تقليديا بشكل لا يخدع عجوزا قروية تعانى من الزهايمر و فى المقابل لم يخرج فى تجاهله للحقائق و فى مساواته بين الضحية و الجلاد عن تراث أسلافه.. فأى جديد رآه الناس فيما قال؟..

السبيل الوحيد لتفسير تلك الظاهرة هى أن الجميع يمارسون مبررات وجودهم كل على طريقته و هم فى النهاية لا يقومون بذلك نتيجة لما قاله أوباما أو لم يقله بل يقومون به بغض النظر عن أى شيئ .. لقد بيت البعض النية لأن يكونوا معجبين مصفقين و مهللين و ربما متمايلين طربا و راقصين أيضا فى مولد سيدى أوباما المنتظر .. فى حين بيت البعض الآخر النية لأن يكونوا ساخطين و رافضين و لاعنين لأوباما الدجال .. و إنما يفعل جميع هؤلاء و أولئك ما يتوقع منهم و ما يبدوا متسقا مع ما أرتضوه لأنفسهم من أدوار فى المسرحية اليومية التى لا سبيل فيها إلى خروج عن النص أو إرتجال .. و لو أن أوباما كان شيطانا بقرنين لهلل له المهللون .. و لو أنه كان ملاكا بجناحين للعنه اللاعنون .. و لكن أن يتجاهلوه أو يضعون حديثه موضع الإهمال الذى يليق به فذلك ما لا مكان له فى النص الذى يلتزمون به و هو يستوجب منهم ملأ فراغ المسرح بجديد يبتدعوه و يرتجلونه إرتجالا بل ربما يضطرهم إلى تبادل الأدوار أو أسوأ من ذلك محاولة إكتشاف أدوار جديدة لهم .. سيكون عليهم حينها أن يصطدموا بحقيقة أن واقع الحياة يحتمل أن تلعب دورا لا تكون فيه مهللا أو لاعنا .. بل إنه حتى يسمح لك بأن تؤدى أدوارا لا تكون فيها رجع الصدى و رد الفعل .. أدوار تكون فيها فاعلا و لست منفعلا أو مفعولا به.. و لكن مثل تلك الأدوار بالطبع تبدو صعبة خاصة و أنها تستلزم دائما أن تكتب النص بنفسك و أن تجد السبيل إلى حبك مسار القصة بنفسك و هذه أمور لم نتعلمها و لم يسبق لنا تجربتها فالأفضل ألا نغامر و لنعد إلى النص:

الكورس على اليمين: تصفيق حاد...

الكورس على اليسار: يييييييييييييييييييييييه..