الأحد، 31 مايو 2009

فاصل ثم نواصل...

طبعا أنا مش عايش فى الوهم و فاكر إن الناس مقطعة بعض على باب المدونة قوم يعنى لو غبت يومين ها يحصل هرج و مرج و ينزلوا إعلان..

إرجع يا خيشة و جيب اللى خدته و المسامح كريم ..

بس برضك من باب الإحترام للتلاتة قول أربعة اللى أحاطونى بإهتمامهم فى بداياتى التدوينية المتعثرة و اللى ينكن يتساءلوا : هو الراجل السمج اللى كان بينط يعلق فى مدونات الناس و ياخد راحته و يكتب فيها أكتر ما بيكتب فى المدونة بتاعته راح فين؟ ..

لهؤلاء و لمن يهمه الأمر بقول لهم إنى قررت أريحهم من سماجة بوستاتى و تعليقاتى و صلاطاتى و بابا غنوجى لمدة إسبوع ..

أصل عقبال عندكوا واحد بلدياتى شدلى مكتوب قاللى إن ماسورة مية ضربت عندهم و المحافظ ربنا يكرمه أجر الرصيف لشركة إستثمارية عملته بلاج سياحى بس لما تبين إن الماسورة اللى ضاربة ماسورة مجارى قلبوه بلاج شعبى بأسعار مخفضة ..

فقلت يا واد ما بدهاش نخلص من زن العيال و أمهم : عايزين نصيف .. عايزين نصيف.. و أهو ناخدهم يبلبطوا يومين و أزلهم بيها خمس سنين قدام..

و أهو منها الواحد يخلع من القاهرة قبل ما أوماما ييجى و يقفلهالنا .. مش ناقصة كرشة نفس و مرمطة فى المواصلات..

و على ذلك أنتهز هاذوها الفرصة و أحيى الإخوة و الأخوات اللى عبرونى بالزيارة و التعليق على الخربطة اللى أتحفتكم بيها .. و أخص بالذكر أختى الصغيرة الصعيدية مروة اللى خلتنى أحس إن الجيل الجديد لسه فى أمل مش عمر بس .. و أكيد أختى الفاضلة مى اللى نفسى تعمل مدونة عشان أروح أكتب تعليقات عندها .. وطبعا ها أشكر أخويا اللدود المراكبى رغم إنه بييجى يعلق غصب عنه ..

طبعا مش هاقول أسامى كل اللى جم و علقوا .. إعزنهم كتير.. بس همه عارفين نفسهم و لهم كل شكرى و إحترامى..

تحياتى و أشوف وشكم بخير إنشاء الله ..

الثلاثاء، 26 مايو 2009

براءة لديموقراطية الخرفان...

إوعوا حد يفتكر إنى ما بحبش الديموقراطية.. بالعكس أنا مؤمن إلى حد يقرب من اليقين إن الديموقراطية الحقيقية – ديموقراطية نعملها إحنا و نختارها بنفسنا – هى الحل الوحيد لكل أنواع البلاء اللى عايشينها و اللى عايشناها بدرجات متفاوتة طول السبعتلاف سنة حضارة و إستبداد اللى فاتوا ..

لكن الديموقراطية أنواع.. و فى حاجات كتير بتوصف بالديموقراطية و هى لا فيها ريحتها و لا لونها و لا حتى تقرب لبنت خالتها من بعيد .. مثلا الحزب الوطنى الديموقراطى .. كلنا عارفين إنه ما هوش على علاقة بالديموقراطية و لا حتى كان ماشى معاها .. طبعا بالإضافة إلى إنه لا هو وطنى و لا هو حزب أصلا..

أم الديموقراطية و ريسة العالم الحر أمريكا باشا واسعة و فسيحة و مليانة تناقضات .. زى مثلا إن الفرق الأساسى بين الحزبين الكبار هناك إن حزب بيدافع عن حرية إقتصادية كاملة و بدون حدود بس بيرفض الحرية الإجتماعية و الحزب التانى بيدافع عن حرية إجتماعية كاملة و بدون حدود بس عايز يقيد حرية الإقتصاد و عايز تدخل أكبر للدولة لتنظيمه .. بس الأكادة إنهم الإتنين بيقولوا إنهم بيدافعو عن الديموقراطية و عن ضرورة نشرها فى كل مكان فى العالم و عشان يبرروا للمواطن الأمريكانى الفلوس اللى بياخدوها من جيبه و يصرفوها على مغامراتهم و عربداتهم فى الخارج بيفهموه إن نشر الديموقراطية بيؤدى إلى الحفاظ على الأمن الأمريكى .. إزاى بقه؟ .. لأن الشخص الديموقراطى شخص حبوب و ما بيحبش يضر حد و بيقبل بالتفاوض بدل الحرب و الحلول السلمية مش الإرهابية.. يعنى ببساطة لو إن كل الدول المتخلفة ولاد التييت بقت دول ديموقراطية ها تبقى دول مستأنسة ما تعضش أمريكا و لا تهبر بقيت الدول الديموقراطية المتحضرة البريئة زى إسرائيل مثلا.

نفس الطريقة بتستخدم لإقناع الأمريكان بضرورة دفع معونات لبعض الدول و الأنظمة و ضرورة فرض نظام السوق الحر و الرأسمالية على دول العالم .. ليه بقى ؟ .. لأن الشخص الرأسمالى برضه مسالم و حبوب بطبعه لأنه يهمه يتبادل المنفعة مع أخوه الإنسان .. يعنى ياخد فلوسه مش يقتله لأنه لو مات مش ها يعرف ياخد منه فلوس بكره..

طبعا الديموقراطى المسالم طحن اللى النخبة السياسية فى أمريكا بتروج ليه ما لوش وجود .. لأن ما فيش علاقة بين إنى أكون ديموقراطى و إنى أسيب حقى أو أسمح بالإعتداء على سيادتى جوه بيتى .. الحاجات دى لا مؤاخذة مش عايزة ديموقراطى دى عايزه خروف .. و لأن السياسة الخارجية الأمريكية بتبحث عن خرفان للتعامل معاها فبيحصل معظم الوقت إن الخرفان دى ما بتكونش ديموقراطية .. و دى مشكلة لأن المواطن الأمريكانى بيرجع يقول الله إنتوا مش قلتوا إنكوا بتنشروا الديموقراطية عشان تحموا الأمن الأمريكى أمال ليه بتتعاملوا مع أنظمة مستبدة؟ ..

طبعا ما فيش إجابة سهلة و واضحة هنا .. لأن لو قالولو الحقيقة ها يرجع يقول طيب لما ممكن نتعامل مع أنظمة إستبدادية و الديموقراطية مش شرط يبقى ليه مثلا يعنى مثلا خادتوا عيالنا يحاربوا فى العراق عشان نعملهم نظام ديموقراطى هناك؟ .. ما هو النظام المستبد بتاع صدام ما يفرقش كتير عن أى نظام مستبد تانى و الراجل كان قايد صوابعه العشرين شمع قبل ما يتخبط فى عقله و يغزو الكويت .. و و و حاجات تانية كتير ما حدش ليه مزاج ينكش فيها .. و بالتالى الإدارات الأمريكية بترد تقول إن إحنا بنضغط على النظم المستبدة دى عشان تصلح و توفق أوضاعها .. و عشان الإدارة الأمريكية من دول ما تطلعش كدابة قدام الجمهور اللى دافع و قاطع تذاكر عندهم يبقى لازم من وقت للتانى تميل على خروف من الخرفان و تقوله لايمها شوية فك إيدك حبتين إديها شوية ديموقراطية تديك طراوة كده يعنى ..

الحق لله مش كل خروف غبى.. يعنى هوه خروف آه بس مش حمار .. و عشان كده النظم اللى عايشه فى خير ماما أمريكا عارفة كويس ترضيها إزاى و إيه الطبخات الحلوة اللى ماما بتحب تاكل منها بمزاجها .. فى نفس الوقت النظام من دول مش هايأكل ماما الشاورمة و ياكل هوه لا مؤاخذة على قفاه .. يبقى يعمل إيه؟

هوه إنتوا مش عايزين ديموقراطية من اللى هى .. طب خد عندك إنتخابات رئاسية و أيوتها حد معدى فى الشارع يخش يقدم أوراق ترشيح .. و خد عندك صحف بتشتم بالأم و الأب و آخر أباحة .. و الزغلول الكبير منافسة عنيفة و وصيف للريس فى الإنتخابات .. بس خد بالك الكلام ده عشان الأمريكان يصدقوه لكن واحد من العيال النص لبه يفتكر نفسه زعيم .. لأه يا عووومر .. ده إحنا اللى جبناك و نضفناك و قيفناك على أحلى صورة بتحبها ماما تقوم عايز تروح تقعد على حجرها و تنطر أسيادك؟..

و طبعا قضية و سجن لواحد .. و قضايا و منفى للتانى .. و كل ده له كذا ميزة..

أول هام .. ذكرى و تنبيه لكل شخص إنه فى النهاية تحت صباعنا و لو حبينا ممكن نفعصه..

تانى هام.. برضه لازمن ماما أمريكا تحس إن الناس اللى عندنا دول معارضين بجد و ناس بتناضل و تخش سجون و تهرب برة البلد و أفلام ..

تالت هام .. يبقى عندنا كارت و إتنين نطلع بيهم و نفنجر .. يعنى الواد اللى إحنا كارهينه و عدو النظام الأول و رغم إننا حابسينه بسيادة القانون و عدالة القضاء الشاااااامخ .. لجل عيون الجميل يطلع من السجن .. و الجدع إبن التيت اللى مشنع علينا فى كل حتة و بيجيب فى سيرتنا و سيرة عيلتنا و ولاد الحلال رافعين على أمه 16 قضية و كله برضه بالقانون و القضاء الشاااااامخ .. لجل العيش و الملح و الخطوة العزيزة يطلع براءة من قضية منهم..

أهم حاجة بقى فى أى واد من دولهمه إنه يكون من أنصار ديموقراطية الخرفان اللى ماما أمريكا بتحبها .. ليه بقى؟ عشان الست تحس إنه بديل ينفع برضه يمارس المهام الخرافية و بالتالى تحبه و تتبناه و يبقاله قيمة فى نظرها .. و ده برضه ليه كذا ميزة:

أول هام .. إن رفع الأذى عن حبيب ماما يبقى كارت له قيمة و ينفع نلاعبها بيه فى الوقت المناسب..

تانى هام .. إن ماما ما تبصش كده و لا كده و شيطانها يوزها تروح تفتح كلام مع ناس تانية فى البلد من الصنف الحقودى الأصلى و اللى منه خوف بجد و إحتمال يكون له شعبية..

آخر الكلام بقى .. يا ترى إحنا علاقتنا إيه بالكلام ده؟ .. و لا حاجة .. بالظبط كده .. أنا باحكى الكلام ده كله عشان أقول إننا ما لناش دعوة و لابد نفهم كده و كام حاجة تانية:

أولا .. نوع الديموقراطية الوحيد المصرح بتصديره من أمريكا لشعوب العالم التالت المضروبة بالنار هو ديموقراطية الخرفان..

ثانيا.. أى واحد من حبايب ماما أمريكا ليس بديلا حقيقيا للنظام و هوه كارت محروق و الرهان عليه خيبة..

ثالثا.. مش بس أمريكا بتصدرلنا ديموقراطية مغشوشة.. أمريكا لو قدرت ها تمنع تصنيع أى ديموقراطية حقيقية فى بلدنا لأن ده فيه خطر داهم على مصالح ننوسة عين ماما إسرائيل و على مصالح ماما شخصيا..

فى النهاية مبروك لفتى الديموقراطية الأول و عقبال الستاشر قضية اللى فاضلين و بنهديله أغنية .. إرجع يا سوسو أمك إصطلحت..


الجمعة، 22 مايو 2009

رسالة إلى أوباما

معلش مش هاقولك السلام عليكم عشان إنتوا بتفهموا الحاجات دى غلط و آخر واحد قال توكلت على الله إفتكرتوا إن قصدوا ياخد الطيارة و ينزل فى البحر عشان ينتحر .. برضه معلش مش ها أقولك أهلا بيك فى مصر .. لأنى بصراحة ما طلبتش منك تيجى و الناس اللى بقالهم شهرين مقطعين عليكم الأعتاب و هات يا بوس أيادى و لحس جزم عشان جنابك تتكرم و تتعطف و تتنازل و تشرف مصر بزيارتك الكريمة.. الناس دى لا تمثلنى و ما حصلش إنى فوضتهم فى الكلام على لسانى و لا حصل أصلا إنى إنتخبتهم عشان يحكموا البلد بالنيابة عنى..

و لو كان الأمر بإيدى ما كانش ممكن أدعوك تيجى مصر خصوصا بالطريقة اللى إنت عايزها .

ليه بقى؟

أقولك ليه .. لأن جنابك فكرت و قدرت ثم فكرت و قررت إنك عايز تقول بقين كلام حلوين و مترتبين للجماعة المسلمين عشان يعرفوا إن أمريكا بتحبهم و قصدها تساعدهم و إنها مش ضد الإسلام أو المسلمين لكنها بتحارب السفلة الإرهابيين اللى بيهددوا أمنها و أساليب معيشتها .. وطبعا ده كله كلام جميل بس للأسف مجرد هجص ما لوش معنى..

ليه بقى؟

أقولك ليه.. لأن جنابك زى غيرك من اللى قبلك و من أيام الحاج ويلسون ربنا يبشبش الطوبة اللى تحت راسه بتفكر بينك و بين نفسك و تيجى تكلمنا .. يعنى ؟.. إنت بتقعد فى أوضة ضلمة و تشغل السيمفوكية الرابعة بتاعة بيتهوفن اللى كلها أمل و إشراق و مشاعر حلوة و تبدأ تسأل نفسك ياترى المسلمين ولاد التيت دول عايزين إيه؟ ..و مع ألحان الأداجيو فى الحركة التانية يبدأ ذهنك يتفتق على أفكار نيرة و تبدأ بحماسة الأليجرو فى الحركة التالتة تصيغ الأفكار دى فى كلام كبير و عبارات براقة مع فينالى معتبر مع الأليجرو أندانتى فى الحركة الرابعة..

المشكلة فى الكلام ما بينا إنه من طرف واحد .. حضراتكم بتتكلموا و إحنا نسمع و اللى ما يسمعش يبقى بالجزمة .. و الفرق بينك و بين مبعوث العناية الإلهية المقدس بوش التانى إنه لما كان بيشألظ كلامه لينا كان بيسمع سيمفوكية ضربات القدر مش السيمفوكية الرعوية.. و فى الآخر هوه كان عايز يبيدنا زى ما رعاة البقر أبادوا الهنود الحمر و إنت عايز تستخرفنا يعنى تحولنا لخرفان فى حظيرة الرعاية الأمريكية الحنون..

الكلام يا باشا المفروض يبقى أخد و عطا .. يعنى إنت تتكلم إحنا نسمع و إحنا نتكلم إنت تسمع .. و ما تقوليش إنك سمعت من قادة المنطقة حكماء زمانهم و الأزمنة المجاورة و اللى حكمتهم وسعت غيطان الأتة المحلولة و إرتفعت إلى ذرى جبال الكوسة المقورة.. لأن الناس دى و إنت عارف همه مجرد قلل فخار متكسر على بعضه و اللى بتسمعه منهم هو رجع الصدى لصوتك مش أكتر..

و لو سعادتك حسن النية بصحيح ما كنتش تقول أنا عايز أتكلم فى المسلمين و العرب لأ كنت تقول عايز أتكلم معاهم و ده معناه إنك بعد السنين اللى فضلنا نسمع فيه كلامكم يبقى جه الدور عليك تسمعنا و أقل الإيمان تحاول تعرف يا ترى إحنا عايزين منكم إيه .. طبعا هاتقوللى : يعنى هاتكونوا عايزين إيه؟ كارت أخضر أو لجوء سياسى ما هو إنتوا يا جعانين عايزين تيجوا تاكلو مم عندنا يا زهقتوا من كتر ما خدتوا على قفاكم وعايزين تيجوا تستمتعوا بمناخ الحرية بتاعنا.

أكيد إنت ليك حق تقول الكلام ده لأن اللى بييجى عندكو من شعوبنا التعبانة هما الصنفين دول .. و معلش فى دى الكلمة يعنى السيد الوالد ما يتخيرش عنهم ده حتى من بلد تعبانة أكتر من بلادنا و الحاج جوز ماما ما هو برضه من ذات نفس العينة وبعدين يعنى هو إحنا إخترنا لنفسنا الفقر و القهر و ألا أياديكم البيضاء علينا سابتلنا فرصة نخلص من القهر عشان نكافح الفقر.. و ده بقى يجيب الكلام للى إحنا عايزينه فعلا و اللى سواء كنت عايز تسمعه أو ما تسمعوش فأنا ها أقوله برضه..

شوف يا باشا .. اللى إحنا عايزينه من جنابك هو حاجة بسيطة جدا و مش هاتحتاج منك تزود فى الميزانية و تقف تستعطى من الناس بتوع الكونجرس و يفضلوا يذلوا فى أنفاسك على كل قرش زيادة .. لأ دى حتى ها تخفض فى النفقات بتاعتكوا و تساعدكوا تخرجوا من وحلة الأزمة الإقتصادية اللى إنتوا مش عارفين تعملوا فيها إيه..

إحنا يا باشا طالبين منكم إنكوا تسيبونا فى حالنا..

يعنى إيه؟.. يعنى تاخد الشباب و النساوين بتوع الجيش اللى بتصرفوا عليهم دم قلبكم يا عينى فى العراق و أفغانستان و ترجعهم لحضن أهاليهم صاغ سليم بدل ما بيرجعولهم ياحبة قلب أمهم زى السجق الإسكندرانى فى صناديق .. و أهو منها توفر اللى بتصرفوه عليهم و منه يرجعوا يشاركوا بعمل منتج ينفع بلدهم بدل ما همه قاعدين فى بلاد الناس كابسين على أنفاسهم و بيزودوا كرهنا ليكم يوم بعد يوم و مش فالحين غير فى إنهم يبقوا زى كانة البيبس الفاضية رجالة المقاومة المبتدئين بتعلموا النشان عليهم.

ها تقوللى بس إحنا لو خرجنا دلوقت يبقى مش هانقدر ندعم التجربة الديموقراطية فى العراق و هانسمح بعودة النظام المتشدد بتاع طالبان فى أفغانستان اللى بيمتهن حقوق المرأة و بيرعى الإرهاب..

طبعا إنت عارف كويس إن دول بقين حمضانين و الأكل منهم يجيب إسهال و وجع بطن .. وعارف إن لا الديموقراطية فى العراق تفرق معاكم و لا حريم أفغانستان حقوقهم تهمكم و الإرهاب اللى بتحكى عنه بعبع خلقتوه بنفسكم عشان تخوفوا بيه العيال الأمريكان.. و أصل الحكاية و ما فيها هى بترول العراق و أنابيب بترول وسط آسيا .. و من ورا ده هو إستمرار الإمبراطورية الأمريكية فى السيطرة على موارد العالم و حماية هيمنتها على أقدار الخلق فى كل مكان..

و بعدين لو فى إرهاب فعلا فإنت عارف الحل الحقيقى معاه إيه.. و فى ناس بتفهم عندكم بقالهم سنين إنبح صوتهم و همه بيقولوا إن ظواهر التطرف و الإرهاب فى الشرق الأوسط سببها القضية الفلسطينية و الأنظمة الإستبدادية.. ها تقولى ما إحنا بنرعى عملية السلام فى الشرق الأوسط و بنضغط على الأنظمة بتاعتكوا عشان تفكها شوية عليكوا..

إسمحلى بقى أسخسخ على روحى من الضوحك على البقين دول لأنهم أحمض من اللى قبلهم و ما يخيلوش على الست عيوشة اللى بتبيع بتنجان مقلى على ناصية الحارة..

ما فيش داعى نجيب سيرة الضغط بتاعكوا على الأنظمة لأنه طبعا كلام فارغ و ما حصلشى و مش ها يحصل و الدليل إن حكومتنا المضغوطة بالقوى لسة عاملة حملة عكشت فيها أعداد مجهولة من جماعة الإخوان و غيرهم و ده قبل زيارة جنابك مباشرة و لو كانوا يعرفوا إنك هاتزعل منهم لما يعملوا كده أكيد ما كانوش عملوه..

أما بقى دور الراعى الرسمى لخرفان عملية التسوية على النار الهادية لإبتلاع أراضى الضفة الغربية و حصار غزة بطرق غاية فى السلمية فده زى ما سيادتك راسى هجص صريح و حتى ما فيهش أى محاولة من طرفكم للظهور بمظهر محايد أو حتى حريص على العدل و حفظ الحقوق.. يعنى جناب سيادتك و بعد ما صرحت بعنترية بإنك هاتضغط على الدولة العبرية لوقف الإستيطان إديتهم 10% زيادة فى المعونة السنوية قبل ما حتى تقعد مع النتن بتاعهم اللى بدأ أكبر مشروع إستيطانى حولين القدس اللى الكونجرس بتاعكم و اللى فيه أغلبية ديموقراطية صوت فى قانون الميزانية على ضمانات تمنع أى شبهة دعم منكم لحق الفليسطينيين فى إنها تكون عاصمة دولتهم المستقلة..

و عشان نجيبها على بلاطة إحنا ما يلزمناش دوركم فى العملية الخايبة دى و الأفضل تسيبونا نصطفل مع ولاد عمنا و إحنا هانعرف نتصرف معاهم و همه مسيرهم يعرفوا إن إستمرار دولتهم مستحيل لأنها لا هى دولة و لا يحزنون و همه مش أكتر من مجموعة مهاجرين غير شرعيين بيحميها عصابة مسلحة بيسموها جيش قال إيه الدفاع علما بإنه لم ينجح يوما فى أى حرب دفاعية و حتى حروبه خارج أرضه من بعد 67 كانت كلها فاشلة و نتايجها مخزية.. و الحل الحقيقى الوحيد للقضية هو دولة واحدة إسمها فلسطين و عاصمتها القدس .. دولة ديموقراطية لجميع سكانها الحق فى ممارسة حريتهم الدينية و العقائدية و لجميع من ينتمى إليها حق العودة إليها و إستعادة أملاكه كاملة..

طبعا الحل ده ما يلدش عليك مش لأنه مرفوض من اللوبى الصهيونى و بس لكن لأنه بيتعارض مع مصالحكم فى المنطقة و اللى بتقتضى إنها تفضل فى حالة عدم إستقرار و تفضل ممر مفتوح لتحركاتكم و قاعدة تنطلقوا منها لتهديد كل بلد يدور فى خيال أمها إنها تتحدى سيادتكم على العالم.. يعنى بالمختصر المفيد المسألة مش مسألة مصالح دولة عادية لأ دى مصالح الإمبراطورية..

عايز بقى الصراحة .. عمر ما هايكون فى أمل للحوار بينكم و بين أى حد فى العالم ده إن ما كونتوش تتخلوا عن أحلام الهيمنة .. و صدقنى إنتوا مش مؤهلين لبناء الإمبراطورية اللى بتحلموا بيها .. و إذا كانت تجاربكم فى بلادنا شجعتكم بس لازم برضه تعترف إن التمن اللى دفعتوه و اللى لسه بتدفعوه أكبر بكتير من اللى كان فى بالكم .. و أكيد إنت عارف إنكم مش مستعدين تدفعوا التمن ده لو حاولتوا توسعوا نطاق عملياتكم أو حتى حاولتم تحافظوا على النطاق الحالى .. و إن كان فى بلادنا حاليا خرفان ما قدرتش غير على الصمت و ديابتكم بتاكل خروف ورا التانى منهم .. ففى فى العالم ناس تانيه ما هياش خرفان و دول عينهم عليكوا و مستنيين لما غروركم و هبلكم يجيب مناخيركم الأرض و لما تماسككم الداخلى ينهار تحت ضغط توسع خارجى إنتوا مش قده و ساعتها كل واحد منهم ها يخش ياخدلوا حته من مناطق نفوذكم .. أوروبا ها تاخد شمال أفريقيا و حتو من أوروبا الشرقية و تسيب الباقى لروسيا اللى هاتاخد معاه وسط آسيا و يمكن تكمل لغاية الخليج العربى حسب بقى إنتوا قدرتوا تخربوا قد إيه من المنطقة دى و طبعا الصين بدأت تنط من دلوقت فى أفريقيا و الهند مجهزة قنبلة ديموجرافية فى دول الخليج.. يعنى أهو كل برغوت على قد دمه..

بس الأكاده بقى إن إحنا الوحيدين فى العالم اللى مصالحنا فعلا معاكم.. عارف ليه؟ لأننا الوحيدين اللى هانخسر معاكم فى حكاية الإنتحار الهبلة دى و لأنكم مصريين تجيبوا قنبلة تربطوها على وسطكم و راسكم و ألف جزمة قديمة لتفجروا نفسكم عندنا.. و عشان ده كله ها أرجع أقولك .. سيبونا فى حالنا.. لموا عزالكم و إرحلوا و خد مبعوثين السلام بتوعك و أقعد فى واشنطن شوف مصالحك الحقيقية و مصالح الأمريكان الغلابة اللى لا ليهم فى التور و لا فى الطحين و لا همه عايزين هيمنة و لا إمبراطوربة و كل اللى فى نفس النفر منهم وظيفة حلوة و بيت فى الضواحى و عربية سبور ليه و فان للمدام وإنتوا عندكم أرض يرمح فيها العفريت ما يجيبش آخرها و كلها موارد و ثروات يعنى قادرين تحققوا أحلام شعبكم من غير المرمطة فى صحارى العرب و جبال الأفغان..

و أخيرا يا ريت تبوسلى البنات و ميشو و ياريت تخليهم يبروا نفسهم بشوية هبر لحمة لحسن شكلهم مش عاجبنى و العصعصة اللى همه فيها دى بتفكرنى بالعيال بتوع المجاعة فى أفريقيا و قول لميشو تفكها من الحديقة الأورجانيك بتاعنها دى و تزرعلها شجرتين تشيز برجر .

آه و كلمة فى سرك ياريت تحلل أنفلوانزا خنازير قبل ما تيجى إنت و الألف نفر اللى جايين معاك لأنى لا مؤاخذة ما أضمنش ولاد التيت بتوعنا يكشفوا عليكم و إنتوا داخلين ما هو إنت برضه ما يرضيكش الأذية و أصل إحنا لو واحد إتعدى منكم فى المطار الصبح هاتلاقى الإمام فى جامع حبكشة فى أسوان بيعطس فى صلاة الضهر..


الثلاثاء، 19 مايو 2009

الدكتور زويل و بلد البلالين

المقال التالى بقلم د. علاء الأسوانى نشر بجريدة الشروق صباح اليوم - الثلاثاء 19 مايو 2009 حكاية الدكتور زويل

قريت المقال.. طب لو ما قريتوش سايق عليك النبى تقراه..

هه؟ .. حاسس بإيه؟؟

أنا هأقولك أنا حسيت بإيه .. حسيت بغصة فى الحلق إتحولت فى الآخر لحسرة حانقة و خانقة و فضلت حوالى ساعتين مش طايق نفسى..

ها تضحك طبعا و تقوللى : على إيه ده كله و عامل فى نفسك كده ليه ؟ .. قلبك أبيض يا راجل.. هوه كان إيه الجديد؟ .. و يعنى إنت سايب كل المصايب اللى نازله على راسنا ترف و هاتموت روحك عشان أبصر مش عارف مشروع علمى و ألا أكاديمية .. يعنى لا مؤاخذة البتاعة دى كانت هاتعملنا إيه؟.. هوه إحنا لاقيين ناكل لما نعمل بحث علمى و نجيب دكاترة معاهم جايزة نوفل يعلموا الناس بتوعنا؟..

كل اللى ممكن أقولهلكم إن أكاديمية الدكتور زويل كن ممكن تكون شمعة إلهام مضيئة فى ضلمة الجهل المميتة اللى بقينا عايشين فيها النهاردة.. شمعة كان ممكن لهبها الضعيف يغرى شوية من العقول الشابة إنها تتجمع حواليها و تاخد من نورها و يمكن بعد كده يبقى واحد أو إتنين من العقول دى شموع جديدة و يصبح عندنا أمل فى حركة تنوير تبدد الضلمة واحدة بواحدة..

ليه أمل زى ده مش ممكن يبتدى من جوه مصر؟ ليه لازم ييجى بيه واحد زى أحمد زويل من بره؟

لأن يؤسفنى إنى أعزيكم و أقولكم إن العلم فى مصر قد مات .. مات و شبع موت .. و لا عاد ينفع معاه تنفس صناعى و لا أى وسيلة إنقاذ .. و عشان يرجع يكون للعلم مكان فى البلد دى أصبح ما فيش بديل عن إننا نعيد إستيراده من تانى زى ما كنا بدأنا نعمل كده من 200 سنه فاتوا..

موت العلم فى مصر أهم أسبابه هو توقف هذا البلد عن إنتاج أى عقول قادرة على التعامل مع العلم بأى صورة و لا حتى الحد الأدنى من صور التعامل و هى مجرد إحترام المتعلم العادى للعلم .. أصلا بلدنا توقف عن إنتاج أى شيئ ممكن نسميه عقل و بالتالى هو توقف عن إنتاج آدميين حقيقيين لأن تعريف البنى آدم هو "حيوان إجتماعى له عقل" و بدون العقل ما يفضلش لينا غير الحيوان الإجتماعى اللى هوه الإنسان المصرى المعاصر و ده حاجة تقع ما بين إنسان النياندرتال و الهوموسابينس..

من سنين فاتت كان ممكن نتكلم عن تدهور العملية التعليمية و بعدين كان المصطلح الأصح هو إنهيار العملية التعليمية .. دلوقت ما نقدرش نتكلم عن عملية تعليمية لأنه لا مؤاخذة .. بح ما فيش .. عندنا دلوقت أشباه مؤسسات عليها يفط هى العلاقة الوحيدة بينها و بين المدرسة لأنه مكتوب عليها كلمة مدرسة مش أكتر .. بين جدران هذه المبانى ناس ما عندهاش حاجة تديها لحد بينقلوا لأطفال أو مراهقين صغار خلاصة تجاربهم الضحلة فى التحايل على معيشة القهر باللجوء لألوان مختلفة من الجهل .. و من بين هذه الجدران يخرج الصغار و على أكتافهم بلالين منفوخة هوا و ملحوس عليها إنطباعات مبهمة لأفكار مشوهة .. و فى الجامعات .. إن كان ينفع نسمى الأماكن البائسة دى بإسم فيه كل إيحاءات العلم و البحث و إحترام العقل .. هه .. فى الجامعات تبدأ بلالين قديمة فى محاولة طبع بعض المعلومات المتلحوسة عليها على الأسطح الملساء للبلالين الجديدة .. و طبعا لأن عملية الطباعة دى بدائية و مضطربة فالنتيجة دائما إن قدر ما من المعلومات اللى كانت متلحوسة على البالونة القديمة بيضيع و ما بيتنقلش للبالونة الجديدة .. المهم عند كل البلالين هو إن فى نهاية المخاض العسير بتخرج كل باللونة من محراب العلم غير المقدس بتيكيت متعلق عليها .. دى مهندس و دى طبيب و دى محاسب أما دى بقه فخريج علوم ما تعرفش ممكن نعمل بيها إيه بس أهو عليها تيكيت و أهم حاجة هى التيكيت..

مشكلة الباللونة إنك مش ممكن تدخل فيها أى حاجة بعد نفخها و لأن سطح الباللونة ناعم و أملس و بيزحلق تقريبا أى حاجة تيجى عليه فما فيش غير نوعيات معينة من البوية الرقيقة جدا اللى من الممكن إنك ترسم بيها على الباللونة و طبعا ده فى حدود لأنك لو تخطيت الحدود ها تغطى على الحاجات اللى تم لحوستها على الباللونة قبل كده .. المحصلة إن الباللونة لا تقبل إلا لحوسة سطحية و إن الكاباسيتى أو السعة بتاعتها محدودة..

صعب إنى أعدد هنا كل المظاهر الحياتية اللى بتثبت إننا عايشين وسط مجتمع من البلالين .. مش لأنى مش هالاقى عدد كافى من المظاهر دى لكن لأنها أكتر من حصرها فى مكان زى ده .. بصوا حواليكوا و شوفوا أى حاجة بتحصل و أى حاجة بتنقال و إبدأوا طابقوها بفكرة الباللونة ها تلاقوها بتفسرها بشكل واضح و بسيط .. من أول مظاهر التدين الزائف اللى بتثبت إن ناسنا ماعندهمش القدرة على إنهم يفهموا دينهم صح و آخرهم ياخدوا مظاهر تناقضها سلوكياتهم اليومية .. و لغاية الفشل الذريع لحكومات الحزب الوطنى على مدى 30 سنة فى إنها تنجز أى شيئ .. صحيح فى حاجات كتير ما عملوهاش لأنهم أصلا مش عايزين يعملوها أو مش مهتمين يعملوها لكن حتى الحاجات اللى حبوا فعلا يعملوها و إهتموا بيها فشلوا فى إنجازها فشلا تاما .. حتى عمليات النهب المفرط عندنا لا تمارس بأى قدر من الذكاء و هى مفضوحة لأى إنسان عنده عينين أو عينين و نضارة..

خلاصتها .. إحنا فى بلد لم يعد فى حاجة إلى إجهاد نفسه بممارسة التغابى المتبادل بين الجميع لأنه قد أصبح للغباء فيه السيادة الكاملة .. و إذا حضر الغباء بطل التغابى .. و كل واحد ياخد باله من باللونته لا تفرقع..

الأحد، 17 مايو 2009

صلاح الدين.. الذكرى واجبة..

"لم يكن عهد صلاح الدين مجرد حلقة من حلقات تاريخ الحملات الصليبية. بل كان و احدة من تلك اللحظات النادرة و الدرامية فى التاريخ و التى أخلت فيها الشكوك و الأوهام المتولدة عن الطموحات الأنانية للأمراء مكانها لفترة وجيزة للعزيمة الأخلاقية ووحدة الهدف. بدون هذا الأساس لم يكن للجيوش الإسلامية أن تتحمل الصراع المرهق للحملة الصليبية الثالثة. و إن كان لهذا الإنجاز أن يرى و يفهم فى إطاره التاريخى فإن علينا أن نحاول إيضاح كيف – مستخدما ما أضطر إلى إستخدامه من موارد متاحة و فى ظل الظروف السياسية لعصره – تمكن صلاح الدين من أن يقهر العقبات التى حالت دون خلق الوحدة الأخلاقية التى رغم عدم كمالها قد أثبتت أنها بالقدر الكافى من القوة لمواجهة تحدى الغرب"

بهذه الكلمات يفتتح سير هاميلتون جب فصلا بعنوان "صعود صلاح الدين" فى كتاب "تاريخ الحملات الصليبية".. هذا الكتاب قد يكون الدراسة الأكاديمية الأكثر عمقا و تفصيلا التى تم إعدادها حول الحملات الصليبية.. و هو كتاب ضخم يقع فى أربعة مجلدات و شارك فيه عدد كبير من كبار أساتذة التاريخ فى الجامعات الأمريكية و الأوروبية المتخصصين فى هذه الفترة من تاريخ العالم.. و ربما يجدر بالذكر أن سير هاميلتون جب قد ولد فى الأسكندرية فى مصر.. و ربما يكون ذلك سبب إهتمامه بدراسة اللغة العربية و التخصص فى الدراسات الإسلامية و التى برع فيها إلى أقصى حد فكان أحد محررى موسوعة الإسلام فى طبعتها الثانية كما أن له كتابات أخرى أعتبرت لفترة طويلة المراجع الأساسية فى الغرب عن الإسلام تاريخا و عقيدة.

ربما لا نكون فى حاجة إلى كلمات مؤرخ غربى حتى ندرك تفرد الناصر صلاح الدين الأيوبى بين ملوك و قادة عصره بل و بين كافة من عرفهم تاريخ المسلمين من ملوك و قادة منذ نهاية عهد الفتح الأول.. و لكن شهادة مؤرخ غربى هو محايد على أفضل تقدير لها قيمتها فى فهم عظمة هذه الشخصية التى فرضت على أعدائها إحترامها و على التاريخ فيما بعد أن يفرد لها مكانا خاصا يميزها بين شخصيات هذا العصر المضطرب.

لماذا صلاح الدين الآن؟

و هل ثم وقت كنا فيه أمس حاجة إلى تمثل نموذجه و إلى فهم حقيقة إنجازه؟

حتى ندرك قدر إنجاز صلاح الدين ينبغى لنا أن نتعرف على بعض ملامح عصره التى كان لها أثر كبير فى طبيعة الصراع ضد الحملات الصليبية قبل و بعد صلاح الدين.. أهم تلك الملامح هو غياب الوحدة السياسية و النظام الإقطاعى و هما معا قد أديا إلى إصابة الشرق الإسلامى بالعجز فى مواجهة الحملات الصليبية و فى المقابل كان وجود نفس العاملين على جانب الصليبيين أيضا سببا فى تجمد توسعهم إلى حد كبير منذ حققوا أهم إنجازاتهم فى الحملة الصليبية الأولى و قد فشلوا فى تحقيق أهم طموحاتهم و هو الإستيلاء على مصر و كان التصدى لهذا الطموح جزءا من بدايات مسيرة صلاح الدين.

عندما وصلت الحملة الصليبية الأولى إلى الشرق كانت الخلافة العباسية قد فقدت أى سلطان سياسى لها منذ زمن بعيد و لم يكن الخليفة العباسى يحكم بغداد ذاتها.. كانت السلطة السياسية فى بغداد فى يد السلطان السلجوقى الذى فقد فى تلك الفترة سطوته هو الآخر و لم تكن سلطته الفعلية تشمل إلا أجزاء صغيرة من العراق.. أما سائر العراق و سوريا فقد تقاسمه عدد ضخم من أمراء السلاجقة أو أتابكهم و جميعهم فى صراع دائم فيما بينهم يتنازعون المدن الصغيرة و القرى و الحصون و بعضهم ينازع الخلافة الفاطمية فى الجنوب بقايا سلطاتها فى فلسطين بينما يحاول البعض الآخر فى الشمال التوغل فى أراضى الإمبراطورية البيزنطية دون أن يدخل فى مواجهة حقيقية ضد جيوشها.

النظام الإقطاعى كان هو الحل الذى توصل إليه أمراء و سلاطين هذا العهد للتغلب على المشكلة المتجددة لمطالبة الجند بعطائهم و العجز عن الوفاء به مما يؤدى إلى تمردهم و هو الأمر الذى ذهب ضحيته خلفاء و سلاطين كثر.. و يقوم النظام الإقطاعى على أن يتلقى كل أمير و قائد للجيش بدلا من راتبه إقطاعا و هو أراض أو قرى و مدن بأكملها يكون خراجها من نصيب ذلك القائد أو الأمير مقابل أن يضمن إستعداده للقتال على رأس قوة يترك له جمعها من الجند تحت لواء سيده الإقطاعى متى قضت الضرورة بذلك.

كان النظام الإقطاعى من جانب يدعم إستمرار التشرذم السياسى حيث يضمن إستقلال الأمراء الصغار بإقطاعتهم كلما ضعف سيدهم و من الجانب الآخر كان يحتم على أى قائد طموح أيا كان هدف طموحه أن يسعى إلى فرض سلطانه على أكبر مساحة ممكنة من الأرض حيث أن تلك الأرض هى وحدها ما يكفل له تجنيد جيش عامل فى الميدان.. و فى هذه الحقيقة نجد تبرير إحتياج صلاح الدين و إضطراره إلى قتال أمراء و حكام مسلمين و إصراره على أن يخضعوا لسلطانه إذ لم يكن ثم سبيل آخر لضمان أن يكون جنودهم قوة له لا عليه .. و قد كان درس ضرورة الوحدة مما تعلمه صلاح الدين من أستاذه نورالدين محمود الذى توصل إليه بدوره من خلال سيرة أبيه عماد الدين زنكى.
و سيرة هؤلاء الثلاثة الكبار فى تاريخ تلك المرحلة الهامة تؤكد درسا آخر و هو أن التجارب العظيمة فى تاريخ الأمم لا تنشأ من فراغ بل تأتى كنتيجة لتطور يمهد لها و يجعلها ممكنة.

لم يكن عماد الدين زنكى الأتابك حاكم الموصل مختلفا فى الحقيقة عن أمراء عصره.. كان أكثر طموحا و ربما أكثر قسوة و شراسة أيضا و كان همه توسعة ملكه و بسط سلطانه و لذلك فهو لم يعمد قط إلى مواجهة الصليبيين فى أوان قوتهم و إتحادهم و كان إنجازه العظيم ضدهم نتيجة فرصة ضعف و فرقة ألمت بهم فإهتبلها و إنتزع من أيديهم إمارة الرها أول إمارة لاتينية أسسها الصليبيون فى الشرق.
أتى نور الدين محمود إبن عماد الدين و خليفته مختلفا عن أبيه.. لقد وعى درس الوحدة الذى أوضحه إنجاز عماد الدين و لكنه أضاف وضوح الهدف الذى ألهمه إياه وازع دينى قوى و شعور بمسئولية الحاكم تجاه أمته هو الأول من نوعه فى ذلك العصر.. كان ذلك الإنجاز الأخلاقى هو أهم ما تركه نور الدين من تراث.. أهم من ضمه لدمشق التى إستعصت على أبيه و أهم حتى من تمكنه فى نهاية حياته من تحقيق حلم وحدة مصر و سوريا.

كان صلاح الدين وريث نور الدين الحقيقى و إن لم يكن من صلبه أو من أهله بل و لم يكن حتى من بنى جلدته.. كان نور الدين تركيا و كان صلاح الدين كرديا.. و لكنه نشأ فكريا فى كنف نور الدين و تشرب منه تلك الرؤية الواضحة للهدف و ذلك الوازع الدينى العميق الذى ترجمه إلى مبادئ و سلوكيات.. و ورث صلاح الدين بالطبع إدراك نور الدين لضرورة الوحدة لتحقيق الهدف و لذلك فقد أمضى نصف عمره يقاتل من أجل تحقيق الوحدة و إضطر فى أحيان كثيرة إلى الدخول فى صراع ضد ذرية أستاذه و إخوته.. و لذلك كله و عندما أتت الساعة الموعودة لم يتحين صلاح الدين فرصة الإنفراد بإمارة صليبية على حدة فى وقت ضعف لها بل واجه قوى الصليبيين موحدة و مجتمعة فى أضخم معركة عرفتها الحروب الصليبية و هى معركة حطين.. و قد كان نصره تاما و ساحقا حتى أن مدن الصليبيين و حصونهم قد خلت بعدها ممن له قدرة على الدفاع أو حمل السلاح و قد إستسلم معظمها دون قتال و صمد البعض لحصار قصير يسمح بالتفاوض حول شروط الإستسلام.. و ربما كان أعنف حصار هو ما شهدته القدس و لكنه إنتهى إلى إستسلام وفق شروط كان صلاح الدين فيها كريما غاية الكرم.

الدروس الإيجابية لسيرة صلاح الدين هى ضرورة الوحدة و إن إستدعت قتال الأشقاء فى بعض الأحيان .. و هى أن تجربة الكفاح الوطنى تنبنى على تطور يمهد لها و ليس بالإمكان أن تنشأ فى فراغ.. و هى أن وضوح الهدف ضرورى للوصول بالإنجاز إلى منتهاه.. و هى أخيرا و ليس آخرا أن الإلتزام بأخلاقية الصراع و نعنى بها شرعية الصراع و إستناده إلى الحق تحتم إلتزاما أخلاقيا فى المبادئ و السلوك.

درس سلبى وحيد ينبغى ألا نغفله و هو يبدو واضحا فى سيرة القادة الثلاثة و يتبدى بشكل أكثر فداحة فى سيرة أعظمهم و أهمهم و هو صلاح الدين نفسه.. هذا الدرس السلبى هو أن الإنجاز الذى ينبنى على القدرة الفردية الإستثنائية لشخص واحد هو إنجاز قصير العمر و محدود بحياة صاحبه.. فى كل مرحلة من مراحل الكفاح الثلاثة كانت وفاة القائد صاحب الإنجاز تهدد بإنتقاض كل ما حققه و تبديده .. حدث ذلك عند وفاة عماد الدين و تجزئة مملكته بين أبنائه و أمضى نور الدين وقتا طويلا يعمل لإستعادة الوحدة التى أنجزها أبوه.. و تكرر ذلك عند وفاة نور الدين و كان على صلاح الدين أن يقاتل ربع قرن لتثبيت أركان وحدة كان نورالدين قد أنجزها من قبل.. و قد كان ذلك كله مقبولا على ما فيه من ضياع للوقت و الموارد لأنه كان ثمة وريث مباشر أو غير مباشر كان فى الواقع أعظم و أقدر من سلفه إستدرك ما فات ثم بنى عليه.. و لكن عند وفاة صلاح الدين عز إيجاد الوريث الذى يمكنه القيام بعبئ توحيد الدولة بعدما تهشمت قطعا ذهب بها أبناء صلاح الدين و إخوته و أبنائهم بل و أبناء عمه أسد الدين شيركوه أيضا؟

و إذا نحن أردنا أن نجمع دروس سيرة هذا القائد إيجابية و سلبية معا فإننا لنرى بوضوح أنه لا ينبغى لأمتنا أن تنتظر صلاح الدين.. إنما ينبغى للأمة أن تتمثل شخصية و سيرة صلاح الدين حتى تصبح الأمة مجتمعة هى صلاح الدين هذا العصر.. مثل هذه الأمة التى تتحد على هدف واضح تؤمن بشرعيته و ترتفع بأخلاقها و سلوكها فى الصراع إلى مستوى مسئوليتها الأخلاقية.. ثم هى تضيف إلى ذلك تأمين الضمانات التى تكفل إستمرارية العمل و الكفاح حيث لا تكون مسئولية ذلك ملقاة على عاتق أشخاص تنجح بنجاحهم و تسقط بعثراتهم و تنحط بإنحطاطهم بل هى مسئولية مشتركة للأمة ككل تنهض بها مؤسسات ثابتة و قوية تنشئها الأمة بنفسها و تصطنعها على عينها و تكون قيمة عليها لا خاضعة لها.. إذا كان لنا ذلك كنا جديرين بأن نكون أمة الناصر صلاح الدين.

الثلاثاء، 12 مايو 2009

تابع .. هوه فيه إيييييه........................؟؟

فى البوست اللى فات كنت بتكلم عن العنف فى حياتنا و إزاى أصبح ظاهرة .. و كنت متعمد إنى أربط ما بين العنف الجنائى و بين العنف الطائفى لأنهم وجهين لعملة واحدة.. و لأن الظروف اللى بتساعد على نموهم و تطورهم واحدة.. لكن طبعا الأرضية و الجذور مختلفة .. و عشان أكون واضح .. إحنا عندنا ظروف بتخلى أى نوع من أنواع العنف يزيد .. و بالتالى إحنا بنشوف العنف فى حياتنا بمعدل أكبر عامة .. لكن فيه أسباب خاصة بكل نوع من أنواع العنف هى اللى بتخليه موجود أصلا .. و عشان كده العنف الطائفى له أسبابه اللى ممكن تكون موجوده من زمان جدا بس ماتحولتش إلى عنف ظاهر أو ماكانش العنف الناتج عنها بنفس المعدل .. و ده عامل كده زى ما تبقى جنابك حاطط أنبوبة البوتوجاز الإستبن تحت السرير و نايم ولا على بالك بس لو الواد حمادة كان بيلعب بعيدان كبريت و النار مسكت فى الملاية يبقى لازمن تطلع الأنبوبة من تحت السرير بسرعة قبل ما تفرقع فيك و فى حمادة و أمه .. المشكلة بقى إن بسلامتك سيبت النار ماسكة فى الملاية و هاتشبط فى الملة و قاعد تجرى ورا الواد حمادة عايز تضربه .. طبعا حمادة مجرم بن ... بس شد أم الأنبوبة الأول و بعدين ولع فى حمادة و أمه براحتك و بعدين بينى و بينك ما هو حمادة ده تربية الأبعد..

ياترى إحنا ليه عندنا طائفية..؟ واحد فلحوص يرد .. أصلنا مسلمين بس عندنا أقلية مسحيين.. ما شاء الله .. ربنا يفتح عليك يابنى .. هو الصراحة جاوب فعلا على السؤال .. إحنا عندنا طائفية لأن معظم المسلمين عندنا عاملين زى الفلحوص ده فاكرين إن البلد دى بتاعة المسلمين بس ياخسارة فيها أقلية مسيحيين .. تقولش دول جم من بلد تانية و ألا حد نسيهم عندنا ..

المصيبة أكبر مع طوائف تانية لأننا متعودين إن عندنا أقلية مسيحية و بس عشان كده لما بنسمع عن شيعة مصريين تلاقى الواحد مننا رفع حاجب التعجب الأيسر و فتح بقه و قالك : و دول جم منين دول؟ .. تقولش دول مهاجرين من إيران و ألا عناصر من حزب الله تسللوا لمصر وعملوا خلايا نايمة بقاللها ألف سنة .. علما بإن من ألف سنة ماكانش فيه حزب الله و إيران شخصيا ما كانش فيها أغلبية شيعية لكن كان فيه دولة شيعية إسمها الدولة الفاطمية بتحكم مصر و أجزاء من الشام و هى لا مؤاخذة اللى بنت القاهرة و الأزهر و فى عهدها إخترعنا الكنافة و القطايف..

بلاش بقى نجيب سيرة البهائيين أو غيرهم لأن الأصل فى عقل المسلمين المصريين واحد و هوه إن البلد دى بتاعتنا إحنا و لو سألت واحد منهم بأمارة إيه؟ هايقولك عشان إحنا الأغلبية يا أخى .. طب هو لما يكونلك الأغلبية تقوم تاخد كل حاجة؟ .. يعنى بعد عمر طويل لو أبوك توفاه الله و فاتلك حتة أرض إنت و أختك قوم عشان ليك تلتين الأرض تبلع الأرض كلها فى كرشك؟

هاييجى واحد فاهم حبتين يقولك: لا مش حكاية أغلبية و لا كلام من ده.. الأغلبية دى بتاعة الديموقراطية اللى إخترعها الناس الكفرة اللى مالهمش دين .. إحنا يا إبنى لنا حكم البلد بحق الفتح الإسلامى..

طبعا الراجل ده بيقول كلام معتبر .. لأن الصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه لما فتح مصر (المسيحيين ما بيحبوش الكلمة دى مع إن مافيهاش حاجة) .. حكم مصر إنتقل من إيد الروم البيزنطيين لإيد العرب المسلمين بحق الفتح .. و عشان كده الحكام المسلمين عرب و أتراك و أكراد و شركس و غيرهم حكموا مصر مع إن لغاية نهاية العصر الفطمى ما كانش المسلمين أغلبية أصلا .. و فتح البلد يعطى المسلمين حق حكمها و يضع عليهم وحدهم مسئولية الدفاع عنها و إقرار الأمن فيها و على غير المسلمين دفع الجزية و خراج الأرض .. كلام قانونى صحيح .. بس جنابك نسيت حاجة .. سنة 1882 الإنجليز إحتلوا مصر و خرج حكمها من إيد الخلافة العثمانية عمليا ساعتها .. و قانونا خرج لما بريطانيا أعلنت الحماية على مصر سنة 1914 و مصر ما بقتش ولاية عثمانية خلاص.. يعنى شرعية الفتح إنتهت عمليا سنة 1882 و قانونا سنة 1914.

كان ممكن الشرعية دى يعاد تفعيلها لو إن المسلمين – مصريين أو غيرهم – إستردوا لوحدهم حكم مصر من إيد الإنجليز .. لكن ده ماحصلش .. اللى حصل إن المصريين مسيحيين و مسلمين قاموا بثورة سنة 1919 و حصلوا على إستقلال نظرى سنة 1922 و على أساسه حطوا دستور لدولة مدنية سنة 1923 و من يومها الكفاح للحصول على الإستقلال الكامل قام بيه مصريين مسيحيين و مسلمين و جيش الدولة اللى بيدافع عنها و اللى بعتته يحارب فى فلسطين كان مكون من مسيحيين و مسلمين و هوه ده الجيش اللى قام بثورة يوليو 1952 و إنتزع حكم البلد من إيد آخر ملوك الدولة العلوية و بعدين عمل إتفاقية 1954 اللى خرج على أساسها آخر جندى بريطانى فى سنة 1956 .. و هو ده الجيش اللى إنسحب من سينا سنة 1956 و إنهزم فيها سنة 1967 و رجع عبر القناة و حقق نصر أكتوبر 1973..

مرة تانية حق الفتح اللى بيدى المسلمين وحدهم حق حكم البلد إنتهى والدولة اللى إحنا عايشين فيها دلوقت هى دولة مدنية .. و الدولة المدنية ما فيهاش طوائف - فيها مواطنين متساويين فى الحقوق و الواجبات بصرف النظر عن عقائدهم و ألوانهم و جنسهم .. البداية الحقيقية للقضاء على الطائفية و على فرصة إنها تنفجر فى وشنا كلنا على شكل أعمال عنف ما بتفرقش فى النهاية بين مسلم أو مسيحى أو شيعى أو بهائى أو غيره هى إننا نبدأ نستوعب الحقيقة دى كلنا ..

البلد دى مش بتاعة المسلمين و لا بتاعة المسيحيين.. البلد دى بتاعة المصريين من أى ديانة و من أى جنس و سواء كان لونهم أبيض أو أسمر أو بنى أو بمبى شجر بشراشيب.

الاثنين، 11 مايو 2009

هوه فيه إيه............؟؟

فكرت - شوية مش كتير الصراحة - فى عنوان يكون أحسن من كده.. بس ما جاليش نفس أضيع وقت فى التفكير و العنوان ده كان كل اللى فى دماغى..

إمبارح كان فى تفجير قدام كنيسة العذراء المقدسة فى حلمية الزتون - لأ مش هاتكلم عن الإرهاب عشان ده مش حادث إرهابى زى ما هوضح بعدين.

إمبارح برضه تم القبض على قاتل طفلين فى بيتهم فى الطالبية..

من كام يوم تم القبض على قاتل مسئولة مصرفية كبيرة فى بيتها فى الجيزة..

قبلها بشوية حصل قاتل هبة و نادين على حكم بالإعدام..

خلونا نبص على الجناة..

حادث التفجير لسة ماحدش عارف مين قام بيه.. كل اللى إتقال إن العبوة الناسفة بدائية الصنع و تشبه الخالق الناطق العبوة المستخدمة فى حادث ساحة الحسين .. فاكرينه؟؟.. يا ترى ده معناه إن الفاعل واحد؟ نفس الشخص أو الأشخاص؟ يمكن.. بس مش لازم .. ليه؟ .. إرجع لبدائية الصنع .. يعنى كده أى حد ممكن يصنعها .. ما فيش خبرات معينة أو تدريب و لا أى حاجة مطلوبة عشان شخص عادى جدا يصنع قنبلة زى دى .. محتاج إيه؟ طريقة الصنع .. إعمل سيرش على النت هاتلقيه .. محتاج مواد معينة؟ لأ غالبا كلها حاجات موجودة فى السوق و المحظور منها أى مصنع بومب بيعرف يجيبه يبقى برضه أى حد ممكن يجيبه..

قاتل الطفلين إبن عمتهم!! - قاتل السيدة المصرفية الكبير جوز الشغالة اللى بقالها 3 سنين بتشتغل عندها - قاتل هبة و نادين حداد مسلح سبق له العمل فى الكومبوند لما كان تحت الإنشاء..

لما شفنا صور الحداد قاتل البنتين أول مرة قلنا إيه .. (ده قاتل ده؟؟ شكله طبيعى جدا .. ده حتى غلبان فى نفسه خالص)
جوز الشغالة سمعتوا تصريحات جيرانه؟ - (راجل طيب و مصلى - ناس فى حالها - كان بيضربها أحيانا -عادى يعنى-)
الواد اللى دبح الطفلين - خريج كلية تربية - سبق إنه إشتغل مع خاله (والد الطفلين) - صورته شفتها؟؟ - يشبه خمستلاف شخص بتشوفه كل يوم..

خدتو بالكم أنا عايز أقول إيه..

دول كلهم ناس عاديين جدا .. بتعدى جمبهم فى الشارع - بتقعد جمبهم فى الميكروباص - بتفتح الباب يمسوا عليك و يستلفوا مفتاح إنجليزى (جيرانك يعنى)

محدش فيهم هجام أو نشال أو حتى حرامى غسيل - محدش فيهم مسجل خطر أو ليه سوابق أو حتى معروف عنه إنه بتاع مشاكل..

ياترى ليه أنا حطيت الشخص المجهول اللى حط البمبة قدام الكنيسة وسط الناس دى؟ لأن الحادث زى ماقلت مش إرهابى - طبعا لو كان باضبط زى الحادث بتاع الحسين .. إزاى؟؟ إرهاب يعنى عايز تقول حاجة و بتمارس العنف عشان تلفت الإنتباه و توصل الرسالة - طبعا المستهدفين من العنف جزء من الرسالة بس عشان الرسالة تكمل الإرهابى لازم يعلن مسئوليته .. يعنى تلاقى تنظيم كتائب أبوطربوش بتوزع بيانات على الصحف و بتنزل على الإنترنت إعلان عن مسؤليتهم عن الحادث و يتوعدوا النظام الكافر بمواصلة حربهم عليه حتى النهاية و كلام من ده .. طيب ما فيش إعلان زى ده حصل فى الحادثة الأولى و باين ما فيش إعلان عن الحادثة دى .. و البمبة بدائية الصنع يعنى مش تنظيم أو جماعة اللى عملها يبقى ده فى الواقع حادث كراهية زيه زى إحراق بيوت البهائيين مثلا..

يا ترى الكراهية الطائفية عندنا بقت كافية عشان الناس تحرق و تفجر بدون أجندة و لا مخططات أو أهداف؟؟..

طيب حطوللى ده على جنب و نرجع للجماعة القتلة محدثى الإجرام اللى كنا بنتكلم عنهم.. يا ترى يا هل ترى شايفين حاجة بتجمعهم؟؟ .. واحد كان بقاله مدة ما جالوش شغل وعايز فلوس .. التانى إداين و مش عارف يسد عشان مافيش شغل و مافيش فلوس .. الأخرانى خريج (تربية) عاطل و عايز فلوس يسافر خاله رفض يديله دبحله عياله .. هل ممكن الضائقة المالية تخلى الناس العادية أصلا تقتل؟ .. طيب خد عندك كمان الأب اللى قتل مراته و ولاده و حاول ينتحر .. ليه؟ .. ضائقة مالية..

لو فعلا الحاجة بقى ممكن تكون كفاية لدفع الناس للقتل .. يبقى إحنا رايحين فين؟؟.. يا ترى فيه كام واحد بيمر دلوقت بضائقة مالية؟.. يا ترى كام واحد مرشح للمرور بضائقة مالية فى الأيام البنى فى إسود اللى إحنا فيها دلوقت .. يا ترى اللى بيخبط الباب بره دلوقت ده واحد منهم؟

الأحد، 10 مايو 2009

التغيير بين الهمبرجر و طاجن البامية باللحمة الجملى - 2

أخشى أن أكون قد أطلت.. و لكنى أعتقد أن ما قلته سابقا كان لازما كمقدمة .. و كمحصلة له دعنا نتذكر النقاط التالية:
1 - دعاة التغيير من الشباب نشأوا أو أكثرهم نشأ فى فضاء الإنترنت الإفتراضى و الذى أتاح لهم فرصة كبيرة للتواصل فيما بينهم و لكنه لم يتح لهم سبيل التواصل مع الغالبية العظمى من الشعب.
2 - دعاة التغيير من قدامى المثقفين أو من ينتمون إلى توجهاتهم الفكرية كانوا فى غفلة عما يتطور من حراك فى الفضاء الإفتراضى الذى لم يكن لهم به كثير علم و قد فوجئوا بنتائج هذا الحراك عندما خرج إلى الشارع.. تعاملهم مع الظاهرة كان مضطربا و نتائجه كانت فى غير صالح التجربة بسبب إنقطاع التواصل بينهم و بين شباب التغيير و إنقطاعه بشكل أكبر بينهم و بين حماهير الشعب.
3 - خروج شباب التغيير إلى الشارع كان عشوائيا و فى غير الزمان الملائم له.. حقق مفاجأة و أثار إهتماما و لكن محصلة الإهتمام بالنسبة لقطاعات الشعب الكبيرة لم تعد مصمصة الشفاه ثم متابعة رحلة البحث اليومية عن الرزق .. كان يمكن لقدامى المثقفين أن يصوبوا التجربة و لكن أى جهد لهم فى هذا السبيل كان أقرب إلى إجهاضها بدلا من دفعها إلى الأمام..

أما بعد .. لابد و أن من أطلقوا دعاوى التغيير قد تساءلوا قبلها - ماذا نفعل؟ - ثم وجدوا الإجابة فيما أقدموا عليه .. و إعتقادى أن السر فى ضآلة المحصلة النهائية لحراكهم يكمن فى أنهم لم يبدأوا بالسؤال التمهيدى - ماذا يمكن أن نفعل؟

قد لا يكون هذا واضحا و لكن الفارق بين السؤالين كبير و الترتيب الذى ينبغى طرحهما فيه قد يكون شرطا لتحقيق أى نجاح ممكن..

لا وجود على الإطلاق لشيئ يسمى بالخيار الوحيد (إلا الخيار السلمى لحل المشكلة الفلسطينية طبعا .....هههههه.).. فالخيار الوحيد يساوى الحتمية التاريخية و هذه تحديدا ما ينبغى أن نرفض الإستسلام له.. الغرض الأساسى من سؤال ماذا يمكن أن نفعل هو الخروج بالخيارات المتاحة و السبل المختلفة لتحقيق هدف بعينه .. و بعد طرح الخيارات و دراستها يمكن إختيار الأمثل من بينها و البدء فى الإعداد لتنفيذه..

المثقفون التقليديون يملكون الخبرة التى يمكن من خلالها عرض حقيقة كل خيار متاح - الشروط الواجب توافرها حتى يكون الخيار ممكن التنفيذ - الظرف المجتمعى و السياسى و السلطوى الملائم - أساليب التنفيذ و الخطط التكتيكية و الخطط البديلة.. الإنتقال من الفعل فى حالة نجاحه إلى مرحلة حصاد نتائجه و تلك لو تعلمون أخطر المراحل فى حياة أى فعل من أفعال التغيير و هى تتعلق بوجود صورة واضحة جدا لما تريد أن تصل إليه بواسطة فعل التغيير و وضع الضمانات الكافية حتى لا تكون نتائج التغيير كارثية أو على الأقل خلاف الصورة المتخيلة.. و لأكون واضحا أكثر إن وضوح النتائج المرتجاة من التغيير يمكنه أن يرجح وسيلة و آلية للتغيير على أخرى.. ففى حال كان ثمة خطر كبير فى أن تكون نتائج التغيير بعيدة عن أهداف المطالبين به لزم أن يختاروا الآليات التى يمكن السيطرة عليها و ليس الآليات التى يمكن أن تنفلت بشكل عشوائى أو تكون مطية للهو الخفى..

اللقاء الذى أراه واجبا بين شباب التغيير و شيوخه هو اللقاء حول سؤال ماذا يمكن أن نفعل.. بالطبع هناك أيضا سؤال ماذا نريد من التغيير و لكنه سؤال أكثر صعوبة لأنه معرض لتدخل الأيديولوجيات و الأفضل هو تفويض الشعب فى إجابته بمعنى أن فعل التغيير ذاته لا ينبغى أن يستهدف بناء بديل محدد الملامح للنظام الحالى و لكن عليه أن يستهدف تحقيق ضمانات الإرادة الحرة للشعب فى إختيار البديل الذى يراه مناسبا.. و لست مبدعا فى هذا الرأى فهناك بالفعل من حدد هذا الهدف من حركات التغيير الجديدة لسبب مهم و هو أنه الهدف الطبيعى و المنطقى لفعل يقوم به أفراد و جماعات يختلفون أيديولوجيا أو لا ينضوون تحت لواء أى أيديولوجية على الإطلاق..

فى إعتقادى أن سؤال ماذا يمكن أن نفعل يكاد يغيب غيابا تاما فلن تجده فى فضاء الصحف الذى يعيش فيه قدامى المثقفين و لن تجده فى الفضاء الإفتراضى حيث يعيش شباب التغيير.. العجيب أن الطرفين يلتقون أو بالأحرى يجتمعون على مداومة الصراخ بسوء الحال و مغبة تدهوره المطرد و هم دائموا الحديث عن المظاهر التى تثبت سيطرة الفساد أو فساد السيطرة.. و لكنك تحتاج إلى إثبات شيئ بالبرهان اليقينى مرة واحدة و أى إثباتات تالية هى تحصيل حاصل.. فلماذا نحن جميعا هاهنا واقفون لا نكاد نتحرك؟

بالنسبة لشباب التغيير فقد جربوا ما هداهم إليه فكرهم و شعورهم و حماسهم .. ثم هم اليوم بين متشكك فى جدوى الإستمرار أو لاعن للشعب المتقاعس أو مصر على متابعة الطريق بإستخدام الوسائل ذاتها .. و لا يمكن لوم أى من هذه الأطراف فلم يقم الطرف الذى يملك بعض مفاتيح الإجابات بدوره فى تقديم هذه المفاتيح و إكتفى بدور المتابع الفاغر فاه إندهاشا أو الزام شفتيه تأسفا و إمتعاضا.. و مبتغى هؤلاء من المناضلين القدامى هو أن يكون لهم دور القيادة و التوجيه.. و لكن هذا دور أكبر ممن يملك مجرد مفاتيح لحلول و يفتقد الخطة التى لا يملكها إلا الملم بتفاصيل الواقع و هم مع كامل الإحترام فقدوا كثيرا من صلاتهم بهذا الواقع و من ثم لا يصلحون لوضع خطة حقيقية.

الدور الحقيقى لقدامى المثقفين و المناضلين هو أن يبدأو فى طرح ما لديهم من معرفة و خبرة فى فضاء الإستعمال العام حيث يمكن لأصحاب الأدوار الأكثر فعالية أن يستخدموا هذه الخبرات و المعارف فى بناء توجهاتهم الخاصة بهم و الملائمة للواقع و للظرف.. بمعنى أوضح لا دور حقيقى يرتجى لعواجيز التغيير داخل الهياكل التنظيمية لحركات التغيير.. مكانهم خارج هذه الهياكل و دورهم طرح التساؤلات و تقديم الجزء الذى يملكونه من الإجابات و ترك الباقى لينجزه شباب التغيير الذى قد تنقصه الخبرة و لكن لا تنقصه الفعالية و القدرة و بالتأكيد لا تنقصه القيادة.

دور المثقفين القدامى و الذى يصب فى دور موازى لشباب التغيير ينبغى أن يجمعهما طرح سؤال ماذا يمكن أن نفعل و السعى إلى الإجابة عليه.. و الأكيد أنهم إذا ما بدأوا فى طرح السؤال بجدية فهم لا شك صائرون إلى مناقشة الرقم الصعب فى معادلة التغيير.. الشعب طبعا.. ليس بمنطق الهجاء أو المدح و لكن بمنطق التساؤل عن كيف يمكن تحويل الشعب إلى رقم موجب فى المعادلة و ليس صفر المحصلة..

التغيير بين الهمبرجر و طاجن البامية باللحمة الجملى - 1

أهم ما يفصل بين شباب التغيير و عواجيزه هو فارق الزمن.. و هذا أمر أكثر من متوقع فكل فريق هو نتاج و تربية عصر مختلف و ربما يفاقم الوضع غياب جيل الوسط فهو لو وجد عمريا أى مثله أشخاص تقع أعمارهم فى مجموعة بين الفئة العمرية للشباب و الفئة العمرية للعواجيز فهو ينتمى تكوينا و فكرا إلى عواجيز التغيير وبالتالى تفصله نفس المسافة تقريبا عن شباب التغيير..
المشكلة الحقيقية فى ذلك الفاصل الزمنى إذن هى إنقطاع التجربة الفكرية.. فتجربة شباب التغيير لا تبنى مطلقا على تجارب عجائزه و هم فى أغلب الأحوال لا علم لهم بهذه التجارب أو معرفتهم بها مشوهة إلى أبعد حد و لذا فهى أقرب إلى أن تنفرهم من التعامل معهم أو على الأقل تجعلهم فى حال من التشكك الدائم فى نواياهم و مقاصدهم.

تجربة شباب التغيير فى الواقع تكاد لا تنبنى على أى أساس سوى الرغبة الشديدة فى التغيير و الشعور المسيطر بضرورته.. فهم يريدون التغيير و يريدونه الآن و لذلك يقفزون نحو تحقيقه إلى آليات الحل الأخير مباشرة و هو أمر أثار حفيظة النظام و إنزعاج الناس و إمتعاض عواجيز التغيير.. تجارب شباب التغيير تبدأ من منتصف الطريق مباشرة و هى تبدأ بالفعل ثم تقوم بالتنظير لاحقا.. و تجربة شباب 6 إبريل نموذج لذلك فهى بدأت بالدعوة لإضراب عام و بعد النجاح النسبى لهذه الدعوة تكونت الحركة التى بدأت تبحث عن منهج و رسالة واضحة و بينما تقوم بذلك دعت من جديد إلى إضراب عام فى ذكرى الإضراب الأول و لم يكن حظ هذا الإضراب من النجاح قريبا حتى من حظ الأول و هو أمر متوقع للأسف..

دعنا ننظر فى عناصر القصور فى عمل حركة 6 إبريل كنموذج مهم..

بدأت الحركة كما قلنا بالدعوة لإضراب عام .. و أغلب الظن أن من دعوا إليه لم يجل بخاطرهم أن الإضراب العام هو فى الواقع الخطوة الأولى للعصيان المدنى.. و هذا هو ما أثار حفيظة النظام و أطلق يده فى بطش حاد و سريع بأصحاب الدعوة و من إستجاب لهم و لا شك أن النظام أصيب بالفزع الشديد عندما رأى دعوة تنطلق على الإنترنت إلى ما يشبه العصيان المدنى تلقى إستجابة وقد كان إدراك النظام لخطورة الأمر أكبر كثيرا من إدراك من أطلقوا الدعوة أنفسهم و لذلك فقد أدهشهم إلى حد ما رد فعل النظام على ما قاموا به..
قد لا تكون المشكلة فى خطورة الآلية ذاتها فلو توافرت لها الشروط المطلوبة تكون الخطورة و المخاطر أمرا مقبولا و لكن هذه الشروط لم تتوافر و هذا دليل آخر على أن شباب الحركة لم تكن لهم معرفة بطبيعة الآلية التى حاولوا إستخدامها فى الأساس..
الإضراب العام هو فى النهاية كأى إضراب و إنما يختلف فى حجم المشاركة و حجم المطالب .. و الإضراب لابد لمطالبه من أن تكون محدودة العدد و يستحسن أن يكون له مطلب واحد و الأهم لابد للمطالب من أن يكون تنفيذها الفورى ممكنا.. فلا يمكن مثلا أن تقوم بإضراب لتطلب وعودا كما لا ينبغى أن تقبل مثل هذه الوعود إذا عرضت عليك.. الإضراب أيضا ليس وسيلة للتعبير عن رأى بل هو وسيلة للحصول على حق و لذلك فعندما تقوم بإضراب تستمر فيه حتى تجاب مطالبك و فى حالة الإضراب العام يكون الإستمرار فيه هو العصيان المدنى.

و عند النظر فى الدعوة إلى إضراب 6 إبريل لم يكن معظم هذه الملامح متوافرا.. كان عدد المطالب محدودا و لكن بعضها كان أمنيات تجاب بوعود و البعض الآخر كانت الإستجابة له إن تمت تنفى الوعود الأولى.. كيف؟.. مطلب زيادة الحدالأدنى للأجور.. لا يمكن إجابته إلا بوعد بتقديم قانون بهذا الشأن إلى مجلس الشعب.. أما مطلب تشكيل لجنة لوضع دستور جديد فهو يعنى إقامة نظام جديد و من ثم فالحكومة التى وعدت بتنفيذ المطلب الأول و مجلس الشعب الذى سيصدر القانون كلاهما ينتهى وجودهما بتنفيذ الوعد الثانى و واقع الأمر إذن أن المطلب الأول و سائر المطالب متضمن أصلا فى مطلب دستور جديد و لذلك فلم يكن ثمة داع لها جميعا و لكن النص عليها كان هدفه أساسا هو إستخدام أحد الكلمات المفاتيح المعروف أنها ستجذب إنتباه عدد أكبر من الناس و ربما تدعوهم إلى المشاركة و لو أنكم تتذكرون رسالتى السابقة فهذه هى دراع مرسى الحالية.

بالطبع لم يكن فى الدعوة إلى الإضراب ذكر لإستمراره حتى تجاب المطالب و لم يكن ذلك فى نية الداعين إليه بغض النظر عن أن ذلك وحده ينفى عنه صفة الإضراب أصلا و يحوله إلى مظاهرة.. و ربما كان ينبغى بمن دعوا إلى الإضراب أن يسموه بذلك.. فالتظاهر لا يطلب تنفيذ مطالبه الآن و فورا و لا يستمر حتى تجاب المطالب و هو فى الواقع وسيلة للفت الإهتمام ثم لإظهار مدى شعبية المطالب وفق حجم المشاركين فيه و لذلك فهو خطوة سابقة على الإضراب تبعث رسالة مضمونها فكروا جديا فى إجابة مطالبنا فنحن من القوة بحيث يمكننا تنفيذ الإضراب الذى سيرغمكم على إجابتها..

لم أذكر بالطبع أمورا مثل أن الإضرابات تتطلب عادة وجود جهة قيادة و جهة تفاوض إذا كان التفاوض مقبولا و تفاصيل أخرى ليست مهمة هنا لأن الهدف مما قلته هو توضيح أن شباب الحركة لم تكن لديهم فكرة واضحة عن الآلية التى إختاروا إعلانها و من ثم كان إستخدامهم لهذه الآلية لا علاقة له بشروطها أو بأسلوب إدارتها.. ولا داعى أيضا للبحث مطولا فى إذا ما كان الإضراب قد نجح أم لا فالإضرابات لا تنجح بنسبة المشاركة بل تنجح بتحقيق المطالب و كل ما دون ذلك هو عمليا يقع فى خانة الفشل و لكن إذا نظرنا إلى ما كان على أنه دعوة إلى التظاهر أو التعبير الجماعى عن التضامن فى المطالبة بحقوق محددة سواء كان التضامن من خلال الخروج إلى الشارع أو التظاهر فى الجامعات أو الإمتناع عن العمل فيجوز هنا الحديث عن نسبة المشاركة و يجوز لنا أن نتحدث عن نجاح نسبى.

ربما يسهل هنا أن نفسر أوجه قصور تجربة 6 إبريل بالإفتقار إلى الخبرة بالعمل السياسى و نقفز فورا إلى القول بأنه لو طلبت الحركة النصيحة من بعض عواجيز التغيير لتجنبت أوجه القصور و لكننا إذا فعلنا ذلك سنغفل تماما تلقائية الحركة و حقيقة أنها لم تخطط حقيقة للأمر بل إن الحركة ذاتها ظهرت و تكونت بعد الدعوة إلى الإضراب و نتيجة له.. و حتى بعد أن أصبحت الحركة كيانا قائما اليوم لست أعتقد أن ما تحتاجه هو النصح المباشر من عواجيز التغيير و بالتأكيد ليس ما تحتاجه هو قيادتهم لها أو وجود أى علاقة تنظيمية بينها و بينهم..

لماذا تبدو سبل اللقاء هذه مرفوضة؟ الإجابة يمكن تمثلها فى تجربة كفاية السابقة لحركة 6 إبريل و التى ضمت قيادات من قدامى المثقفين و الممارسين للنضال السياسى و التى وصلت اليوم إلى حال يشبه حزبا بلا أيديولوجية و هى بالتأكيد قد فقدت زخمها الحركى الذى بدأت به و أصبحت مصدرا للتصريحات تعليقا على الأخبار بدلا من أن تكون صانعة للأخبار بتحركها على أرض الشارع السياسى.. و فى إعتقادى أن الجمع على مستوى الهيكل التنظيى بين جيلى المطالبين بالتغيير كان هو سبب ما أصاب الحركة..

يبقى السؤال مطروحا دون إجابة حتى الآن كيف يتم اللقاء بين شباب التغيير و شيوخه؟ .. ربما تتضح الإجابة فى الحديث القادم..

السبت، 9 مايو 2009

دراع مرسى

يقف بهجت الأباصيرى ليلقى خطبة عصماء فى زملاء كفاحه حول المنعطف الصعب و مرحلة الكفاح الجديدة على ضوء التطورات الجديدة.. يبدو أن كلام بهجت كان معقدا و لكنه لم ينسى أن يأتى على ذكر دراع مرسى الذى كسر فى المعركة الأخيرة.. و بينما تساءل أحد الزملاء:
-إنت بتقول إيه يابنى أنا مش فاهم حاجة؟!
صاح مرسى قائلا:
-الراجل ده بيتكلم صح.. ما دام قال دراع مرسى يبقى بيتكلم صح..

تضج قاعة المسرح بالضحك و يضج المشاهدون أمام شاشة التلفاز بالضحك أيضا و لابد أن الملايين قد ضحكوا على هذا المشهد و غيره من مشاهد المسرحية التى ربما تكون الأكثر نجاحا فى تاريخ المسرح المصرى و هى أحد مسرحيات قليلة تم تسجيلها على شرائط كاسيت فى زمن كان فيه الفيديو أغلى من أن يحصل عليه أكثرية المصريين و لم تكن وسائل حفظ التسجيلات المعصرة قد ظهرت بعد و أعتقد أنها كانت أول مسرحية تحظى بمثل هذا الإهتمام و لم يتبعها فيه الكثير.

قد يقودك نجاح المسرحية و حقيقة أن الجميع يضحكون على هذا المشهد بالذات إلى الإعتقاد بأن الجميع يفهمون بالضبط ما يشير إليه.. و ربما تظن أيضا أننا قد تعلمنا الدروس المختلفة فى هذا المشهد.. و لكن الشواهد تؤكد خلاف هذا.

مرسى و بهجت يمثلان ثنائية تقليدية شائعة يعبر عنها مرسى عندما يقول موجها حديثه إلى بهجت فى مشهد آخر:
- إحنا طول عمرنا بنكمل بعض إنت المخ و أنا العضلات.

ثنائية القوة العمياء و القيادة المبصرة التى توجه القوة ثنائية قديمة جدا و لها العديد من الأشكال و لكنها هنا كانت تشير إلى ثنائية الشعب البسيط و المثقف.. و المسرحية كانت رسالتها توضيح أن المثقف الضال يقود الشعب المضلل فى عكس إتجاه مصالحه و بالتالى يقوده إلى صراع غير مبرر مع السلطة (الناظر و المعلمة) مما يؤدى إلى أن تضطر السلطة إلى إستخدام القوة المبررة لترد الشعب إلى الصواب..

المسرحية فى الواقع كانت تركز على الطلبة فى وقت كان فيه العداء مستحكما بين الرئيس أنور السادات و بين طلبة الجامعات المسيسين و المسرحية تحاول أن تقول لهؤلاء أن السلطة تريد لهم الخير وأن المضللين من المثقفين يضحكون عليهم بدراع مرسى ليقودوهم إلى تضييع مستقبلهم و إلى الصدام المستمر مع السلطة.

لا يهمنا كثيرا الخطاب المضمر للمسرحية فهو ينتمى إلى زمن مضى و قد تم بالفعل للسلطة حينها ما أرادت بعدما إستخدمت وسائل مختلفة لتحقيقه و مرسى اليوم قد فقد الثقة فى بهجت بينما إحتبس بهجت نفسه فى عزلته و كأنما إنكسرت ساعته العقلية فى لحظة الشرخ هذه فهو مازال يعيشها و يجتر أحداثها و لا يتقدم خطوة وراءها و لذا فالمسافة بين بهجت و مرسى قد إتسعت أكثر و أكثر و بينما تعرض مرسى لضربات جديدة و متلاحقة كسرت منه الرأس و الأطراف و أضافت إليه عللا كثيرة فبهجت مازال يريد الحديث إلى مرسى عن ذراعه المكسورة التى لم تشفى بعد غير واع بأن مرسى أصبح ذراعه المكسور هو آخر إهتماماته فى وقت يعانى منه من أمراض أشد خطورة تجعل حياته نفسها مهددة بخطر داهم.

لا يختلف ما أقوله هنا كثيرا عما قلته فى الرسالة السابقة .. فأنا مازلت أتحدث عن التواصل بين دعاة التغيير و بين الشعب الذى يريدون التغيير لتحقيق مصالحه و يحتاجون مساندته فلا يجدون منها شيئا.. ربما الإشارة هذه المرة هى إلى فئة بعينها من دعاة التغيير و هى فئة المثقفين التقليديين و بعضهم حاليا ينتمى إلى بعض الأحزاب المتحفية بينما كفر البعض الآخر بالأحزاب و إنفرد عنها بتجربته الخاصة الأكثر عزلة و إن كانت أقل إبتذالا من تجارب من إنخلاطوا فى العمل الحزبى.

المثقف التقليدى ظل فى سكونه طوال سنين بعضهم خرج عن هذا السكون لبعض الوقت بداعى المشاركة فى الحملة على الإرهاب فى منتصف تسعينات القرن الماضى و ثبت من خلال مشاركاتهم فى هذه الحملة إتساع هذا الخرق بينهم و بين الجماهير بشكل وصل إلى إنعدام التواصل بشكل تام لأنهم نجحوا فقط فى تنفير الشعب منهم بسببين.. أولا إصطدامهم بثوابت فكرية أصبحت أكثر شيوعا و أعمق تجذرا بين معظم الفئات الشعبية و ثانيا إنضواء مشاركتهم تحت عباءة السلطة و إلتصاق بعض رموزهم بالسلطة و إستفادتهم منها..

فى السنوات الأخيرة فوجئ الثقف التقليدى بظهور فئة جديدة من دعاة التغيير.. فئة غير متوقعة لأنها بدون أيديولوجية واضحة و لأنها لا تملك الثقافة ذاتها التى يملكها و كان ظنه أن إمتلاك هذه الثقافة هو شرط أساسى لأى وعى يقود للتمرد على السلطة.

كانت المفاجأة مبهجة و لكن مربكة فى نفس الوقت .. و قد حاول المثقف التقليدى أن يتواصل مع القادمين الجدد و يسعى إلى أن يأخذ دور القيادة لحركتهم و نتيجة لأن بعض نماذج المثقفين الذين أصروا على إعتزال العمل السياسى و عدم المشاركة فى الحملات الحكومية ضد الإرهاب كانوا مايزالون يحتفظون بمصداقية لدى الناس فقد سمح لهم بتولى هذه القيادة.. و لكن هذا اللقاء بين أجيال المطالبين بحقوق الجماهير لم ينجح فى تحقيق التواصل بين المثقف القديم و المثقف الجديد لأن أرضية و حدود و تطلعات كل منهما كنت مختلفة و متناقضة فى معظم الأحيان و ذلك لأن المثقف الجديد لم يكن يدين للقديم يتربيته العقلية أو بتقديم القدوة أو الإلهام بأى شكل.. و الواقع أن كلا الطرفين يرفض ثقافة الآخر .. أحدهما يرى ثقافة الآخر مغتربة و أجنبية عن ثوابت الأمة و الآخر يراها شعبية و سطحية و عشوائية.

الأهم أن كلا الطرفين لم يكن متواصلا بالقدر الكافى مع هؤلاء الذين يفترض بهم تلقى الرسالة.. المثقف القديم إنقطعت صلته بهم منذ زمن بعيد و رأب الصدع أصبح أقرب إلى المستحيل.. المثقف الجديد لديه فرصة أكبر لأن ثقافته فى معظمها هى البناء الأعلى للثقافة الشعبية السائدة و التعبير المنتظم عنها و لكنه يعانى فى الواقع من الإفتقاد إلى المعرفة بأبسط آليات العمل و كيفية إستخدامها و المتى و الأين المتعلقين بذلك..

المثقف الجديد يلفت إنتباه الجماهير أحيانا فهو يتحدث لغة قريبة منهم إلى حد ما و لكن رسالته المختلطة و القفز غير المبرر إلى إستخدام آليات لم يتوفر لإستخدامها الظرف المناسب بعد يجعل هذه الجماهير فى حيرة من أمره و من ثم تراه منفصلا عنها و يظل التواصل منقطعا بينها و بينه..

ربما تكون بداية تحريك الوضع هى فى لقاء حقيقى بين بهجت القديم و الجديد فلا شك أن بهجت الجديد يحتاج إلى المنهجية و المعرفة بالآليات و كيفية إستخدامها و هذه أشياء يملكها بهجت القديم.. أما بهجت القديم فهوفى حاجة إلى همزة الوصل التى يملكها بهجت الجديد و لا يملكها هو و التى من خلالها يمكنه الوصول إلى جماهير طال إغترابه عنها.

ليس مثل هذا اللقاء سهلا و لكنه ممكن و ربما يكون الحديث لاحقا عن شروط تحقيقه..

الأربعاء، 6 مايو 2009

شعب سلبى إبن ...

طبعا أنا ما ليش فى رسم الكاريكاتير و عشان كده لو جاتلى فكرة كاريكاتير هاضطر أكتبها كلام و حاتضطر تقراها بدل ما تشوفها و ده طبعا أمر مختلف جدا.. ما علينا للضرورة أحكام و عشان كدة غمض عينك (بعد ما تقرا مش دلوقت) و حاول تتخيل إتنين من البسطاء الغلابة .. و حيث إن الغلابة فى بلدنا يعملولهم 90% و البسطاء منهم ييجى 80% يبقى مش ها تغلب فى إنك تتخيل بتاع عشرة عشرين بس ما تحاولش تبص فى المراية لأن زى ما حوضح بعد كده إنت ما تنفعش تبقى منهم (إبسط ياعم طلعت من العشرة فى المية)..
نرجع للإتنين اللى كنا بنحكى عنهم .. أنا متهيألى كده إنه ممكن نتخيل إنهم عمال بناء قاعدين على تشوينة رمل فى وقت الراحة و نازلين أكل فى شقتين فول من أبو 75 قرش وواحد منهم ماسك ورقة الجورنال اللى كان ملفوف فيهاشقتين الفول و مكتوب فيها "فلان من حركة ماعرفش إيه يقول إن الشعب المصرى قد فرط فى حقوقه".. و إرسملى بقى باللونة فوق دماغ الجدع اللى ماسك الجورنال إعزنه بيقول "تصدق ياللا بيقولك إن لنا حقوق!!".. بس كده خلاص فتحلى عينك بقى و قوللى إيه الغلط أو اللى مش منطقى فى الكاريكاتير ده؟؟

أولا إيه إحتمال إن حتى واحد من الإتنين دول يكون بيعرف يقرا أو حتى يفك الخط؟
ثانيا لو فرضنا إن واحد منهم كان دخل مدرسة و إتسرب منها بعد ما لحق يتعلم يفك الخط. إيه إحتمال إنه يخطر بباله أو يداعب خياله إنه إبان بحثه عن حتة مخلل تكون ضايعة فى قعر الورقة إنه يقرا الكلمتين اللى مكتوبين فى جرايد الناس الفاضية اللى معاها فلوس تشترى ورق ملحوس حبر "ده حتى بتسوخ الهدوم".

معناتو إيه الكلام ده؟؟

إن مابين إخوانا بتوع التغيير و بين الشعب اللى عايزينو يقف وراهم و يسندهم و ما يفرطش لا مؤاخذة فى حقوقه مسافات و حيطان عالية و قناية و بحر و مقلب زبالة بيربو فيه خنازير .. و الشعب اللى همه فى شقة الفول و شقى النهار و شقاوة العيال و الشق اللى فى الحيطة اللى حاتقع على دماغه أو تبعد عنها و تسيبه فى الطل .. الشعب ده مش هايعدى القناية و يخوض البحر و ينط على الحيطة و يمشى المسافات فى نقرة الحر عشان يقف ورا ناس عايزينه ييجى يتسحل معاهم على الأسفلت و يتلزق على قفاه و يتكوم مع عشرة زيه فى بوكس ها يروح بيه على مطرح الداخل فيه خارج و مش راجع تانى و كل ده قال إيه عشان حقوقه.. إلا لا مؤاخذة هو إحنا لينا حق ضايع و إحنا ما نعرفش؟

الموقف ياسادة و الرؤية مختلفين من على تشوينة رمله فى حر 6 أكتوبر أو الشيخ زايد أو من فسحاية مصنع غزل واقف أو من غيرها عن الموقف و الرؤية من ورا نضارة على كرسى مخلع قدام شاشة كمبيوتر جايبه بالقسط .. بس أهو قادر تدفع القسط و قادر تخش على الإنترنت و عندك وقت و فراغ تقرا بوستات فى بلوج و يمكن تعملك واحد تضيع وقت تانى تكتب فيه.. الأهم من كده كان عندك فرصة تتعلم تقرا و عندك فرصة تقرا بعد ما إتعلمت و أخيرا إكتشفت إن لك حق و عايز تنزل الشارع تطالب بيه بس لأن الحق مش هايرجع لو إنت أو عشرة من أمثالك نبحو صوتهم و همه بيطلبوه دورت على اللى يسندك و لمه ما جاش لعنت سنسفيل جدوده عشان شعب إبن ... مفرط فى حقوقه.

الموضوع إنك محتاج تقوم من ورا الكمبيوتر و تلبس الترنج اللى بتلعب بيه كورة يوم الجمعة و تطلع من بيتك تلف من حولين مقلب الزبالة و تحط منديل على وشل لحسن تتلطش فيروس خنازير يخلص على مسيرتك النضالية بدرى و بعدين تنط الحيطة و تعدى البحر و تخطى القناية و تمشى المسافة و تروح تقعد على تشوينة الرمل حنب صاحبنا بس ما تبصلوش فى شقة الفول و غالبا هو ها يعزمك على كوباية شاى مغلى على قلاحتين درة و شوف بقى تبدأ منين تشرحله إن له حق و إن حقه هاياخده لو هو و كل اللى زيه نزلوا و وقفوا و طالبوا بيه.

طبعا الموضوع أكبر من كده و أكبر حتى من البحر و القناية و القصة دى و القعدة على تشوينة رمل عمرها ما هتكون كفاية.. الفكرة إن إتهام الشعب بالسلبية و التفريط فى الحقوق هو ترييح دماغ و تخلى عن المسئولية.. لأن كل ميزة بييجى معاها مسئولية و فى بلد 70% منه أميين و الباقى أكترهم نص أميين بشهادات.. التعليم و إدراك إن لك حقوق دى مزايا بتحملك مسئولية.. طبعا أنا ما عنديش برنامج واضح للطريقة اللى ممكن نتحمل بيها مسئولياتنا بس لو نكر سوا يمكن نلاقى.

الثلاثاء، 5 مايو 2009

الديموقراطية فى جنينة الحيوانات

المراكبى أحمد القاضى صديق قديم و هو مدون قديم أيضا و يحلو له أحيانا أن يتحفنا (أنا و بعض الأصدقاء الآخرين) بما يقرأه فى مدونات الآخرين مما يستحق القراءة و لذلك فقد بعث لنا بالأمس هذه المداخلة المتميزة للمبدعة نوارة نجم. فى مداخلة تانية لنوارة ذكر لكتاب مهم فعلا للمفكر الكبير نعوم تشومسكى الكتاب بعنوان "السيادة و البقاء" و اللى ها يروح على مداخلة نوارة هايلاقى لينك لتنزيل الكتاب بالإنجليزية.

المهم المقدمة اللى فاتت هدفها نسبة الفضل لأهله و فى نفس الوقت التمهيد للى عايز أقوله لأنه مش كلام عن الكتاب و بس لكن عن العلاقة اللى حسيتها بين الكتاب و بين مداخلة نوارة الأولانية.

الكتاب بيدور فى الأساس على فكرة إن سعى القوة الأعظم حاليا و هى الولايات المتحدة إلى فرض سيادتها العالمية ممكن يشكل تهديد لبقاء الجنس البشرى ككل! الفكرة العامة دى مهمة و أكيد هارجعلها فى مداخلة قادمة (إنشاء الله - بعد ما أخلص الكتاب عشان مابقاش بهيس).. علاقة الكتاب بمداخلة نوارة فى جزء يتحدث فيه تشومسكى عن أحد الخصائص المشتركة بين نظم الحكم بشكل عام و اللى بتتلخص فى ضرورة وضع حدود لحركة الشعوب و ده لأن الشعوب هى أشبه بالوحوش غير المستأنسة اللى لو تركت بدون ضوابط ستشيع الفوضى فى العالم.. تشومسكى بيقول إن النظم سواء فى المجتمعات الحرة أو فى المجتمعات الخاضعة لحكم إستبدادى كلها بتمارس هذا النوع من ضبط حركة الشعب الفرق إن فى المجتمهات الإستبدادية الحدود واضحة أما فى المجتمعات الحرة فالحدود غير مرئية و لكن من الممكن الإحساس بيها عند الإقتراب منها و دى الفكرة اللى نوارة عبرت عنها بالصورة المجازية لحدائق الحيوان هنا و هناك.. الجميل فى الصورة إنها جمعت فعلا كل تفاصيل الفكرة بما فى ذلك تشبيه الشعوب بالوحوش و حطتها فى قالب واقعى و موجود فعلا و هو الفرق بين حدائق الحيوان فى الغرب و فى بلادنا.

مشكلتى الوحيدة هى مع عنوان المداخلة "الفرق بين الديكتاتورية و الديموقراطية" لأن نوارة قررت إستبدال التطبيق بالنظرية.. يعنى إيه؟ يعنى إن الفرق اللى الصورة المجازية بتتكلم عنه هو فرق بين أسلوب تنفيذ فكرة واحدة مرة فى مجتمع إستبدادى و مرة تانية فى مجتمع ديموقراطى لكن فى حين إن الفكرة و الأسلوب متوافقين فعلا مع نظرية الديكتاتورية (و عشان كدة الممارسة بتكون علنية) إلا إنهم غير متوافقين مع النظرية الديموقراطية و لو قرأت ما تحدث عنه تشومسكى لاحقا ها تلاقى إنه بيشرح إزاى بيتم التحايل على النظام الديموقراطى و آلياته عشان يكون بإمكان نخبة حاكمة إنها تحجم مشاركة الشعب فى إدارة الدولة.

المقصود إن الديموقراطية على المستوى النظرى على الأقل ليست مسئولة عن إن الشعوب المحكومة بإسمها بيتم حرمانها من المشاركة الفعلية فى تقرير مصيرها.. الأهم من كده إن الديموقراطية لا تزال هى النظام الوحيد اللى له آليات ممكن إستخدامها لإنهاء هذا الوضع فى حين إن النظم الأخرى بتعتبر هذا الوضع طبيعى أصلا و بالتالى ما فيهاش أى آليات سلمية و شرعية للتخلص منه.

إحنا بشكل عام بنعانى من مشكلة كبيرة و هى إن تعرضنا للقمع فى الداخل بيخلينا نكفر بالدولة الوطنية و تعرضنا للقمع من الخارج (الغرب الديموقراطى) بيخلينا نكفر بالديموقراطية فى حين إن الدولة الوطنية مالهاش ذنب فى تسلط المستبد عليها و علينا و لا الديموقراطية ليها ذنب فى إن النخبة الحاكمة فى دول الغرب بتستخدمها لقيادة شعوبها فى حروب هدفها تحقيق مصالح أقلية داخل الدول دى.

على أى حال أنا مازلت مقتنع بمقولة لتشرشل إستخدمتها فى التعليق على مداخلة نوارة . المقولة هى إن الديموقراطية هى أسوأ أشكال الحكم بإستثناء كل الأشكال الأخرى التى جربناها و المعنى إن الديموقراطية ليست هى الأفضل و لكنها الأقل سوءا (حتى إشعار آخر).

حسن نصر الله بطولة لم تكتمل بعد

لا نية لدى فى أن أكتب تحديدا عن الأزمة الحالية بين حزب الله و بين النظام فى مصر و لذلك فإذا بدا كلامى على غير ما يهوى محبى السيد نصرالله فذلك ليس جزءا من مولد الهجوم الحالى عليه و لكنه مدخل فقط لمعالجة أحد إشكاليات ثقافتنا العربية.

فى مجال الدراسة المقارنة للأديان يصنف بعضها بأنه ديانة "تخليصية" و المعنى أن الديانة تقوم جزئيا أو كليا على فكرة "المخلص" الذى ينتظر المؤمنون بها قدومه أو عودته التى بها يتم التاريخ الروحى للبشر على الأرض و يسود العدل و يهزم الشر هزيمة نهائية.. على مستوى أدنى من ذلك تشيع فكرة البطل المخلص فى كثير من الثقافات و هو دائما رجل له مميزاته الخاصة و له رسالته التى لا يتخلى عنها و التى تصب فى تخليص الناس من الظلم الواقع عليهم أو قيادتهم إلى النصر على عدو أذلهم أو تجديد شباب أمتهم و الإنتقال بها إلى مرحلة جديدة من الإزدهار.. فى هذا الإطار يمتلك كل شعب من شعوب الأرض أبطاله التاريخيين الذين ينسب إليهم الفضل فى أحد التحولات أو الإنجازات الهامة فى تاريخ هذا الشعب.. و لأن البطل دائما يحقق لشعبه أو أمته إنجازا إستثنائيا و فى أحيان كثيرة يضع حدا لعهد من عهود المهانة و الإنكسار فإن بعض الشعوب تعيش فى أوقات مختلفة حالا من اللهفة و الترقب لظهور البطل و أحيانا تقود اللهفة المفرطة إلى إصطناع أبطال مزيفيين و فى أحيان أخرى تؤدى إلى إجهاض مسيرة أبطال لم يتحققوا بعد و من ثم حرقهم قبل الأوان.

الشعوب الأكثر لهفة على ظهور البطل هى بطبيعة الحال شعوب تعيش فى حالة أزمة تحلم بالخروج منها و هى شعوب مغلوبة على أمرها بحيث لا تشعر أن فى مقدورها أن تعتمد على قواها الذاتية للتخلص من أزمتها.. و لا شك أن أمتنا العربية حاليا هى فى أزمة طال مقامها و هى أمة غلبها على أمورها جماعات حاكمة صادرت إرادة الشعوب و مواردها و ثرواتها و قدراتها و مقدراتها أيضا و لذلك فهذه الأمة تبحث دوما بإبرة عن بطل و سط أكوام زعامات صنعت كلها من قش هش و عديم القيمة.

و فى بحثها المضنى عن زعامة بطولية تعيد أمتنا إرتكاب أخطائها القديمة واحدا تلو الآخر و هى من خلال تلك الأخطاء تجهض التجارب البطولية و تقتل البطل و هو بعد جنين فى رحم العمل الوطنى أو تقوده إلى الإنتحار و فى غالب الأحيان ينتهى بنا المطاف بأبطال مبتسرين و بتجارب بطولية لم تصل إلى النهاية أو بمعنى أصح البداية الحقيقية التى تعد بها.

الآن .. ما علاقة كل ما سبق من كلام مرسل يالسيد حسن نصر الله؟ .. العلاقة المباشرة هى أن كثيرين يرون نصرالله بطلا عربيا معاصرا و البعض يراه بطل المرحلة غير منازع و ربما توجد قلة تراه البطل العربى الحقيقى الوحيد فى تاريخنا المعاصر.. بغض النظر عن حجم البطولة التى ينسبها محبى نصرالله إليه فهم فى النهاية يقترفون فى حقه أولا و فى حق أمتنا أول و أهم أخطائنا المتكررة فى شأن البطل و البطولة. هذا الخطأ هو التنصيب المبكر للبطل أو الولادة القسرية المبكرة للبطل.. و أحد أسباب تلك الظاهرة هو الخلط فى العقل العربى بين الزعامة و البطولة فالزعيم فى العقل العربى هو دائما بطل و إلا لما إستحق الزعامة و حيث أن واقع الحال هو أن معظم الزعماء ليسوا أبطالا و إنما مجرد قادة مرحليين لشعوبهم فإن البطولة التى يتم إسباغها عليهم هى بطولة مصطنعة فى معظم الأحيان أو مبكرة فى أحيان أخرى.

البطولة الحقيقية ليست منصبا يتبوأه البطل فى حياته و إنما هى تكريم يمنحه الشعب لزعيم يستحقه من خلال مجمل مسيرته و عمله و لذلك فالبطولة لاحقة على إكتمال العمل و تحققه بحيث لم يعد يخشى عليه من إنتقاض أو نقصان و بذلك يسمح بوصف البطل بصفات تقترب من الكمال و التنزيه عن الخطأ لأن ذلك كله يتعلق بمسيرة تمت بالفعل و تم تقييم إيجابياتها و خصم سلبياتها و كانت المحصلة الإيجابية الواضحة كفيلة بتبرير السلبيات أو حتى محوها.. أما منح البطولة و ما يصاحبها من هالات تبلغ التقديس لزعماء لم تكتمل تجاربهم بعد فهو إلى جانب كونه خاطئ فى ذاته له أيضا آثاره المدمرة.. أهم هذه الآثار هو أن إصرار محبى الزعيم على إسباغ قدسية البطولة عليه يصل به هو نفسه إلى التصديق بقدسيته و بقدرته التى تتخطى فهم الآخرين على التمييز بين الصواب و الخطأ و بين ما هو فى صالح الأمة و ما ليس كذلك.. و مع الإستمرار فى تبرير أخطاء الزعيم لأنه بطل يصبح التبرير آليا ثم لا يعود ثمة حاجة للتبرير ثم تصبح أخطاء الزعيم هى عين الصواب و عندها تضيع بوصلة الزعيم و تكثر أخطاءه و تكبر حتى تصبح أحيانا خطايا و ينتهى الأمر بأن يقتل البطل جنينا و يبقى زعيم لم تتحقق بطولته الموعودة.

ما الذى أرغب فى قوله؟ .. ربما آن لنا أن نتوقف عن قتل البطولة فى زعمائنا بأن نخنقها بالمحبة الزائدة و التسليم المبالغ فيه بتمام حكمتهم و تنزيه أعمالهم عن الأخطاء الصغيرة.. ربما ينبغى علينا أن نحاسب زعماءنا على أخطائهم و نصوب مسيرتهم و نحرص على إكتمال نمو البطل داخلهم بألا يحيدوا عن الأهداف الحقيقية و ألا ينشغلوا بالمسارات و الدهاليز الفرعية فيستهلكوا قدراتهم و يستنفذوا أرصدتهم و من ثم عندما يأتى وقت التقييم الحقيقى لبطولتهم تطب الريشة فى الميزان و يسقط البطل.

لسماحة السيد حسن نصرالله أخطاؤه و قد كان لديه من الشجاعة الأدبية و الإنصاف ما يتوقع من مثله فإعترف ببعضها و لذلك فليس إفتئاتا عليه أن نعتبر أمر خلية الإسناد اللوجيستى فى سيناء خطآ ينبغى ملاحظته.. الإفتئات هو إما فى التبرير الكامل أو إعتبار الأمر صوابا فى الأساس و الإفتئات أيضا هو فى التضخيم غير المبرر للأمر و إعتباره خطيئة تبرر محو الإنجازات السابقة و التقليل من قيمتها ثم تبرر أيضا هذا القدر الهائل من البذاءة اللفظية و الفكرية التى إزدحم بها الإعلام.. لست أرى الأمر خطيئة بل لا أراه خطأ كبيرا و ليس بالتأكيد أكبر أخطاء حسن نصرالله فغزوة بيروت مثلا كانت خطآ أفدح.. المهم هو أن نعترف بكون الأمر خطآ و أن نراه فى حجمه الطبيعى و نطلب تصويب المسيرة بالقدر الملائم ثم ننتقل إلى جدول الأعمال الذى هو معلق معظم الوقت لإنشغالنا بالقضايا الطارئة التى لا تنتهى.. و لكن هذه مسألة أخرى!

أول الحكى

أولا عنوان المدونة لا علاقة له بالعمود الشهير لإبراهيم نافع الرئيس السابق لمجلس إدارة الأهرام.. و الأكيد إنى فى أغلب الظن مش هاكتب حاجة تتفق من قريب أو بعيد مع اللى نافع إتعود يكتبه فى عموده.

ثانيا : عنوان بهدوء تعبير عن حقيقة إنى دائما أفضل عرض أرائى بشكل هادئ و ده عشان اللى عايز يسمع فعلا يسمعنى و اللى سمعه تقيل ما يسمعنيش أصلا و يبقى إرتحنا منه.. و بصراحة الصوت العالى فى بلدنا بيلم الهاموش و الواغش و هما نوعين من مخلوقات الله لا أطيق التعامل معهما لأن من طبعهم إنهم يلزقوا للواحد و ميعرفش يخلص منهم و إن كان الهاموش أمره أهون لأن الواحد ممكن يستخدم البيرسول للتخلص منه أما الواغش فلم يخترع أحد مبيد مناسب لهم لأن صفاتهم البيولوجية مطابقة للصفات البيولوجية للآدميين اللى المفروض إن إبادتهم محرمة دوليا.. الغريب إن المبيدات البشرية لا تقتل الواغش لكن ده موضوع تانى.

ثالثا: تعريف سريع بالعبد لله من باب إرضاء الأنا العليا و عشان اللى يحب يشتم يبقى على نور..
محسوبكم مهندس معمارى مصرى فى العقد الرابع من عمرى (فين فى العقد الرابع؟ .. مالكمش دعوة). توجهاتى الفكرية حاجة كده عاملة زى خلطة فوزية (أنا ماشفتش الفيلم بس الإسم عاجبنى!) و يمكن من أسباب إنى قررت التدوين إنى أحاول تحديد المكان اللى أنا واقف فيه بالضبط يعنى هل أنا على اليمين و إنت داخل و الا فى النص و إنت معدى و الا على اليسار و إنت خارج.

ما علينا .. أهم عيوبى الشخصية هو سرعة الملل عشان كده أنا عندى مشكلة فى الإلتزام بشيئ و ده بيؤدى إلى إنى باحاول دايما أكون متواضع فى وعودى تحسبا لعدم الوفاء بيها .. المهم إن نهاية أى رسالة ليه ليست وعد جازم بتجديد اللقاء و لكنها أمل فيه و عشان كده كلمة إن شاء الله بجانب كونها تسليم بحقيقة إن كل ما هو آت هو بمشيئته وحده فهى أيضا رفع للحرج عن كاهل العبد الفقير إلى الله.