الأربعاء، 15 يوليو 2009

عنوان جديد..

قررت أن أجرب الإنتقال إلى عتبة جديدة للتدوين .. عنوان مدونتى مازال هو ذاته فلازلت أحوال أن أقرأ الواقع بهدوء بالرغم من قدر الإستفزاز و إثارة الأعصاب التى يحاصرنا بها هذا الواقع المريض .. على أى حال أرجو ممن شرفنى بالمتابعة خلال الفترة القصيرة الماضية أن يستمر فى متابعتى فى عنوانى الجديد .. و بالطبع أرحب برأى كل منكم فى جدوى الإنتقال و إن كان مرضيا أم لا.. مع بالغ شكرى لكل من يهتم؟..

عنوان مدونتى الجديدة..

الاثنين، 13 يوليو 2009

أوباما بين فن الممكن و فن تسويق الأحلام

يقال أن الأستاذ أى محمد حسنين هيكل هو صاحب مقولة أن السياسة هى فن الممكن.. و هى مقولة منطقية تماما عندما نتحدث عن سياسة مطابخ وزارات الخارجية و موائد التفاوض و لكن السياسة الجماهيرية.. سياسة المنابر و التظاهرات و صناديق الإنتخابات فهى شيئ آخر و أقرب ما يمكننى تعريفها به هو "تسويق الأحلام" .. فالسياسى صاحب الجماهيرية أو الكاريزما هو فى الواقع تاجر بارع يبيع للناس أحلاما.. و النابهون منهم لا يكلفون أنفسهم حتى مؤونة صناعة أحلام جديدة بل هم فقط يعيدون تعليب أحلام الجماهير ثم يبيعونهم إياها .. أما أكثر تجار الأحلام نجاحا على الإطلاق فهم من يبيعون الناس سراب الأحلام و تلك مهمة ليست سهلة على الإطلاق و قلما نجد ذلك السياسى البارع الذى يتمكن من تسويق مثل تلك البضاعة النادرة..

باراك إبن الحاج حسين أوباما هو أكثر زعماء عالمنا اليوم شعبية و هو واحد من تلك الفئة النادرة من تجار الأحلام .. فهو لا يسوق حلما بعينه له ملامح واضحة فحلمه الذى نجح فى تسويقه لملايين الأمريكان فإنتخبوه رئيسا و صدره إلى ملايين أضعافهم حول العالم فإنتخبوه ملكا لقلوبهم يتلخص فى عبارة بسيطة قصيرة "نعم نستطيع" .. و على رغم قصر هذه العبارة إلى حد أنها لا تعد جملة مفيدة فى أى لغة إلا أن لها أثر ساحر على كل من يسمعها.. فهى وعد بأى شيئ يخطر ببال أى إنسان و لذلك فهى علبة سحرية يمكن لأى شخص أن يرى فيها حلمه الخاص به و يعتقد أن بالإمكان تحقيقه .. هذا هو سر عبقرية تلك العبارة السحرية .. فالحاج أوباما لم يعد فقط تسويق أحلاما بعينها للجماهير بل توصل إلى طريقة يسوق بها لكل شخص حلمه الخاص ..

فى ملاحظة جانبية ليست ظاهرة أوباما هنا منفصلة عن عصرنا فنحن نعيش عصر الإنترنت و أكثر شركاتها نجاحا شقت طريق صعودها بأن سوقت للناس أدوات "شخصنة" تجربة إستكشاف الإنترنت .. و الفكرة وراء ذلك بسيطة للغاية فأنت إن حاولت أن توفر لكل إنسان كل مايرغب فى البحث عنه على الإنترنت فى مكان واحد فمحاولتك محكوم عليها بالفشل لأن ذلك أمر مستحيل و لكنك إن تأملت فى حقيقة مايبحث عنه الناس ستجد أن كل منهم إنما يبحث عن نفسه.. عن مكانه الخاص.. عن العالم المتمحور حول ذاته و لذلك ليس عليك إلا أن تمنح الناس العامل المشترك الأعظم بينهم و هو تحديدا "لا شيئ" فقط صفحة بيضاء يخط كل واحد منهم عليها ما يشاء.. فى واقع الأمر أقوم شخصيا فى هذه اللحظة بالذات بملئ واحدة من تلك الصفحات البيضاء لأعيد نشرها على صفحة جديدة أهم ما بها هو مساحة بيضاء أخرى يمكن لكل عابر سبيل أن يملأها بما يراه مناسبا و فى الحالتين و بمجرد أن ينقر أى منا على ذلك الزر المغرى للنشر تعود صفحة بيضاء جديدة للظهور تغريه بالرغبة فى كتابة شيئ جديد مبتكر و خاص به وحده.. فى نهاية المطاف يمضى ملايين البشر ملايين الساعات فى تصفح ملايين النسخ من الصفحة البيضاء ذاتها و كلهم سعداء بذلك..

لا يسوق أوباما الساحر شيئا أكثر من هذه الصفحة البيضاء و هو حريص كل الحرص على ألا يخط شيئا فى تلك الصفحة إلا و يعود إلى محوه محافظا على نصاعة بياض الصفحة و إغرائها للمفتونين به بأن يضمنها كل منهم حلمه الخاص .. فعل أوباما هذا بدقة الصائغ و هو يقدم عرضه الشحرى على مسرح القاهرة منذ أكثر من شهر .. فالإسلام دين عظيم يعلمنا التسامح و حب الآخر و لكن الإرهابيون المسلمون لابد من قتلهم و لقد عانى الفلسطينيون كثيرا و لذا فلا ينبغى أن ننسى معاناة اليهود وهكذا حتى نهاية العرض الساحر سطر يمحو آخر بميزان دقيق و تبقى الصفحة بيضاء..

و منذ يومين يعيد الساحر عرضه بناءا على طلب الجماهير التى إحتشدت لمشاهدته فى مسرح أكرا فى قلب إفريقيا و مرة أخرى يمارس الساحر حيله ذاتها و بالقدر ذاته من النجاح منقطع النظير فلا ينبغى أن ينكر أحد فداحة جرم الإستعمار و الرق و لكن فشل القارة فى إمتحان التنمية لا يسأل عنه إلا شعوبها و لا يحق لأحد أن يشارك الأفارقة مواردهم البترولية المكتشفة حديثا و لكن ينبغى أن يبحث الأفارقة عمن يساعدهم فى إستغلالها بالشكل الأمثل.. و لقد أثبت أصحاب البشرة السمراء أنهم أبناء عصرهم و أقبلوا على شراء صفحات أوباما و أياديه الممدودة و كلها بيضاء و إن لم تكن من غير سوء فهذا أمر لن يتبينه المنشغلون ببناء قصورهم على شواطئ الحلم الذهبية..
حفنة صغيرة من البشر ليست متصلة بشبكة أحلام أوباما .. ربما لأنهم لا يملكون ترف الحلم.. بالنسبة لهؤلاء لا يسوق أوباما أحلاما بل يصنع واقعهم اليومى الذى ينتزعهم من فرش النوم الخشنة قبل أن يتيسر لهم أن يحلموا بشيئ.. لقد وصلت يد أوباما الممدودة إلى هؤلاء و صلت مع آلاف الجنود المدججين بالسلاح.. و رسالة أوباما لهؤلاء لا تختلف بشكل جذرى عن رسالته لغيرهم فهى رسالة محو.. تمحو عالمهم الصغير الفقير الذى إعترض صدفة شبكة العصر الحديث لتسويق الصفحات البيضاء..

لا يملك هؤلاء ثمن الحلم لأنهم حتى لا يملكون قوت يومهم و من ثم فليس بإمكانهم الولوج إلى شبكة أوباما التى تحصل من الناس أحلامهم و تدفع لهم فى مقابلها كروت إئتمان تضمنها بنوك أمريكية يمضى الآن مديروها إجازات نهاية الخدمة بعدما أعلنوا إفلاسها إلا من بضع الملايين التى تقاضوها كمكافآت نظير خدماتهم الجليلة.. و لكن للأسف الشديد ليس لأفغانستان شواطئ ذهبية و نساؤها بعد ما يقرب من عقد من الإحتلال الأمريكى مازلن يفضلن البراقع التى فرضتها عليهم طالبان التى قيل أنها هزمت و لكنها تسيطر فعليا على كامل الريف الأفغانى إضافة إلى مرتفعات وزيرستان الباكستانية.. و ليس من سبيل إلى تحرير المرأة الأفغانية إلا بقصفها مرة ثانية بل ثالثة أو رابعة .. لم يعد أحد يهتم بالعد فطوال ثلاثين عاما تعاون الأفغان مع محسنون من شتى دول العالم الحر و غير الحر فى قصف ماكان أشباه مدن و قرى لتسويته بما يشبه أرضهم التى كانت..

باراك أوباما و بين رحلاته لتسويق حلم "نعم نستطيع" حتى باب كل منزل متصل بشبكة الأحلام كان يمارس السياسة بمعناها الحقيقى و هى فن الممكن.. فمن الممكن أن تقتل من الأفغان أكثر مما قتل بوش الصغير و تدخل التاريخ بينما يخرج هو إلى مزبلة التاريخ .. و من الممكن أن تفرض على حكومة باكستان الديموقراطية أن تقصف مواطنيها بينما فشل نفس البوش فى إقناع ديكتاتور باكستان السابق غير الديموقراطى بفعل الشيئ ذاته .. وفى حين تعبت قدما بوش المسكين و هو يدور بين عواصم إفريقيا بحثا عمن يقبل بالمركز الرئيسى لقوة المخابرات و الإرهاب الأمريكى أفريكوم على أرضه دون جدوى فمن الممكن الآن أن تختار على مهل من بين العواصم المتلهفة على فتح أبوابها لأفريكوم ذاتها..

من فن الممكن أيضا أن تصرخ فى وجه نتنياهو حتى يجمد بناء المستوطنات بينما تمولها بزيادة المعونة المقدمة إلى الدولة اليهودية و سيشكرك العرب كراع للسلام بينما يلعنون بوش الأب الذى جمد فعليا الإئتمان الذى كانت بلاده تقدمه لعمليات البناء فى المستوطنات .. و من الممكن أن يصفق لك الجميع عندما تنطق بكلمة الدولة الفلسطينية التى لم يصفق أحد عندما نطق بها بوش الإبن الكريه و سيتفهمون ترحيبك بقبول نتنياهو بهذه الدولة رغم أن تعريفه لها أدنى كثيرا من تعريف معلمه المجحوم شارون و كل ماهناك أنه سماها دجاجا مقليا ولكنه للأسف لم يكن يعرف سر الخلطة.. و الآن يمكنك أن تتقاضى من العرب ثمن تجميد المستوطنات التى يجرى العمل عليها بفضل تمويلك على هيئة تطبيع مع الدولة اليهودية و هو مالم يحصل بوش عليه رغم تسويقه لمشهد تعليق زعيم عربى كذبيحة فى عيد الأضحى على كل القنوات العربية!

يبدو أن السياسة فى النهاية تبقى فن الممكن.. و الممكن هو تعبير عما يستطاع فعله و ماتدعمه قوتك.. و الممكن ليس حلما طليقا فى فضاء الوهم غير المحدود.. فالحلم يمكنك أن تصحو على حقيقته فتجد أن الحوار المتبادل هو أن أضربك فتصرخ و أن إحترام الآخر أن تحترم قوتى فأحترم إذعانك و أن التسوية السلمية و الحل العادل للقضية هى تسوية للقضية بالأرض بشكل سلمى يرضى عادل إمام..

الأربعاء، 8 يوليو 2009

الصيد فى المياه العكرة

تقدم اليوم نبيه الوحش المحامى المتخصص فى الصيد فى المياه العكرة ببلاغ إلى النائب العام يطالب بالتحقيق مع 11 شخصية عامة مصرية بتهمة التحريض على قتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى .. دعوى الوحش إستندت إلى أن كل من هذه الشخصيات قد إتخذ موقفا معاديا أو متخاذلا من الحجاب مما دفع المتعصب الألمانى إلى الإعتداء على الشهيدة المصرية..

هذه الدعوى التى تقدم بها الوحش لا يمكن فصلها عن موقف جريدة اليوم السابع و التى أعتقد شخصيا أنها أهم من روج للقب "شهيدة الحجاب" .. ففى عددها المنشور بالأمس أفردت الصحيفة صفحتين لقضية إستشهاد مروة و هو أمر طبيعى و ضرورى أيضا و لكن أحد هاتين الصفحتين خصصت بكاملها لعرض وجهة النظر التى عبر عنها نبيه الوحش فى دعواه ..

على هذه الصفحة نشرت اليوم السابع ثلاث مقالات بالعناوين التالية: "المؤامرة على حجاب مروة الشربينى بدأت فى القاهرة" و"حاسبوا قتلة مروة الشربينى فى مصر قبل أن تحاسبوا قاتلها فى برلين" و "مفاجأة جديدة .. أعداء الحجاب فى مصر يعتبرون وجود المحجبات فى أوروبا إستفزازا للثقافة الغربية!".

منذ بدأ الحوار حول هذه القضية أظهرت لعديدين ضيقى و إنزعاجى لمحاولة الترويج للقب "شهيدة الحجاب" .. ليس إعتراضا على كون مروة شهيدة بالطبع فهى إنسانة مسالمة قتلت غيلة و غدرا و هذا كاف لإعتبارها شهيدة .. و لكن القرن بين الشهادة و الحجاب هو بالتأكيد قفز فوق الحقائق و تصوير للأمور على غير الواقع .. مروة قتلت لأنها مسلمة و حقد ذلك المتعصب الحقير هو حقد موجه لكل مسلم و مسلمة.. حجاب مروة كان العلامة المميزة التى أشارت إلى حقيقة كونها مسلمة و لكن لو لم تكن محجبة و تصادف أن عرف ذلك المجرم أنها مسلمة بأى طريق آخر فما كانت النتائج لتتبدل بأى شكل..

هل ينفى ذلك أن ثمة قضية مثارة فى أوروبا عامة و فى فرنسا بشكل خاص حول الزى الإسلامى للمرأة بين الحجاب و النقاب؟ .. لا بالطبع .. و هل ينفى أن ثمة قضية للحجاب و النقاب مثارة و تناقش فى بلادنا ذاتها؟ .. الإجابة أيضا بلا .. و لكن الجمع بين القضيتين لمجرد تطابق العناوين هو خلط متعمد للأوراق و يعتمد على أن المتابع لا قدرة لديه على النظر إلى الأمور بالعمق المطلوب..

قضية الحجاب فى فرنسا تتعلق بتدخل دولة علمانية فى الحرية الشخصية التى يكفلها دستور هذه البلاد لمواطنيها من خلال منع بعضهم من إرتداء زى محدد .. الدولة ترى أن الحجاب رمز إسلامى يراد من إرتدائه إعلان الهوية الدينية و هو أمر تحظره القوانين العلمانية داخل المدارس تحديدا و لذلك فالقرار كان محصورا بتلك المدارس .. هذا القرار يكشف قصورا بالغا فى فهم حقيقة الحجاب لأنه ليس رمزا يشبه إرتداء رجل أو إمرأة لسلسلة يتدلى منها صليب على صدره و لكنه فى عقيدة أغلب المسلمين فريضة ينبغى على كل مسلمة الإلتزام بها كما تلتزم بالصلاة و الصوم فى رمضان إلخ .. و لذلك فقضية الحجاب فى فرنسا و فى أى دولة غربية أخرى قد تنظر فى منعه هى قضية دفاع عن حق كل إنسان فى ممارسة ما تمليه عليه عقيدته الدينية.. و لنكن أكثر وضوحا فى ذلك فليس يدخل فى تلك القضية مناقشة رأى أى إنسان غربى فى الحجاب نفسه فإن كان يراه قيدا على حرية المرأة أو مظهرا لدونيتها أو غير ذلك فهذا شأنه و من حقنا أن نناقشه فيه و لكن لا يدخل هذا فى إطار القضية الواضحة التى حدودها هى حرية العقيدة و حرية الممارسة للشعائر الدينية..

قضية الحجاب فى بلادنا لها أبعاد أعقد .. و فى أحد أوجهها هى على عكس قضيته فى الخارج .. ففى بلادنا يقوم البعض بفرض الحجاب على بناتهم أو زوجاتهم و يعمد البعض إلى إشاعة مناخ ضاغط يحاصر كل من تختار ألا ترتدى الحجاب و يربط بين خيارها ذلك و بين إتهامات أخلاقية مختلفة .. هذا كله فى إطار توجه أصبح عاما يسمح لأى شخص أو مؤسسة بالتدخل فى الحياة الشخصية لأى إنسان بدعوى إشاعة القيم و الأخلاقيات الإسلامية فى المجتمع .. هذا التوجه يتجلى فى كثير من المظاهر أكثرها وضوحا هو مطاردة الكتب و الأعمال الفنية و ملاحقتها بالدعاوى القضائية و تدخل بعض المؤسسات لمصادرتها أو التحريض ضدها إلى حد دفع البعض إلى التظاهر لمهاجمتها! ..

قضية الحجاب هنا عندما يتصدى لها البعض تتعلق بمحاولة إقناع المجتمع بتبنى نهجا أكثر تسامحا و أقل تدخلا فى الحرية الشحصية للمرأة.. و فى هذه النقطة تحديدا تتلقى القضية داخليا و خارجيا .. فإذا دافعنا عن حق المرأة المسلمة فى الخارج فى أن ترتدى الحجاب لأنها بذلك تمارس حقها فى ممارسة شعائر دينها وفق عقيدتها فينبغى أيضا أن ندافع عن حق أى إمرأة مسلمة فى أن تمارس حقها فى ألا ترتدى الحجاب إذا كانت تعتقد أنه ليس شعيرة إسلامية واجبة..

ليس هذا إلا وجه واحد للقضية لأنه بالمقابل تشهد بلادنا تمييزا ضد الحجاب تمارسه جهات و مؤسسات رسمية و غير رسمية .. أغلب هذا التمييز يتجلى فى حرمان المرأة المحجبة من فرصة الحصول على وظائف بعينها مثل الظهور على شاشة التليفزيون كمذيعة أو العمل كمضيفة على طائرة أو فندق إلخ .. أغرب مظاهر التمييز ظهر مؤخرا مع إمتناع مطاعم و مقاهى فاخرة عن إستقبال المحجبات بدعاوى سخيفة و مرفوضة .. إجمالا تندرج هذه الممارسات تحت قضية تدور حول التمييز ضد فئة من المجتمع بسبب خيارات يكفل الدستور لها حرية الإختيار فيها..

بعيدا عن الأوجه القانونية و الدستورية لقضية الحجاب فى بلادنا لا يبقى سوى النقاش و الجدل الذى يتراوح بين الشرعية و الحضارية و الرمزية و هذا كله يندرج تحت حرية الرأى و التعبير.. فمن حق أى إنسان أن يرى الحجاب ضرورة شرعية و يعلن عن رأيه و يدعو كل مسلمة إلى الإلتزام به.. فى المقابل من حق أى إنسان أن يتشكك فى مدى ثبوت شرعية الحجاب و يوضح رأيه هذا و يدعو له.. تدنى مستوى مثل هذا الحوار و تحوله إلى وصلات من الردح و السباب المتبادل و الإتهام بالإلحاد على جانب و بالتخلف و الرجعية على الجانب الآخر هو مسئولية المتحاورين و مسئولية المجتمع ككل الذى لم ينضج بعد بحيث يدير حواراته حول أى قضية فى مناخ أقل توترا و أكثر قدرة على إحترام الرأى و الرأى النقيض..

المأساة هى خلط الأوراق و نقل الحوار من قضية إلى أخر دون تبين حدود كل منها و أمثلة ذلك هى السائدة بحيث لا يكون أمامنا سوى التسليم بأن من يقدمون على ذلك إما أنهم جاهلون بالأطر الحقيقية لقضاياهم أو أنهم يتعمدون خلط الأوراق بهدف الصيد فى الماء العكر..

عندما ثارت قضية النقاب فى المحتوى الغربى بإعلان ساركوزى أن النقاب ليس مرحبا به فى فرنسا رأينا أحد المدافعات عن حقوق المرأة فى مصر تعلن عن تأييدها لمنع النقاب فى فرنسا!! و إستخدمت لتأييد رأيها هذا حجة أن النقاب ليس فريضة إسلامية!! .. هذا نموذج صارخ لخلط الأوراق و نقل القضية من صورتها المحلية إلى صورتها الخارجية .. المفروض أن الناشطة المصرية تدافع هنا عن حرية المرأة فى أن تختار و لكنها دعمت قرارا يحرم المرأة من الإختيار!.. فى نفس الوقت نقلت إلى سياق الحوار الخارجى شأنا إسلاميا و هو نقاش فرضية النقاب من عدمه و ليس لهذا النقاش علاقة بالقضية فى الخارج من قريب أو بعيد فالدولة العلمانية ليست حكما فى صحيح الشريعة الإسلامية أو المسيحية أو البوذية و يحظر عليها أصلا أن تتخذ قرارا بناءا على أى من هذه الشرائع سواء كان موضع القرار مجمع عليه أو مختلف فيه..

فى المقابل و مع الحادث المؤلم الذى ذهبت فيه مروة الشربينى ضحية للتعصب نرى نموذجا جديدا لخلط الأوراق .. فكما أوضحت لم تقتل مروة نتيجة لكونها محجبة بل نتيجة لكونها مسلمة أجنبية فى بلد يرى متعصبوه أنه ينبغى التخلص من كل أجنبى مقيم على أرضه .. لا علاقة للأمر هنا بحجاب مروة أو بالقضايا المثارة حول الحجاب .. و بالتأكيد لا توجد أى علاقة للأمر بحوار البعض هنا داخل مصر حول الحجاب فكما بينت يدور هذا الحوار حول حرية المرأة فى إختيار أن ترتدى الحجاب أو لا ترتديه و حول التمييز ضد المرأة بسبب حجابها و حول شرعية الحجاب و فرضيته .. و مثل هذا الحوار محصور فى بلادنا و من السخف تصور أن له أى أصداء خارجية إلا إذا..

إلا إذا هذه تتعلق بأن يقودنا خلط الأوراق فعلا إلى أن تندمج القضية بالخارج بالقضية فى الداخل و تتبادلا الحجج و وسائل الصراع بالرغم من أن المحيط و البيئة و المناخ مختلفين بل و متناقضين .. فعندما تتحدث الناشطة المصرية التى أشرت إليها إلى جمهور غربى حول أن النقاب ليس من الشريعة الإسلامية بل ممارسة متطرفة يفرضها المتعصبون فهى بذلك تروج لكذبة يصعب على جمهورها الوصول إلى حقيقتها و بالتالى فى فعلا تساعد على ترسيخ صورة غير صحيحة عن إرتباط النقاب بالتطرف و التعصب و من ثم بالإرهاب و هو مخزن المخاوف الغربية و بذلك تدعم هذه الناشطة من حيث لاتدرى مقولات يستخدمها اليمينيون المتطرفون فى الغرب ضد المسلمين و ضد مظاهر ممارستهم لشعائرهم الدينية..!!

و مرة أخر فى المقابل عندما يستخدم طرف فى الحوار الداخلى حول الحرية الشخصية و علاقتها بالشرائع الإسلامية حادث إستشهاد مروة كسلاح يشهره فى أوجه أطراف أخرى فى هذا الحوار فهو يخرج الحدث خارج سياقه و يحاول دعم تيار من الإرهاب الفكرى يقيد حق كل إنسان فى أن يكون له رأيه فى الحجاب أو غيره..

المحصلة أن خلط الأوراق من كلا الطرفين يدعم التوجه الأسوأ على الضفتين .. فالبعض يدعم أن يتجه الآخر الغربى أكثر إلى الشك بكل ما هو مسلم و يحفز قدرا أكبر من التعصب و تراجعا فى دعم الحرية الشخصية .. و البعض الآخر يدعم أن نتجه فى الداخل إلى قدر أكبر من تكميم الأفواه و محاصرة العقول و يقدم أسلحة جديدة لمهاجمة كل صاحب رأى و تظل الحرية الشخصية هى الخاسر الأكبر هنا أيضا..

نقطة اللقاء الحقيقية و الصحيحة بين قضية الحجاب فى الداخل و الخارج هى فى دعم حقوق الإنسان و حريته .. هذه هى دعامة دفاعنا عن حق المسلمة فى الخارج فى أن ترتدى حجابها أو نقابها وفق ما يمليه عليها خيارها الحر لما تعتقد فى أنه صواب و هى أيضا دعامة دفاعنا عن حق المسلمة فى الداخل فى أن تكتفى بالحجاب أو لا ترتديه وفق عقيدتها الشخصية و حقها فى ألا تضار فتحرم من وظيفة تستحقها أو تمنع من دخول مكان يحق لها كغيرها الدخول إليه ..

نقطة اللقاء الحقيقية و الصحيحة فى صورة أعم و أشمل هى أنه وبينما ننتفض غضبا على التعصب الغربى ضد المسلمين الوافدين عليه لا ينبغى أن نغفل برودنا و الشماتة المعيبة التى نظر بها البعض إلى التعصب الصارخ الذى قاد البعض إلى مهاجمة أناس آمنون فى بيوتهم و حرق تلك البيوت عليهم لأنهم يدينون بديانة لا تعجبهم رغم أنهم مواطنون مصريون لم يفدوا من الخارج!! .. علينا و نحن نطالب الآخر بأن يشعر بالخزى لعنصريته أن نستشعر الخزى نفسه لطائفيتنا التى تصل إلى منع الناس من الصلاة فى بيوتهم!! .. لا أطلب أن يكون صوتنا خفيضا فى مواجهة الآخر الغربى و لكنى أطالب برفع نفس الأصوات فى وجه الذات و محاولة إقامتها على الصواب الذى نطالب غيرنا بالإلتزام به.. و قبل ذلك فليتوقف محترفوا الصيد فى الماء العكر عن هوايتهم البغيضة و ليتنا نعمل على تصفية المياه حتى لا يمكن للمغرضين الصيد فيها..

السبت، 4 يوليو 2009

الحرية الغربية .. يمكنك أن ترتدى الحجاب و يمكننا أن نقتلك!!

البعض يروج للحرية بمفهومها الغربى و البعض الآخر يهاجم الحرية أيضا بمفهومها الغربى و كأن كلمة الحرية فى ذاتها هى واحدة من تلك المصطلحات التى لم يكن لها وجود فى معجمنا فنحتناها أو ترجمناها عن أصل غربى .. و كأنما لا يمكن لنا أن نؤصل لمفهوم خاص بنا للحرية .. حرية الفرد و حرية الجماعة و حرية المجتمع ككل ..

مروجى الحرية الغربية حريصون على إستيراد مظاهرها و مفاهيمها من الغرب و بلغ من تسليمهم للريادة الغربية فى هذا المجال حد تصور أن كل ما يرد من الغرب لا يأتيه الباطل من يديه أو من خلفه.. ظهر هذا جليا فى آراء هؤلاء التى عبروا عنها تعليقا على بيان نيكولا ساركوزى الرئيس الفرنسى أمام الجمعية الوطنية الفرنسية و الذى قال فيه أن النقاب هو مظهر من مظاهر إستعباد المرأة و إلغاء وجودها و لذا فهو غير مرحب به فى فرنسا.. و خرج علينا معلقون عرب و مسلمون يهللون لبيان ساركوزى و يقولون أنه لا شبهة فيه للهجوم على الإسلام حيث أن النقاب ليس جزءا من الشريعة الإسلامية و إنما هو عادة بدوية يرغب بعض المتعصبون و المتطرفون إلى إلصاقها قسرا بالإسلام و يريدون بها تحجيم المرأة و إلغاء وجودها..

يبدو أن مثل هؤلاء لا يمكن لهم تصور أن رئيس فرنسا معقل العلمانية و الحرية و التنوير يمكن أن يخطئ فى أمر يتعلق بالحرية .. و ربما لاقى حديث ساركوزى عن النقاب إستحسانهم لمجرد أنه يلتقى مع آرائهم الشخصية و تطلعهم إلى التخلص من النقاب كظاهرة غير حضارية.. فى الحالتين فات هؤلاء كما فات ساركوزى نفسه نقطة شديدة الوضوح و هى أن مفهوم الحرية الشخصية فى إطار علمانى هو مفهوم فردى .. و هذا يعنى أن حق الإنسان فى الإعتقاد و إختيار أزيائه هو أمر يتعلق بكل فرد على حده و بالتالى لا يحق لأحد مناقشة خيارات شخص ما بدعوى أنها ليست من صحيح دين أو عقيدة ما..

سأقول هذا مرة أخرى بكلمات مختلفة .. الحرية الشخصية تعنى أن كل إنسان له الحق فى أن تكون له عقيدته الدينية التى يختارها كما أن من حقه أن يمارس هذه العقيدة بالشكل الذى يراه هو مناسبا و هذا يعنى أنه لو أراد أحدهم أن يخترع عقيدة ما لم يسبق أن كان لها وجود من قبل و نسب إلى تلك العقيدة ممارسات من أى نوع أو سبل تعبير من أى شكل كأن يرتدى ملابسه بالمقلوب أو يلبس طرطورا بشرائط زاهية إلخ ففى إطار الحرية الشخصية فإن هذا الشخص له مطلق الحرية فى فعل تلك الأمور جميعا .. و للآخرين أيضا مطلق الحرية فى إعتباره أبلها أو مجنونا دون أن يتعرضوا له بأذى..

تأسيسا على هذه الحقيقة التى لا أعتقد أن الإخوة مروجى الحرية الغربية يمكنهم معارضتها فإن القول بأن النقاب ليس جزءا من الشريعة الإسلامية لا علاقة له مطلقا بحق أى إمرأة فى أن تعتقد بعكس ذلك .. و يمكن لأحدهم أن يقول أن عقيدتها هى شكل مغلوط للإسلام و لكن لا يمكنه أن يمنعها من الإعتقاد بما تشاء أو من أن تترجم عقيدتها عمليا بإرتداء النقاب..

على جانب آخر لا يسعنا أن نتجاهل أن ساركوزى هو رئيس الدولة التى منعت إرتداء الحجاب فى مدارسها العامة و لايمكننا إلا أن نتساءل لماذا لم نسمع عن قوانين تمنع إرتداء أى ملابس ذات دلالة دينية تتعلق بديانة أخى غير الإسلام ؟ .. و لماذا يتزامن ذلك مع تصاعد لمشاعر الكراهية و العداء للإسلام و المسلمين فى الغرب و هو أمر يثبته كثير من المظاهر و الممارسات فردية و جماعية و رسمية .. و فى الأيام الأخيرة فقط إضافة إلى بيان ساركوزى كان هناك طلب فى برلمان سويسرا لمنع بناء المآذن ثم كانت الجريمة البشعة التى أقدم فيها متعصب أو لنقول إرهابى ألمانى من أصل روسى على قتل أم و زوجة مصرية مسلمة داخل قاعة محكمة فى درسدن بألمانيا ..

مروة الشربينى التى قبل مقتلها تعاملت بحضارية مع تطاولات الإرهابى الألمانى فتقدمت بشكوى و قضت لها محكمة ألمانية بتعويض لثبوت إعتداء المجرم الألمانى عليها بعبارات عنصرية لمجرد أنها ترتدى الحجاب .. و فى إطار الجلسة التى عقدتها المحكمة للنظر فى معارضة الحكم السابق هاجم الإرهابى السيدة المصرية و طعنها بسكينه أحدعشرة طعنة أودت بحياتها و أصاب زوجها بعدد من الطعنات كما أصابت الزوج طلقات نارية مصدرها رجال الشرطة الذين تدخلوا لوقف الجريمة!!.. حدث ها كله على مرأى من إبن مروة و هو طفل فى الثالثة من عمره فقد أمه و شقيقه الذى كان لايزال جنينا فى أحشائها..

الإخوة و الأخوات مناصرى الحرية الغربية و حقوق الإنسان الذين يروجون لأجندات تحررية تشمل حقوق المثليين و حق الإجهاض الإختيارى كأولويات لم يبدى أحدهم إهتماما بالمصرية التى سلبت حق الحياة الذى هو الحق الأول على لائحة الإعلان العام لحقوق الإنسان.. و لم يسبق لأحدهم أن تحدث عن حقوق المسلمين و العرب فى الغرب فى ألا يتعرضوا للإضطهاد بسبب عقيدتهم أو جنسياتهم .. و يبدو أنهم يرون الدفاع عن حقوق المسلمين و العرب عملا مخجلا من منطلق أن الإنتماء إلى الإسلام و العروبة هو فى ذاته أمر مخزى حيث أن التطور الطبيعى لمفاهيم العلمانية و الحرية الغربية أن يتخفف الناس من إنتماءاتهم العقائدية و القومية و كأنما يستحيل عليك أن تشارك فى المجتمع البشرى المتحضر إلا إذا طرحت عنك ديانك و جنسك!!

يعتقد الغربيون أن ثقافتهم تعبر عن التطور المنطقى و السليم للمجتمع البشرى المثالى .. فى حين أن الحقيقة المؤكدة أن جميع المبادئ الإنسانية قد تطورت فى مجتمعاتهم فى إطار نظرة إستعمارية و إستعلائية تجاه الآخر غير الغربى و لذلك ففهمهم لتلك المبادئ يتعارض دائما مع عقائد و ثقافات الآخرين و هم يطالبون هؤلاء إما بطرح عقائدهم أو تشويهها أو بإلتزام موقف دفاعى دائم فى محاولة إثبات أن عقائدهم المتهمة هى فى الواقع تتفق تماما مع الفهم المحدود للمبادئ الإنسانية كما يراها العقل الغربى.. المنطق الغربى لا يزال إستبعاديا و إستعماريا فى أساسه فهو يسعى إلى قتل الآخر معنويا من خلال إجباره على أن يكون نسخة مطابقة للذات الغربية التى ترفض أن تقبل الآخر إلا بشرط تخليه عن كل ما يميزه عنها ..

نحن قادرون تماما على أن نطور مفاهيمنا الخاصة للمبادئ الإنسانية العامة و سنجد فى تراثنا و عقيدتنا و فى ثقافتنا الحديثة أيضا مصادر نبدأ منها .. و علينا أن نتحرر من شعور الدونية الذى يفرض علينا الحاجة إلى الحصول على إعتراف و موافقة الآخر على إختياراتنا .. مانختاره لأنفسنا هو شأننا الخاص و يتطلب توافقنا الداخلى حوله و لن نقبل فى إطار ذلك مرجعيات خارجة عنا.. لا أغفل بذلك أن مجتمعاتنا فى حاجة إلى تصحيح مفاهيم كثيرة فى ثقافتها و ممارساتها و لكن هذا التصحيح ينبغى أن يكون نابعا منا و لا يجب أن يكون الهدف منه هو تحويل مجتمعنا و ثقافتنا إلى صورة باهتة و مشوهة من مجتمعات و ثقافات أخرى ليست مثالا حقيقيا لغيرها و ليست مثالية فى ذاتها..

الخميس، 2 يوليو 2009

الحرية للمعتقلين الإيرانيين..

سؤال: لماذا ينبغى أن نتضامن مع المعتقلين فى إيران على خلفية التظاهرات و أعمال الشغب التى حدثت فى أعقاب الإنتخابات الرئاسية هناك فى 12 يونيو الماضى؟

الإجابة:
1- لأنه علينا أن يكون لنا موقف مبدأى مع كل من يقع عليه أحد ألوان الظلم نتيجة لممارسته حقه الأصيل فى التعبير عن رأيه و المطالبة بحقوقه السياسية كاملة..

2 - أن إيران بلد هام فى منطقتنا و هو يتعرض لحصار و ضغوط خارجية بعض أسبابها هو ما يقدمه هذا البلد من دعم لقضايانا فى وقت تخلت فيه نظمنا العربية تماما عن دورها تجاه هذه القضايا .. و على الرغم من أن الظلم الواقع على المعتقلين فى إيران قام به نظام نعتبره صديقا و حليفا إلا أننا نتبع هنا مبدأ نصرة الأخ فى حال كونه ظالما من خلال محاولة رده إلى الصواب ..

لهذه الأسباب يقوم مجموعة من المدونين المصريين بحملة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين فى إيران مؤخرا .. و أتمنى أن يجد من يقرأ هذه الكلمات فى نفسه الرغبة فى المشاركة حتى و إن إختلف معنا فى الأسباب و لكنه قد يتفق فى المسعى نفسه..

زوروا موقع الحرية للمعتقلين الإيرانيين..

الأحد، 28 يونيو 2009

29 يوما من الإضراب! .. من يهتم؟

ليس حكومتنا الذكية أو رئيسنا المنحاز لمحدودى الدخل الذى قاتل من أجل زيادة العلاوة من 5% إلى 10%..

عمال شركة طنطا للكتان و الزيوت مازالوا مستمرين فى إضرابهم الذى بدأ قبل 29 يوما .. و كما نقلت عنهم اليوم السابع على موقعها فهم متمسكون بإضرابهم حتى يستجيب المستثمر السعودى الظالم ..

أصدر عمال الشركة بيانا بالأمس لتوضيح مطالبهم و منها حقهم فى حوافز الأرباح التى لم تصرف لهم منذ تم خصخصة الشركة و تعللت الإدارة بأن الشركة تتعرض لخسائر و هو ما يثبت كذبه تقرير لليوم السابع أيضا.

شركة طنطا للكتان و الزيوت هى واحدة من نماذج عديدة لما تتعرض له الصناعة المصرية و ما يلقاه عمال مصر نتيجة لسياسات حكومة لا تعمل إلا لصالح فئة محدودة العدد من النهابين و الفاسدين .. عملية الخصخصة التى إنتقلت بها ملكية الشركة إلى المستثمر السعودى حلقة من حلقات إهدار أموال هذا الشعب و تضييع حقوق عماله .. تخلى الإتحاد المصرى لنقابات العمال عن عمال طنطا للكتان يثبت أن هذا الإتحاد الحكومى لا يمثل العمال و أصبح لزاما أن يشكل العمال نقاباتهم المستقلة التى يمكن أن تقود نضالهم من أجل حقوق يصر النظام على إهدارها عامدا متعمدا .. تجاهل الحكومة النظيفة عن حقوق العمال التى يدعمها القانون بل إنحياز أجهزتها الأمنية للمستثمر السعودى و تضييقها على العمال المضربين و إحباطها لمحاولاتهم تنظيم وقفات إحتجاجية أمام مجلس الشعب و أمام محافظة الغربية كل هذا يثبت أن النظام و حكومته هم فى خندق واحد مع كل مستغل مصرى أو أجنبى ضد مصالح هذا الشعب و ضد قوت و رزق عماله و أولادهم..

معركة عمال طنطا هى معركتنا جميعا لأنهم لو تم إخضاعهم اليوم فإن بصيص الأمل فى أن يكون لحراك فئات هذا الشعب المقهورة جدوى سيضيع و يذوى و لا يبقى لنا جميعا سوى اليأس نتجرعه مرا بينما بلدنا يقتل جوعا و فقرا و قهرا و مستقبل أولادنا يضيع قبل أن يبدأ..

ساندوا عمال طنطا الشرفاء و لو بكلمة على بلوج أو إتصال لأحد برامج التوك شو تطالبونه بنظرة إلى كفاحهم ..

السبت، 27 يونيو 2009

عمال مصر.. الضوء فى نهاية النفق..

عمال مصر ينشطون فى المطالبة بحقوقهم و فى الدفاع عنها.. إن لم تكن لاحظت ذلك أو لم تقدره كظاهرة و ليس كمجرد أحداث فردية متفرقة فربما عليك أن تراجع أحداث السنوات الأخيرة ..

يمكنك أن تبدأ من الأحدث حيث إستضافت نقابة الصحفيين ندوة بعنوان "الحريات النقابية .. إلى أين؟" .. و يمكنك أن تتخذ من هذا الحدث مدخلا لمعرفة المزيد عن نضال عمال مصر من خلال عيون و كلمات و أرشيف وصلات الإنترنت لحسام الحملاوى 3rabawy .. حسام الذى نقل لمتابعيه على التويتر وصفا حيا لوقائع الندوة و الوقفة الإحتجاجية التى تلتها سجل على مدونته بالصورة و بكلمات مختصرة و لكن معبرة بعض جوانب الحدث الذى وددت لو أن مصر كلها تابعته فى بث مباشر ..

أدعوك لتهتف: اصحى يا عامل مصر يا مجدع .. وافهم دورك ف الوردية .. مهما بتتعب مهما بتصنع .. تعبك رايح للحرامية و تتبع كفاح عمال شركة طنطا للكتان الذين دخل إضرابهم يومه السابع و العشرين أمس و هم مستمرون فى تحديهم للمستثمر السعودى الذى ألغى عقد علاج عمال الشركة .. و أظنك ستتفق أن الإضراب مشروع مشروع .. ضد الفقر و ضد الجوع مع عمال و موظفى البريد و الذين أصدرت بالأمس أيضا اللجنة العليا للدفاع عن حقوقهم بيانها الثانى و نقل حسام عن قائدهم بكفر الشيخ قوله أنهم سينفذون إضرابا يهز الجمهورية .. و لو كنت تتساءل: حسين مجاور يبقى مين ؟ .. فجموع عمال النسيج و البريد و الضرائب العقارية و غيرهم ممن إحتشدوا فى هذه الوقفة سيجيبونك : يبقى حرامى الشقيانين .. و ستتمنى معنا لو أن كل فئة من عمال مصر نجحت فى تشكيل نقابتها المستقلة عن إتحاد إستغلال عمال مصر الحكومى الغاصب لإرادة الملايين من كادحى هذا البلد .. و ستجد فى تجربة النقابة المستقلة لموظفى الضرائب العقارية نموذجا يعطينا الأمل فى غد مختلف يشهد صحوة لحراك عمال مصر..

يمكنك أن تعرف المزيد عن حراك عمال مصر الذين يقول المرصد النقابى و العمالى المصرى أنهم قاموا ب40 إحتجاج عمالى خلال النصف الأول من شهر يونيو الجارى من خلال موقع تضامن و أدعوك إلى قراءة العدد الأول من نشرته "اللى بنى مصر" .. و يمكنك أيضا أن تستفيد من متابعات موقع مركز الدراسات الإشتراكية - مصر إضافة إلى مدونة 3arabawy للصحفى و الناشط حسام الحملاوى الذى سطوت بدون خجل على معظم المعلومات التى ضمنتها هذه التدوينة من خلاله..


ربما تتساءل : لماذا يجب أن نهتم ؟ ..

إذا كنت تعتقد مثلى أن التغيير هو ضرورة حياة كريمة فى مقابل فقر و مذلة, الموت أفضل منهما فيمكنك أن تدرك قدر ما ينطوى عليه حراك عمال مصر من أهمية كبيرة .. و إذا كنت قد تابعت إنحسار الأمل فى حركات التغيير الشبابية و ما أصابها من تخبط و ضياع لملامح الطريق و شهدت فى حسرة أحداث إيران الأخيرة متسائلا لماذا ليس نحن؟ فقد يقودك هذا إلى تبين أن الحراك من أجل التغيير لا يمكن أن يكون له أمل فى النجاح دون قاعدة شعبية..

إن حراك عمال مصر منبئ بأن القاعدة الشعبية قد بدأت تأخذ بزمام المبادرة و بدأت تتلمس مكامن قوتها و تستخدم هذه القوة لإستعادة بعض حقوقها المغتصبة و فى الدفاع عن القليل المتبقى لها من مكتسبات و فى إنتزاع إعتراف بقوة الأمر الواقع بشرعية الإحتجاج و الإضراب و الإعتصام..

صحيح أن أغلب مظاهر الإحتجاج العمالية كانت خاصة و مباشرة و معنية بمطالب فئوية بعضها محدود بمنشأة بعينها و البعض الآخر إتسع ليشمل فقط قطاعا بعينه من موظفى أحد المصالح الحكومية .. و لكن الصحيح أيضا أننا نشهد اليوم تقاربا و تنسيقا بين ممثلى هؤلاء إدراكا منهم بأن أسباب ما يعانيه كل منهم واحدة و أن هذه الأسباب كامنة فى سياسات دولة إنصرفت بكليتها إلى تحقيق مصالح أقلية من النهابين على حساب عموم أبناء هذا الشعب .. هذا التوجه من الحركات العمالية شديد الأهمية و يستحق أن نتابعه و نشجعه و نبحث معا عن سبل دعمه لأنه خطوة أولى على الطريق الوحيد فى إعتقادى لتحقيق التغيير..

و تذكر فى النهاية أنك إذا كنت ممن لا يملكون إلا جهدهم العقلى و الجسدى يقايضونه بأجر هو مصدر دخلهم الوحيد فأنت واحد من عمال مصر .. لا يهم أى نوع من الألقاب المهنية قد تزين به إسمك و لا يهم أيضا أى قدر من التعليم قد إحتجت لتحصل على هذا اللقب فإن فخرك الحقيقى فى أن تكون واحدا من عمال هذا البلد الذين هم بناته و سبب إستمراره.. فليمد كل واحد منا يده إلى الآخر و نتلمس سويا طريق الوحدة الذى به وحده نخرج من ظلمات الإستبداد و القهر والفساد والإفقار إلى أنوار الحرية و الكرامة و العدالة..

الاثنين، 22 يونيو 2009

نخبة رغم أنف العقل ..

لا يتسم شعبنا بالعقلانية .. فى الواقع لا تتسم الشعوب بالعقلانية و لذلك فليس شعبنا مختلفا فى هذا الأمر.. و لكن كثيرا من الشعوب تتسم النخبة المثقفة فيها بالعقلانية و لذلك تأخذ على عاتقها مهمة توضيح الأمور لشعوبها .. المختلف لدينا أن نخبتنا لم تعد مثقفة و من ثم لم تعد عقلانية أيضا ..

الخطأ لا يمكننا تحميل المسئولية عنه كاملة على عاتق نخبتنا .. فهم فى النهاية نتاج آلة بناء المواطن التى أصابها عطب كبير.. و النخبة فى النهاية هى مجموع الأفراد المهتمون بالشأن العام فى بلادهم و الناشطين فى التعبير عن آرائهم حول هذا الشأن .. هم جزء من الطبقة التى منحها التعلم قدرا كافيا من الوعى الذى يجعل أفرادها بطبيعتهم مهتمون بالكيفية التى تدار بها أمورهم..

فى حالتنا لا تصلح هذه التعريفات للتعبير عمن نسميهم بالنخبة بشكل دقيق .. فالقاعدة العريضة من المتعلمين التى يفترض بها أن تمدنا بالنخبة من بين صفوفها لا تملك و عيا حقيقيا و لا تدريبا أساسيا على إستخدام العقل فى النقد و التحليل .. و أفراد هذه الطبقة يكونون آراءهم بشكل إنطباعى و عاطفى و لا يملكون أدوات نقدية مناسبة لمراجعة هذه الآراء .. و مع إنتشار الإنترنت أصبح متاحا لبعضهم أو الأكثر حماسة لأفكاره منهم أن ينشط فى التعبير عن آرائه .. و بذلك فرض هؤلاء أنفسهم كنخبة من نوع ما ..

المتابع لما يكتبه المدونون المصريون فى مدوناتهم أو رسائلهم القصيرة على التويتر تأثرا و تعليقا على الأحداث العالمية و المحلية سيكتشف بسهولة أنهم فى معظمهم لا يكونون آراءهم المعلنة نتيجة عملية بحث و تحليل منطقية .. و هم أقرب إلى التمسك بقناعات ثابتة يستمرون فى الدفاع عنها حتى فى وجه الوقائع التى لا لبس فيها..

يبنى أفراد النخبة المصرية الجديدة تحيزاتهم على أساس ميول شخصية يمكننا أن نلمح فيها مؤثرات الطبقة أو التربية العائلية أو الثقافة الشعبية السائدة.. و يبدو واضحا أن أغلبهم لا يتبنى توجهاته بناءا على إختيار حر بين توجهات متعددة و لكنه يكاد لا يملك من أمر خياره شيئا.. و تنحصر معرفة أغلبهم فى الخطوط العريضة لشعارات و مبادئ التيار الذى ينتمى إليه و فى حجج هذا التيار و أساليب هجومه المضاد على مخالفيه بما فى ذلك الإتهامات النمطية التى ألصقها التيار بمن يختلفون معه .. و فى حمى المناقشة يعمد أنصار كل إتجاه إلى تقديم شعارات و مبادئ توجههم كتفسيرات للحدث أو القضية التى تتم مناقشتها.. ثم يقدمون الحجج المحفوظة و يمارسون خطط الهجوم المضاد المعروفة فى وجه من يناقشونهم.. و عندما ينضب معين الجميع مما يمكن قوله يبدأون فى التراشق بالتهم المعدة سلفا .. و المضحك المبكى بل المخزى أحيانا أن كثيرين من هؤلاء يوقعهم جهلهم بالخلفيات التاريخية و الفكرية لهذه الإتهامات فى تناقض إلصاقها بأفراد ينتمون لتيارات لا تتناسب الإتهامات معها أصلا..

و لأن إنتماء هؤلاء لتياراتهم هو إنتماء عاطفى فى أساسه فهم يتعاملون مع المتفقين معهم و المخالفين لهم بلغة الحب و الكراهية و هم أيضا يحملون توجههم الفكرى بقيم أخلاقية ينفونها عن غيرهم و لذلك فعندما تنضب الإتهامات المعدة سلفا ينحط الحوار بينهم إلى السباب المحض!! .. و عندما تفلس حجج الدفاع عن رموز التيار يلجأون إلى المصادرة على منتقديهم برفع هذه الرموز إلى مراتب العصمة الخلقية !!

لا يمكننا بالطبع أن نتوقع لأى حوار بين هؤلاء أن يتقدم خطوة واحدة فى أى إتجاه و هو أشبه بطقس فلكلورى أو مسرحية شعبية يجتمعون فيها لأداء أدوارهم المعدة سلفا و فى الخلفية يكون الحدث أو القضية التى يفترض أنهم إجتمعوا لمناقشتها هى مجرد ديكور يميز المشهد عن سابقيه .. و ينتهى العرض دائما عندما تصبح القضية قديمة أو تفقد بريقها و يخرج المشاركون دون أن يكتسب أحدهم معرفة جديدة و دون أن يكون قد توصل إلى فكرة واضحة عما كانت المناقشة تدور حوله..

لقد قلت فى البداية أن نخبتنا الجديدة هذه لا تتحمل المسئولية كاملة عن سلبياتها و نواقصها .. و لكن هذا لا يعنى تبرئتها تماما من المسئولية .. فليس صحيحا أن كل منا هو أسير أبدى لعوامل تكوين شخصيته فى الصغر .. و لا شك أن بمقدور كل إنسان أن يعيد تشكيل فكره و عقله إن كانت لديه الإرادة الكافية .. و لا يحتاج أى منا إلى أكثر من التحلى بالمرونة فى نظرته إلى الذات و الآخر .. و من خلال هذه المرونة يمكنه أن يبدأ بالتعرف على الآخر بعقلية منفتحة نقدية و ليست نقضية مغلقة ..

نحن فى عصر أصبحت المعرفة فيه متاحة لمن يطلبها بسهولة كبيرة .. وعندما أذكر ما كان متاح لى الوصول إليه من مصادر المعلومات و الأفكار منذ عقدين من الآن أشعر بحسد كبير لهؤلاء الأصغر سنا و الذين يجدون متاحا بين أيديهم عشرات أضعاف ما كان متاحا لى .. أن يغضى هؤلاء عما هو متاح لهم و يصرون على إحتباس عقولهم فى سجون فكر واحد و تيار بعينه هو جريمة يرتكبونها فى حق أنفسهم أولا و فى حق الوطن الذى لا خيار لديه فى أن يكونوا هم نخبته رغم أنفه..

الاثنين، 15 يونيو 2009

شباب الثورة المخملية..عذرا الرقم مرفوع مؤقتا من الخدمة

هل زورت نتائج الإنتخابات الإيرانية؟

إعتقادى الشخصى أنها لم تزور .. أقول هذا و لا أقطع به .. فالذى لن أمل من تكراره أبدا هو أن معرفتنا بالداخل الإيرانى ضئيلة للغاية .. و أقل ما تقتضيه الأمانة منا أن نستخدم فى حديثنا عن الشأن الداخلى الإيرانى عبارات غير قاطعة ..

على أى شيئ إذن أبنى إعتقادى هذا؟

ليس على ثقة كاملة فى أن التيار المحافظ فى إيران و المساند لنجاد من طبيعته أن يترفع عن تزوير الإنتخابات إذا ما شعر أن موقف مرشحه مهدد .. و لكن على إعتقاد بأن نجاد فى الواقع لم يكن فى حاجة إلى التزوير للفوز ..

نجاد ليس فقط مرشح التيار المحافظ .. فى الواقع ليس نجاد محبوبا بشدة من قبل رموز هذا التيار .. نجاد هو مرشح الفقراء و البسطاء الإيرانيين و هؤلاء هم الذين أقبلوا على التصويت بمعدل إستثنائى مساندة له و بعدما شعروا أنه يواجه منافسة شرسة هذه المرة .. و هؤلاء يؤيدون نجاد لأسباب خارج الإطار التقليدى للصراع بين المحافظين و الإصلاحيين .. أسبابهم تتعلق بأنه منهم و بأنه كسر التابو الخاص بإنفراد طبقة بعينها بالمناصب العليا فى الدولة .. و أسبابهم منها أن الرجل لم يخيب آمالهم فى فترة حكمه الأولى .. ظل على تواضعه .. ثابر على تعهد مشاكلهم و إهتماماتهم الصغيرة برعايته و رأوه بينهم فى كل مكان فى بلادهم و حتى فى أماكن لم تطأها قدما مسئول إيرانى رفيع فى يوم من الأيام .. صحيح أنه لم يرفع عنهم عبء الفقر و لم يحسن أحوالهم و لكنه فى المقابل قدم لهم ثباتا و قوة فى وجه تطاول الآخر الأجنبى عليهم و الشعب الإيرانى هو أحد تلك الشعوب التى تشبعها وجبات العوة الوطنية و تنسيها جوع المعدة..

فى المقابل ليست نسبة ال33% التى حصل عليه موسوى منافس نجاد نسبة ضئيلة قياسا على أن مؤيديه هم إجمالا من الطبقات المتوسطة و ما فوقها .. و إذا ما تذكرنا أن من بين هذه الطبقات أيضا يوجد أغلب المحافظين و الملالى و إذا ما قدرنا أن تلك الطبقات لا تمثل من أى شعب أكثر من 25% من سكانه على أفضل تقدير فسيبدو واضحا أن موسوى حاز بالفعل أقصى ما كان يمكن توقعه من أصوات لصالحه..

إذن هل كانت أعمال الشغب فى أعقاب ظهور النتائج من صنع عملاء و مأجورين؟

من صنعهم أى أنهم خلقوها من فراغ .. لا أعتقد .. هناك غاضبون فى إيران .. أبناء طبقة تشعر أنها همشت فى إطار النظام الحالى و نجاد بالنسبة لهم هو رمز لراديكالية النظام التى يرون أنها تخنق بلادهم و تقيد حرياتهم .. ربما لو ترك هؤلاء لأنفسهم لما ذهبوا بعيدا فى إحتجاجهم و لكن تحول الإحتجاج إلى أعمال شغب و تدمير و حرق إلخ يجعل من الراجح أن أيادى إمتدت و حناجر إستخدمت للتحريض و بث آمال و همية لتكرار تجارب سابقة فى بلدان أخرى .. مع ملاحظة أن الإطار مختلف و القوى التى نزلت إلى الشارع الإيرانى ليست حقا معبرة عن إرادة الغالبية حتى يمكن تصور أن تكرر تجارب الثورات البرتقالية و غيرها من الألوان..

لماذا بدا أن بلوجرية مصر أو تحديدا اليساريون و القوميون متحاملون على هذا الشباب الإيرانى الغاضب و منحازون إلى نجاد الراديكالى فى نظام دينى و المعبر عن نعرة تفوق فارسية؟.. هل هى نظرية عدو عدوى صديقى؟ .. و هل يكفى أن يعادى أحدهم أمريكا حتى نتدله فى حبه إلى حد العمى عن حقيقة هويته السياسية و إلى حد تجاهل أخطائه و خطاياه؟

يمكننى أن أتحدث عن نفسى .. لست متدلها فى حب نجاد و لست محبا لنظام ولاية الفقيه فى إيران .. و لست سعيدا أن تحتكر جماعات الإسلام السياسى دور المقاومة فى كل مكان يتوجب على العرب و المسلمين أن يقاوموا فيه .. و ليست المسألة هى الحسبة البسيطة لعدو عدوى صديقى .. فليس العدو هو أى عدو .. و ليس ما يهدد به هذا العدو مما يقبل أن نؤجل مواجهته حتى يتوفر الحليف الذى نحبه و نختاره ..

المشكلة أن كثيرين لا يدركون أن أمريكا هى العدو بألف و لام التعريف و ما غيرها إلا أذناب و إمتدادات لأياديها الطويلة .. و ليست هذه الفكرة مجرد أحد صور نظرية المؤامرة و هو أحد تلك التعبيرات المعلبة التى يحلو للبعض أن يقذفها فى وجه المخالف .. أمريكا بلد له سياساته بعيدة المدى .. هذه السياسات قائمة على عقيدة راسخة لدى النخبة الحاكمة الأمريكية .. و العقيدة ليست ناشئة فى فراغ بل هى بدورها تعتمد على وقائع ..

الولايات المتحدة هى دولة تفتقد إلى أى من المقومات التقليدية التى تربط جماعة بشرية بوطن مشترك و بديلها عن هذه المقومات هو وعد الرفاهية و إحتكار أفعل التفضيل فى كل شيئ .. و وعد الرفاهية يحققه أن أمريكا هى المستهلك العالمى الأول و هى تستهلك أكثر كثيرا من النسبة العادلة من موارد العالم قياسا بنسبة سكانها إلى إجمالى سكان العالم .. و لذلك فمع نمو الدول الأخرى و مطالبتها بنصيب أكثر عدالة من موارد الطاقة و الثروة المحدودة و المعرضة للنضوب أيضا ثمة خطر مؤكد يتهدد إستمرارية وعد الرفاهية الأمريكى .. و هو بذلك تهديد حقيقى للأمن القومى الأمريكى ..

لتجنب خطر تضاؤل نصيب أمريكا من الموارد العالمية لا يمكن إعتماد وسائل تفاوضية سلمية خالصة .. لأن مطالب أمريكا فى الأساس غير عادلة و لا يوجد طريقة لأن تطلب من آخر أن يتخلى عن خبزه لك طواعية .. لابد لأمريكا إذن أن تفرض سيطرة مباشرة أو غير مباشرة على مخزونات الموارد الأساسية فى العالم .. و لابد لها من أن تفرض هيمنتها على صناعة القرار فى السياسة الدولية لتحمى سيطرتها و لا ينبغى لأمريكا أن تتهاون مع أى تحدى لسيطرتها أو هيمنتها..

لماذا نكون نحن بالذات هدفا لتوسع الإمبراطورية الأمريكية و مسرحا لمعارك السيطرة و الهيمنة التى تخوضها؟

أولا لأننا إما نمتلك تلك الموارد التى تسعى إلى السيطرة عليها أو نحن على طرق و مسارات حركة هذه الموارد إلى محطتها الأخيرة فى أمريكا ..

و ثانيا لأننا نمثل كتلة هامة من تلك الشعوب الجائعة للإستهلاك و التى يمثل نموها الإقتصادى خطرا داهما على نصيب أمريكا من كعكة موارد العالم ..

إذن ليس المطلوب فقط هو تقييد نمونا و هو أمر مطلوب بالنسبة لنا و بالنسبة لغيرنا أيضا و لكن المطلوب أكثر هو إنفراد أمريكا بالسيطرة على قرار التصرف فى مواردنا و قرار السماح لموارد غيرنا بالمرور فى أراضينا و ممراتنا المائية .. و لذلك لا يكفى أن تمتلك أمريكا قوة ردع ضمنية تجاهنا تمنعنا من محاولة المنافسة على الموارد .. و قوة الردع هذه تستخدمها أمريكا فعليا فى مواجهة الجميع حتى حلفاءها الأقربين .. و لكن فى حالتنا لابد لأمريكا من أن تمتلك سيطرة حقيقية على صناعة القرار فى دولنا..

هناك نموذجان لكيفية إحكام أمريكا لسيطرتها على القرار الداخلى للدول ..

فى النموذج الأول تسعى أمريكا لإقامة أو دعم نظام ديموقراطى و تكون أمريكا هى الحامى لهذا النظام فى مواجهة تهديدات خارجية أكبر من قدراته للدفاع عن النفس و تكون بذلك علاقة النظام بأمريكا هى شرط بقائه .. و الأمثلة متعددة .. كوريا الجنوبية .. تايوان .. و حديثا أوكرانيا و جورجيا و دول شرق أوروبا الخارجة من عباءة الإتحاد السوفيتى القديم..

فى النموذج الثانى لا يوجد خطر خارجى داهم يهدد نظاما ديموقراطيا حال وجوده .. بل ربما يكون قيام النظام الديموقراطى أصلا سبيلا لوضع البلد فى حالة عداء مع أمريكا نظرا لأن تناقضات المصالح الحقيقية لهذه الدول مع سياسات أمريكا أكبر كثيرا مما يمكن أن تقدمه أمريكا فى مقابل ولائها .. و فى هذه الحالة تقدم أمريكا دعمها لنظم ديكتاتورية فاسدة و هى تسبغ على هذه النظم حمايتها فى وجه خطر الثورة الداخلى و لذا تكون علاقة النظام بأمريكا أيضا هى شرط بقائه و إستمراريته..

من الواضح طبعا إلى أى هذين النموذجين تنتمى دولنا العربية .. و من الواضح أن ذلك النموذج تحديدا هو الخاسر الأكبر بين كل ضحايا توسع الإمبراطورية الأمريكية .. فنحن أولا محكوم علينا بألا نتخلص من أنظمتنا المستبدة الفاسدة و البديل المسموح به حال كان الحفاظ على النظام الفاسد مستحيلا هو نظام عميل ديموقراطى مؤقتا ثم مستبد فاسد أخيرا بحكم أنه سيظل بحكم عمالته متناقضا مع شعبه و بالتالى مضطر إلى الإستبداد للحفاظ على وجوده ثم منجر إلى الفساد بحكم الإستبداد .. و هكذا فى دورة لا نهاية لها .. و نحن ثانيا محكوم علينا بالفقر أبدا .. بداية لأن أمريكا تضع سقفا منخفضا لنمو إقتصادنا فى حدود ما لا يهدد نصيبها من موارد العالم ثم لأن فساد أنظمتنا المحمية من أمريكا يمتص معظم الطاقة الإقتصادية لدولنا و يجمدها فى أرصدة و أصول حكامنا و حاشياتهم ..

و بينما نقبع هاهنا بلا حول أو قوة.. فإن إنتصار عدونا النهائى يبدو حتميا لولا بعض العقبات .. هذه العقبات هى الحصن الأخير و الأمل الوحيد لنا فى أن يكون مصيرنا أفضل من إسترقاق الإمبراطورية الأمريكية لنا فى شركاتها العابرة للجنسيات حيث نصنع ما يحتاجه مستهلكوها من سلع فى مقابل الحد الأدنى من الأجور العالمية..

و ليس الحصن ضخما حقيقة أو الأمل كبيرا .. و دوامهما مؤقت على أفضل تقدير .. و لكن ذلك أدعى لتشبثنا بهما .. إلى حين أن تتحقق معجزة ما و يتحول ركود العجز العربى إلى حيوية المقاومة .. و هذا أمل بعيد و لكنه يصبح بدون جدوى إن تحقق متأخرا بعد أن يسقط الحص الأخير و يتبدد الأمل الوحيد!!

لا نملك إذن رفاهية إختيار من نعلق عليهم آمالنا .. فكل ما نعلقه عليهم من أمل هو فقط لشراء وقت أطول بعرقلة حركة الإمبراطورية و تأخير وصول قاطرتها إلى هدفها قليلا .. كل تحد للإمبراطورية فى أى مكان فى العالم قد يعطلها قليلا و يشترى لنا مزيدا من الوقت .. و لذلك فنحن سندعمه و لو بأضعف الإيمان و هو التهليل له و مباركة صموده .. قد يكون ذلك هو نظام شافيز اليسارى فى فنزويلا أو نظام الأخوين كاسترو الشيوعى المستبد فى كوبا أو نظام بوتين و تابعه ميدفيديف الديكتاتورى الفاسد فى روسيا أو النظام الثيوقراطى لملالى إيران أو نظام الأسد الإستبدادى القمعى التوريثى فى سوريا أو حركة طالبان الظلامية المتطرفة فى أفغانستان و تنظيمات السلفية الجهادية المذهبية المتطرفة فى العراق و أتباع ولاية الفقيه فى حزب الله و الإخوان المسلمين الفليسطينيين فى حماس وغير هؤلاء يتباينون فى القرب و الإبتعاد أيديولوجيا عنا و بعضهم قد نقبله شريكا فى أوقات غير أوقات الأزمة بينما الآخر لن نقبل إلا معاداته أيضا لولا الأزمة.. ولكن بقاءهم جميعا هو ما يشترى لنا الوقت الثمين .. وقت أتمنى أن نستغله فى بناء قوتنا الذاتية التى تجعلنا لا نحتاجهم و ساعتها سنتحالف مع من يروقنا و ننبذ من يتناقض مع مبادئنا..

هلا نعود إلى حيث بدأنا إذن و نسأل .. هل يسعدنا نجاح نجاد فى إيران؟..

الإجابة نعم .. إيران هى الشوكة الأكبر فى حلق أمريكا المفغور لإبتلاع المنطقة و نجاد يجعل الشوكة أكثر إستعصاءا على الكسر .. لا عزاء لدينا إذن لحالمى الثورة المخملية الخضراء و لا عزاء لموسوى .. جنازتهم ليست جنازتنا و مأتمهم يؤجل لبعض الوقت مأتم من هو أعز علينا .. و إن جالك الطوفان حط ولدك تحت رجليك..

الخميس، 11 يونيو 2009

فى سوق الأوراق العربية..

يسود بلادنا العربية منذ زمن توجه نحو التفكير بمنطق السوق و براجماتية حسابات المكسب و الخسارة عندما يتعلق الأمر بقضايانا السياسية .. و فى إطار فكر السوق لا يبدو لإعتبارات العاطفة القومية أو الحقوق التاريخية أى قيمة عملية ما دام لا يمكن تحويلها لأوراق قابلة للصرف من بنوك الشرعية الدولية ..

و يسعى سماسرة الأوراق السياسية العرب إلى إقناعنا بأن إستثماراتنا فى مشروع القضية الفليسطينية قد فشلت بشكل ذريع و إنخفضت القيمة السوقية لأسهمها إلى أدنى معدلاتها و ليس أمامنا اليوم إلا أن نبيع و بأسرع وقت ممكن ما نملكه من هذه الأسهم لنخرج بأى قدر متاح من الأصول الثابتة فى مقابل أموالنا المهدرة و لنوقف نزيف الخسائر المستمر..

و لكن المتعاملين فى البورصات يعرفون جيدا أن خسارتك الناجمة عن تدنى قيمة الأوراق التى تملكها هى خسارة إفتراضية و لن تتحول إلى خسارة حقيقية إلا فى حال أنك بعت هذه الأوراق .. فإذا كان بإمكانك أن تنتظر بعض الوقت فثمة أمل دائما فى أن تعاود قيمة أسهمك الإرتفاع و حينها يمكنك أن تبيع دو خسارة و ربما تحقق بعض الأرباح أيضا..

الإنتظار مع ذلك له ثمنه .. فهذه الأوراق هى أموال مجمدة لا يمكنك الإنتفاع بها .. و إذا كنت تمر بضائقة أو ضوائق متراكمة فأنت فى حاجة ماسة إلى تسييل أوراقك و تحويلها إلى أموال لمواجهة أعبائك المختلفة .. و يوضح لنا السماسرة العالمون بالأمور أنك بعنادك تعرض مزيدا من الأصول للضياع حيث أنك رهنت الكثير منها فى فترات سابقة و على الرغم من أنك تعلم تماما أن صكوك الرهن مشكوك فى أمرها كما أنك لا تعرف بأى شيئ أنفقت القروض المختلفة التى رهنت أصولك للحصول عليها إلا أنك لا تستطيع تجنب مطالبات البنوك الكبرى لك بسداد مستحقاتها و إلا فإنها ستعمد إلى الحجز على ممتلكاتك لإستيفائها..

الموقف محير بالتأكيد خاصة أنك لا يمكنك أن تثق تماما فى نصائح السماسرة لأنهم فى النهاية يحصلون على عمولاتهم فى البيع و الشراء و عند رهن الأصول و عند الحصول على قرض أو سداده .. أكثر من ذلك فهؤلاء السماسرة هم ذاتهم من عهدت إليهم بإدارة مشروعك منذ البداية ثم أذعنت لمطالبتهم لك بوضع كل أمورك تحت إدارتهم لضمان توفير التمويل اللازم لإنجاح المشروع ثم قدمت لهم تفويضا بعد الآخر يسمح لهم بممارسة دورهم الإدارى دون تعقيدات رقابية منك و دون أى حق لك فى التدخل و ذلك حرصا على تيسير عملهم .. و قد قبلت منهم تبريراتهم لفشل المشروع – فى زعمهم – بسبب تقلبات الأسواق و إنخفاض قيمة أسهمك فيها بشكل عام .. كما أنك تقبلت إتهامهم لك بأن توانيك و تكاسلك فى العمل كان سببا فى الخسائر التى منيت بها إستثماراتك المختلفة رغم الكفاءة غير المشكوك فيها التى أداروا بها هذه الإستثمارات عبر السنين..

لقد باع بعض هؤلاء السماسرة جزءا من محفظة أوراقك السياسية سابقا و ذلك مقابل فك رهنية بعض ممتلكاتك الثمينة التى سبق لهم خسارتها على طاولة القمار .. وقد أقنعوك حينها أن ممتلكاتك هذه ستعود إليك كاملة و ما عليك إلا أن تبيع بعضا من أوراقك ذات الملكية المشتركة و أن الشارى سيتحمل عبء التفاوض مع شركائك من أجل شراء حصصهم و أنه يؤكد أن هؤلاء الشركاء سيحصلون بدورهم على كافة ممتلكاتهم المرهونة .. و كلها رهنت بالطبع وفاءا لدين القمار المشار إليه سابقا..

المشكلة أن التعاقد الذى وقعت عليه لم يمنحك حرية كاملة فى التصرف بممتلكاتك التى إستعدتها نظريا و بدا أن أحد البنود يسمح بإعادة الحجز على هذه الممتلكات فى أى وقت وفقا لتقدير الدائن رغم أنه من المفروض أنك قد قمت بسداد ديونك كاملة بالفعل!! .. فى المقابل تعثرت مفاوضات الشارى مع بقية الشركاء و فى حين حصل أحدهم على شروط لفك الرهن مشابهة لحالتك إلا أن البقية لم يمنحوا نفس الشروط .. رغم أنك قد وعدت سابقا بأن الشروط ستظل ثابتة..

و اليوم أنت مطالب ببيع أى أسهم تبقت لك فى المشروع كما أنك مطالب بالضغط على شركائك للقبول بالشروط المتاحة لفك الرهن عن ممتلكاتهم و بمقتضى هذه الشروط سيحصلون فقط على جزء من ممتلكاتهم و ستكون لهم حقوق محدودة فى التصرف بهذا الجزء .. و الغريب أنك فى البداية قد دعيت إلى حضور التفاوض كوسيط خاصة و أن شركاءك كانوا حتى وقت قريب يثقون بك و لكن حيث أن السماسرة الذين يتولون أمورك قد نابوا عنك فى الحضور و قاموا بممارسة ضغوط غير قانونية على الشركاء و ذلك مقابل عمولات أزجيت إليهم من تحت الطاولة فقد تدنت بشدة مصداقيتك لدى شركائك .. و مع تدنى المصداقية و تحول دور الوساطة التطوعى إلى إلزام قد يؤدى عدم الوفاء به إلى محاذير شتى فإن السماسرة قد أوضحوا أن عليهم أن يرفعوا من حدة ضغوطهم التى يمارسونها بإسمك على شركائك حتى إذا إسفرت تلك الضغوط عن إلحاق أذى شديد بشركائك هؤلاء!!

لا شك و أنك فى مأزق صعب عزيزى المستثمر و بتعبير خبير عالمى:
You’re in deep shit.
و النصيحة الأولى للخبير العالمى هى:
Fire the mother fuckers porkers, you miserable fool!

الثلاثاء، 9 يونيو 2009

حدوتة عربية ..

تخيل كده إن جدك لما مات فات لأبوك حتة أرض .. قوم فى يوم أغبر دخل الأرض بلطجى حط إيده على حتة منها .. طبعا أبوك ما سكتش و قامت بينهم عركة .. إتلم فتوات البلد و حراميتها اللى موالسين مع البلطجى و همه فى الأصل اللى إتفقوا معاه يمكنوه من الأرض .. و عشان يفضوا العركة قالوا إحنا نعمل مجلس عرب و نحل هاذوها المشكلة .. و فى المجلس المضروب اللى ما كانش لحد من أهل البلد فيه كلمة الفتوات إتفقوا إنهم يقسموا الأرض بالنص بين أبوك و البلطجى .. أبوك طبعا ما عجبوش الكلام ده و قامت العركة تانى .. جه البلطجى راح فاتح دماغ الوالد مسيح دمه و حوط على نص الأرض ..

و بعد كام سنة لبد البلطجى لأبوك فى الدرة و نشه عيار جاب أجله و عنها و راح مكوش على الأرض بحالها .. و من أياميها و إنت ياولداه داير على المحاكم تدور على حقك فى الأرض .. و بعدين و لاد الحلال .. اللى همه ذات نفس الفتوات قالولك إنه ما فيش حل غير إنك تكتب عقد مع الفتوة تعترف فيه إن نص الأرض من حقه عشان يسيبلك النص التانى .. بس الفتوة مش راضى و قالك ما أنا قاعد باكل و أشرب و أئح فى الأرض براحتى أسيب نصها بتاع إيه .. قوم برضه ولاد الحلال قالولك طب سيبله تلتين الأرض و إحنا نحنن قلبه عليك عشان يسيبلك التلت اللى فاضل .. و حتى هاذوها اللحظة البلطجى حبة يقول موافق و حبة يقول لأ ما لوش عندى حاجة..

بالعقل و المنطق كده المفروض جنابك تعمل إيه؟

1 – تماين على أمل إنك تطلع بحتة من الأرض على ضمانة الفتوات و الحرامية و ثقة فى نزاهة و شرف البلطجى..
2 – تفضل مرابط جار الأرض و تزقل البلطجى بالطوب و تقرف اللى خلفوه فى عيشتهم لغاية ما يطلع من الإرض و معلش ها تاخدلك كل يومين علقة ..

طبعا فاهمين أنا بتكلم عن إيه .. و طبعا ها يطلع فلحوص يقوللى بس الصراع العربى الصهيونى أعقد كتير من الحدوتة الخايبة بتاعتك دى و العلاقات الدولية بتقوم على شرعية قرارات الأمم المتحدة و أبصر إيه..

مع إحترامى لكلام أى فلحوص .. برضه أصل الحكاية و خلاصتها ما يفرقش كتير عن الحدوتة .. الأرض فى الأصل لينا وارثينها أبا عن جد و وجود البلطجى عليها غير شرعى و باطل .. و قرارات القلل المنتحرة ما لهاش شرعية دولية لأن المتحكم فيها خمس دول ما حدش إختارهم و خلاهم ينوبوا عن دول و شعوب العالم فى تقرير مصيرهم و مش من حقهم أن يعطوا مالا يملكون لمن لا يستحق.. أما كل المعاهدات اللى حكامنا بصموا عليها بحوافرهم فمجرد ورق يمسحوا بيه لا مؤاخذة زير آسس بعد الإستعمال .. و ده لأن ما حدش كان خد رأينا فى المعاهدات دى و لأن اللى بصموا عليها ما حصلش إننا إخترناهم أو بايعناهم و لو كان ليهم ظل من شرعية يبقى الشرعية دى إنتهت فى لحظة ما فرطوا فى حقوقنا..

و يمكن فلحوص تانى يقول .. ما إحنا عارفين الحكاية دى.. جاى تعيد فيها تانى ليه؟

يا راجل .. عارفينها؟ .. بأمارة إيه ؟ .. بصراحة مش باينلكم عارفينها .. أو عارفين و ناسيين .. أو يمكن فاكرين بس عاملين ناسيين .. أمال تسميه إيه كلام الناس الأيام دى ؟ .. و تسميه إيه الهبل اللى حصل فى زيارة الحاج بن حسين أوباما اللى الناس أغمن عليها من الفرح لما قالك إنه هيعمل جهده لتحقيق حل الدولتين .. هوه مش حل الدولتين ده يعنى نسيب للبلطجى أكتر من نص أرضنا و ده لو رضى و سامح؟ ..

فلحوص تالت بقى يتنحرر و يزع فيه .. إنت يا جدع إنت عايزنا نحارب تانى و ألا إيه؟ .. ده الريس بحكمته حافظ على البلد تلاتين سنة من غير حرب .. هو إحنا حمل حروب تانى؟

بذمتك ما إنتش مكسوف من نفسك ؟ .. طب وحياة طنت فكيهة و إن شالله أعدمها بدرى إن 90% من البلد المريضة دى كانوا عايشين أيام الحرب أحسن ميت مرة من أيامينا الغبرة دى .. ده اللى يشوف حال البلد و خرابها بعد التلاتين سنة حكمة و سلام يقول إنها خارجة من حربين و 3 مجاعات على عشرين زلزال و كام وباء مستوطن.. يعنى بعقلك كده .. الضنك و الهم اللى إحنا فيهم دول يستاهلوا ندفع تمنهم إننا نفرط فى أرضنا و عرضنا و نتذل للى ما يسواش؟

فلحوص رابع إنما من النوع المثقف القارى يقول .. يا بنى بلاش شعارات خايبة .. السياسة هى فن الممكن .. إحنا حالنا دلوقت ما يسمحش بإننا نطالب بحقنا كله .. و العقل بيقول ما لا يدرك كله لا يترك جله..

ما شاء الله.. يعنى هو حالنا دلوقت مستحيل أكتر من حال اليهود من قرن فات؟ .. و مع ذلك همه فضلوا يبرموا لحد ما طلعوا بدولة من الهوا من غير ما يكون لهم حق فيها .. يعنى همه اليهود أحسن مننا فى إيه ؟ .. ده حتى إحنا عايزين حقنا و مش عايزين ناخد حاجة مش لينا .. و إذا كان الوقت مش مناسب أدينا صابرين و مستنيين لحد ربك ما يعدلهالنا بناس غير الناس و زمن غير الزمن و إن نفذ أمر كريم فى عبده أولادنا و أحفادنا من بعدنا .. بس إحنا ماننساش حقنا و ماننساش الحدوتة .. بسيطة بس فيها الخلاصة .. لأن الحقوق مش محتاجة تتحكى فى كلام كتير و لأنها واضحة بنفسها .. و حقوق الشعوب يا سادة لا تسقط بالتقادم..

ملحوظة أخيرة .. عارف إن الكلام أعلاه ممكن يكون تبسيطى جدا أو حتى ساذج .. بس الأيام الأخيرة علمتنى إنى أنزل بسقف توقعاتى بخصوص عقلية الناس اللى محتاجين يتقال لهم الكلام ده .. كل أملى إن واحد أو إتنين منهم يعدى هنا يمكن أنجح فى تذكيره بحقيقة الحق اللى لينا فعلا و اللى بالإمكان نوصله فى يوم من الأيام و مش مضطرين نبيعه رخيص لأنه عمره ما رخص لكن إحنا اللى بيعدى علينا أيام بنرخص فيها..

الأحد، 7 يونيو 2009

على هامش الخطاب ..

منذ عدت إلى القاهرة بعد إجازتى القصيرة خيم على نفسى إحساس باليأس و الإحباط و الهم المقيم.. تجولت بين المدونات التى أهتم بقراءتها و كتبت تعليقا هنا و آخر هناك و لكن شعورى ظل هو ذاته و أغلب الظن أن ما قرأته قد فاقمه أكثر ..

قرأت بعضا من مقالات روبرت فسك على موقع الإندبندنت البريطانبة فإزددت نكدا و أصابتنى تعليقات قرائه الغربيين بقرف شديد ..
حاولت مرارا طوال ساعات الصباح و المساء بالأمس أن أكتب تدوينة جديدة و لكنى فشلت فى أن أتم كتابة ما بدأته و خلال ذلك كانت تلك الصورة الذهنية التى كونتها للزعيم الراحل سعد زغلول على فراش الموت و هو يقول "مافيش فايدة" تترائى لى مرة بعد أخرى ..

كنت قد أخذت على نفسى عهدا بألا أتحدث عن زيارة أوباما أو خطابه إلى العالم الإسلامى من تحت قبة جامعة القاهرة .. و لكن الزيارة و الخطاب و تعليقات الجميع عليهما و حواراتهم عنهما طاردتنى فى كل مكان حتى خنقت أنفاسى ..

كانت قراءتى لنص الخطاب عدة مرات مقرفصا فى الكرسى الضيق للباص الذى حملنى إلى القاهرة قد أشعرتنى بقدر من الرضا عن الذات .. فالرجل لم يخيب ظنى فيه و لم يقل شيئا لم أكن أتوقعه .. لذا فقد هنأت نفسى على صدق توقعاتى و سمحت لها بالتمادى فى قراءة غيب المستقبل القريب فتنبأت بأن الخطاب سيلقى ما يستحق من الإهمال كونه خرج بمحصلة المعادلات الرياضية التى تحتوى دائما على قيم موجبة مساوية لما تحتويه من قيم سالبة .. و لمن لا علم له بالرياضيات فإن ذلك يعنى أن جميع المعادلات محصلتها فى النهاية صفر .. و لكن موهبتى المكتشفة حديثا فى التنبؤ بالمستقبل لقيت حتفها مبكرا فالخطاب الذى لم يخرج عن كونه إستعراضا منفردا لمهارة تنطيق الكرة عددا متساويا من المرات على كلتا القدمين نجح فى إثارة إهتمام كبير بين المهللين الفرحين و كذلك بين الساخطين و الغاضبين .. و بدا لى فجأة أنى إنفردت وحدى بموقع اللا مبالى .. و كان أن قرأت الخطاب مرة أخرى و لكن بالإنجليزية هذه المرة متشككا فى أن تكون الترجمة إلى العربية قد أفقدت الخطاب رونقه الذى إستدعى كل هذه الإثارة .. و لكنى مرة أخرى لم أرى جديدا!

إنى لأقسم أن الرجل لم يقل شيئا يستوجب الفرح أو السخط فهو فى تقربه من مستمعيه كان مبتذلا و تقليديا بشكل لا يخدع عجوزا قروية تعانى من الزهايمر و فى المقابل لم يخرج فى تجاهله للحقائق و فى مساواته بين الضحية و الجلاد عن تراث أسلافه.. فأى جديد رآه الناس فيما قال؟..

السبيل الوحيد لتفسير تلك الظاهرة هى أن الجميع يمارسون مبررات وجودهم كل على طريقته و هم فى النهاية لا يقومون بذلك نتيجة لما قاله أوباما أو لم يقله بل يقومون به بغض النظر عن أى شيئ .. لقد بيت البعض النية لأن يكونوا معجبين مصفقين و مهللين و ربما متمايلين طربا و راقصين أيضا فى مولد سيدى أوباما المنتظر .. فى حين بيت البعض الآخر النية لأن يكونوا ساخطين و رافضين و لاعنين لأوباما الدجال .. و إنما يفعل جميع هؤلاء و أولئك ما يتوقع منهم و ما يبدوا متسقا مع ما أرتضوه لأنفسهم من أدوار فى المسرحية اليومية التى لا سبيل فيها إلى خروج عن النص أو إرتجال .. و لو أن أوباما كان شيطانا بقرنين لهلل له المهللون .. و لو أنه كان ملاكا بجناحين للعنه اللاعنون .. و لكن أن يتجاهلوه أو يضعون حديثه موضع الإهمال الذى يليق به فذلك ما لا مكان له فى النص الذى يلتزمون به و هو يستوجب منهم ملأ فراغ المسرح بجديد يبتدعوه و يرتجلونه إرتجالا بل ربما يضطرهم إلى تبادل الأدوار أو أسوأ من ذلك محاولة إكتشاف أدوار جديدة لهم .. سيكون عليهم حينها أن يصطدموا بحقيقة أن واقع الحياة يحتمل أن تلعب دورا لا تكون فيه مهللا أو لاعنا .. بل إنه حتى يسمح لك بأن تؤدى أدوارا لا تكون فيها رجع الصدى و رد الفعل .. أدوار تكون فيها فاعلا و لست منفعلا أو مفعولا به.. و لكن مثل تلك الأدوار بالطبع تبدو صعبة خاصة و أنها تستلزم دائما أن تكتب النص بنفسك و أن تجد السبيل إلى حبك مسار القصة بنفسك و هذه أمور لم نتعلمها و لم يسبق لنا تجربتها فالأفضل ألا نغامر و لنعد إلى النص:

الكورس على اليمين: تصفيق حاد...

الكورس على اليسار: يييييييييييييييييييييييه..

الأحد، 31 مايو 2009

فاصل ثم نواصل...

طبعا أنا مش عايش فى الوهم و فاكر إن الناس مقطعة بعض على باب المدونة قوم يعنى لو غبت يومين ها يحصل هرج و مرج و ينزلوا إعلان..

إرجع يا خيشة و جيب اللى خدته و المسامح كريم ..

بس برضك من باب الإحترام للتلاتة قول أربعة اللى أحاطونى بإهتمامهم فى بداياتى التدوينية المتعثرة و اللى ينكن يتساءلوا : هو الراجل السمج اللى كان بينط يعلق فى مدونات الناس و ياخد راحته و يكتب فيها أكتر ما بيكتب فى المدونة بتاعته راح فين؟ ..

لهؤلاء و لمن يهمه الأمر بقول لهم إنى قررت أريحهم من سماجة بوستاتى و تعليقاتى و صلاطاتى و بابا غنوجى لمدة إسبوع ..

أصل عقبال عندكوا واحد بلدياتى شدلى مكتوب قاللى إن ماسورة مية ضربت عندهم و المحافظ ربنا يكرمه أجر الرصيف لشركة إستثمارية عملته بلاج سياحى بس لما تبين إن الماسورة اللى ضاربة ماسورة مجارى قلبوه بلاج شعبى بأسعار مخفضة ..

فقلت يا واد ما بدهاش نخلص من زن العيال و أمهم : عايزين نصيف .. عايزين نصيف.. و أهو ناخدهم يبلبطوا يومين و أزلهم بيها خمس سنين قدام..

و أهو منها الواحد يخلع من القاهرة قبل ما أوماما ييجى و يقفلهالنا .. مش ناقصة كرشة نفس و مرمطة فى المواصلات..

و على ذلك أنتهز هاذوها الفرصة و أحيى الإخوة و الأخوات اللى عبرونى بالزيارة و التعليق على الخربطة اللى أتحفتكم بيها .. و أخص بالذكر أختى الصغيرة الصعيدية مروة اللى خلتنى أحس إن الجيل الجديد لسه فى أمل مش عمر بس .. و أكيد أختى الفاضلة مى اللى نفسى تعمل مدونة عشان أروح أكتب تعليقات عندها .. وطبعا ها أشكر أخويا اللدود المراكبى رغم إنه بييجى يعلق غصب عنه ..

طبعا مش هاقول أسامى كل اللى جم و علقوا .. إعزنهم كتير.. بس همه عارفين نفسهم و لهم كل شكرى و إحترامى..

تحياتى و أشوف وشكم بخير إنشاء الله ..

الثلاثاء، 26 مايو 2009

براءة لديموقراطية الخرفان...

إوعوا حد يفتكر إنى ما بحبش الديموقراطية.. بالعكس أنا مؤمن إلى حد يقرب من اليقين إن الديموقراطية الحقيقية – ديموقراطية نعملها إحنا و نختارها بنفسنا – هى الحل الوحيد لكل أنواع البلاء اللى عايشينها و اللى عايشناها بدرجات متفاوتة طول السبعتلاف سنة حضارة و إستبداد اللى فاتوا ..

لكن الديموقراطية أنواع.. و فى حاجات كتير بتوصف بالديموقراطية و هى لا فيها ريحتها و لا لونها و لا حتى تقرب لبنت خالتها من بعيد .. مثلا الحزب الوطنى الديموقراطى .. كلنا عارفين إنه ما هوش على علاقة بالديموقراطية و لا حتى كان ماشى معاها .. طبعا بالإضافة إلى إنه لا هو وطنى و لا هو حزب أصلا..

أم الديموقراطية و ريسة العالم الحر أمريكا باشا واسعة و فسيحة و مليانة تناقضات .. زى مثلا إن الفرق الأساسى بين الحزبين الكبار هناك إن حزب بيدافع عن حرية إقتصادية كاملة و بدون حدود بس بيرفض الحرية الإجتماعية و الحزب التانى بيدافع عن حرية إجتماعية كاملة و بدون حدود بس عايز يقيد حرية الإقتصاد و عايز تدخل أكبر للدولة لتنظيمه .. بس الأكادة إنهم الإتنين بيقولوا إنهم بيدافعو عن الديموقراطية و عن ضرورة نشرها فى كل مكان فى العالم و عشان يبرروا للمواطن الأمريكانى الفلوس اللى بياخدوها من جيبه و يصرفوها على مغامراتهم و عربداتهم فى الخارج بيفهموه إن نشر الديموقراطية بيؤدى إلى الحفاظ على الأمن الأمريكى .. إزاى بقه؟ .. لأن الشخص الديموقراطى شخص حبوب و ما بيحبش يضر حد و بيقبل بالتفاوض بدل الحرب و الحلول السلمية مش الإرهابية.. يعنى ببساطة لو إن كل الدول المتخلفة ولاد التييت بقت دول ديموقراطية ها تبقى دول مستأنسة ما تعضش أمريكا و لا تهبر بقيت الدول الديموقراطية المتحضرة البريئة زى إسرائيل مثلا.

نفس الطريقة بتستخدم لإقناع الأمريكان بضرورة دفع معونات لبعض الدول و الأنظمة و ضرورة فرض نظام السوق الحر و الرأسمالية على دول العالم .. ليه بقى ؟ .. لأن الشخص الرأسمالى برضه مسالم و حبوب بطبعه لأنه يهمه يتبادل المنفعة مع أخوه الإنسان .. يعنى ياخد فلوسه مش يقتله لأنه لو مات مش ها يعرف ياخد منه فلوس بكره..

طبعا الديموقراطى المسالم طحن اللى النخبة السياسية فى أمريكا بتروج ليه ما لوش وجود .. لأن ما فيش علاقة بين إنى أكون ديموقراطى و إنى أسيب حقى أو أسمح بالإعتداء على سيادتى جوه بيتى .. الحاجات دى لا مؤاخذة مش عايزة ديموقراطى دى عايزه خروف .. و لأن السياسة الخارجية الأمريكية بتبحث عن خرفان للتعامل معاها فبيحصل معظم الوقت إن الخرفان دى ما بتكونش ديموقراطية .. و دى مشكلة لأن المواطن الأمريكانى بيرجع يقول الله إنتوا مش قلتوا إنكوا بتنشروا الديموقراطية عشان تحموا الأمن الأمريكى أمال ليه بتتعاملوا مع أنظمة مستبدة؟ ..

طبعا ما فيش إجابة سهلة و واضحة هنا .. لأن لو قالولو الحقيقة ها يرجع يقول طيب لما ممكن نتعامل مع أنظمة إستبدادية و الديموقراطية مش شرط يبقى ليه مثلا يعنى مثلا خادتوا عيالنا يحاربوا فى العراق عشان نعملهم نظام ديموقراطى هناك؟ .. ما هو النظام المستبد بتاع صدام ما يفرقش كتير عن أى نظام مستبد تانى و الراجل كان قايد صوابعه العشرين شمع قبل ما يتخبط فى عقله و يغزو الكويت .. و و و حاجات تانية كتير ما حدش ليه مزاج ينكش فيها .. و بالتالى الإدارات الأمريكية بترد تقول إن إحنا بنضغط على النظم المستبدة دى عشان تصلح و توفق أوضاعها .. و عشان الإدارة الأمريكية من دول ما تطلعش كدابة قدام الجمهور اللى دافع و قاطع تذاكر عندهم يبقى لازم من وقت للتانى تميل على خروف من الخرفان و تقوله لايمها شوية فك إيدك حبتين إديها شوية ديموقراطية تديك طراوة كده يعنى ..

الحق لله مش كل خروف غبى.. يعنى هوه خروف آه بس مش حمار .. و عشان كده النظم اللى عايشه فى خير ماما أمريكا عارفة كويس ترضيها إزاى و إيه الطبخات الحلوة اللى ماما بتحب تاكل منها بمزاجها .. فى نفس الوقت النظام من دول مش هايأكل ماما الشاورمة و ياكل هوه لا مؤاخذة على قفاه .. يبقى يعمل إيه؟

هوه إنتوا مش عايزين ديموقراطية من اللى هى .. طب خد عندك إنتخابات رئاسية و أيوتها حد معدى فى الشارع يخش يقدم أوراق ترشيح .. و خد عندك صحف بتشتم بالأم و الأب و آخر أباحة .. و الزغلول الكبير منافسة عنيفة و وصيف للريس فى الإنتخابات .. بس خد بالك الكلام ده عشان الأمريكان يصدقوه لكن واحد من العيال النص لبه يفتكر نفسه زعيم .. لأه يا عووومر .. ده إحنا اللى جبناك و نضفناك و قيفناك على أحلى صورة بتحبها ماما تقوم عايز تروح تقعد على حجرها و تنطر أسيادك؟..

و طبعا قضية و سجن لواحد .. و قضايا و منفى للتانى .. و كل ده له كذا ميزة..

أول هام .. ذكرى و تنبيه لكل شخص إنه فى النهاية تحت صباعنا و لو حبينا ممكن نفعصه..

تانى هام.. برضه لازمن ماما أمريكا تحس إن الناس اللى عندنا دول معارضين بجد و ناس بتناضل و تخش سجون و تهرب برة البلد و أفلام ..

تالت هام .. يبقى عندنا كارت و إتنين نطلع بيهم و نفنجر .. يعنى الواد اللى إحنا كارهينه و عدو النظام الأول و رغم إننا حابسينه بسيادة القانون و عدالة القضاء الشاااااامخ .. لجل عيون الجميل يطلع من السجن .. و الجدع إبن التيت اللى مشنع علينا فى كل حتة و بيجيب فى سيرتنا و سيرة عيلتنا و ولاد الحلال رافعين على أمه 16 قضية و كله برضه بالقانون و القضاء الشاااااامخ .. لجل العيش و الملح و الخطوة العزيزة يطلع براءة من قضية منهم..

أهم حاجة بقى فى أى واد من دولهمه إنه يكون من أنصار ديموقراطية الخرفان اللى ماما أمريكا بتحبها .. ليه بقى؟ عشان الست تحس إنه بديل ينفع برضه يمارس المهام الخرافية و بالتالى تحبه و تتبناه و يبقاله قيمة فى نظرها .. و ده برضه ليه كذا ميزة:

أول هام .. إن رفع الأذى عن حبيب ماما يبقى كارت له قيمة و ينفع نلاعبها بيه فى الوقت المناسب..

تانى هام .. إن ماما ما تبصش كده و لا كده و شيطانها يوزها تروح تفتح كلام مع ناس تانية فى البلد من الصنف الحقودى الأصلى و اللى منه خوف بجد و إحتمال يكون له شعبية..

آخر الكلام بقى .. يا ترى إحنا علاقتنا إيه بالكلام ده؟ .. و لا حاجة .. بالظبط كده .. أنا باحكى الكلام ده كله عشان أقول إننا ما لناش دعوة و لابد نفهم كده و كام حاجة تانية:

أولا .. نوع الديموقراطية الوحيد المصرح بتصديره من أمريكا لشعوب العالم التالت المضروبة بالنار هو ديموقراطية الخرفان..

ثانيا.. أى واحد من حبايب ماما أمريكا ليس بديلا حقيقيا للنظام و هوه كارت محروق و الرهان عليه خيبة..

ثالثا.. مش بس أمريكا بتصدرلنا ديموقراطية مغشوشة.. أمريكا لو قدرت ها تمنع تصنيع أى ديموقراطية حقيقية فى بلدنا لأن ده فيه خطر داهم على مصالح ننوسة عين ماما إسرائيل و على مصالح ماما شخصيا..

فى النهاية مبروك لفتى الديموقراطية الأول و عقبال الستاشر قضية اللى فاضلين و بنهديله أغنية .. إرجع يا سوسو أمك إصطلحت..


الجمعة، 22 مايو 2009

رسالة إلى أوباما

معلش مش هاقولك السلام عليكم عشان إنتوا بتفهموا الحاجات دى غلط و آخر واحد قال توكلت على الله إفتكرتوا إن قصدوا ياخد الطيارة و ينزل فى البحر عشان ينتحر .. برضه معلش مش ها أقولك أهلا بيك فى مصر .. لأنى بصراحة ما طلبتش منك تيجى و الناس اللى بقالهم شهرين مقطعين عليكم الأعتاب و هات يا بوس أيادى و لحس جزم عشان جنابك تتكرم و تتعطف و تتنازل و تشرف مصر بزيارتك الكريمة.. الناس دى لا تمثلنى و ما حصلش إنى فوضتهم فى الكلام على لسانى و لا حصل أصلا إنى إنتخبتهم عشان يحكموا البلد بالنيابة عنى..

و لو كان الأمر بإيدى ما كانش ممكن أدعوك تيجى مصر خصوصا بالطريقة اللى إنت عايزها .

ليه بقى؟

أقولك ليه .. لأن جنابك فكرت و قدرت ثم فكرت و قررت إنك عايز تقول بقين كلام حلوين و مترتبين للجماعة المسلمين عشان يعرفوا إن أمريكا بتحبهم و قصدها تساعدهم و إنها مش ضد الإسلام أو المسلمين لكنها بتحارب السفلة الإرهابيين اللى بيهددوا أمنها و أساليب معيشتها .. وطبعا ده كله كلام جميل بس للأسف مجرد هجص ما لوش معنى..

ليه بقى؟

أقولك ليه.. لأن جنابك زى غيرك من اللى قبلك و من أيام الحاج ويلسون ربنا يبشبش الطوبة اللى تحت راسه بتفكر بينك و بين نفسك و تيجى تكلمنا .. يعنى ؟.. إنت بتقعد فى أوضة ضلمة و تشغل السيمفوكية الرابعة بتاعة بيتهوفن اللى كلها أمل و إشراق و مشاعر حلوة و تبدأ تسأل نفسك ياترى المسلمين ولاد التيت دول عايزين إيه؟ ..و مع ألحان الأداجيو فى الحركة التانية يبدأ ذهنك يتفتق على أفكار نيرة و تبدأ بحماسة الأليجرو فى الحركة التالتة تصيغ الأفكار دى فى كلام كبير و عبارات براقة مع فينالى معتبر مع الأليجرو أندانتى فى الحركة الرابعة..

المشكلة فى الكلام ما بينا إنه من طرف واحد .. حضراتكم بتتكلموا و إحنا نسمع و اللى ما يسمعش يبقى بالجزمة .. و الفرق بينك و بين مبعوث العناية الإلهية المقدس بوش التانى إنه لما كان بيشألظ كلامه لينا كان بيسمع سيمفوكية ضربات القدر مش السيمفوكية الرعوية.. و فى الآخر هوه كان عايز يبيدنا زى ما رعاة البقر أبادوا الهنود الحمر و إنت عايز تستخرفنا يعنى تحولنا لخرفان فى حظيرة الرعاية الأمريكية الحنون..

الكلام يا باشا المفروض يبقى أخد و عطا .. يعنى إنت تتكلم إحنا نسمع و إحنا نتكلم إنت تسمع .. و ما تقوليش إنك سمعت من قادة المنطقة حكماء زمانهم و الأزمنة المجاورة و اللى حكمتهم وسعت غيطان الأتة المحلولة و إرتفعت إلى ذرى جبال الكوسة المقورة.. لأن الناس دى و إنت عارف همه مجرد قلل فخار متكسر على بعضه و اللى بتسمعه منهم هو رجع الصدى لصوتك مش أكتر..

و لو سعادتك حسن النية بصحيح ما كنتش تقول أنا عايز أتكلم فى المسلمين و العرب لأ كنت تقول عايز أتكلم معاهم و ده معناه إنك بعد السنين اللى فضلنا نسمع فيه كلامكم يبقى جه الدور عليك تسمعنا و أقل الإيمان تحاول تعرف يا ترى إحنا عايزين منكم إيه .. طبعا هاتقوللى : يعنى هاتكونوا عايزين إيه؟ كارت أخضر أو لجوء سياسى ما هو إنتوا يا جعانين عايزين تيجوا تاكلو مم عندنا يا زهقتوا من كتر ما خدتوا على قفاكم وعايزين تيجوا تستمتعوا بمناخ الحرية بتاعنا.

أكيد إنت ليك حق تقول الكلام ده لأن اللى بييجى عندكو من شعوبنا التعبانة هما الصنفين دول .. و معلش فى دى الكلمة يعنى السيد الوالد ما يتخيرش عنهم ده حتى من بلد تعبانة أكتر من بلادنا و الحاج جوز ماما ما هو برضه من ذات نفس العينة وبعدين يعنى هو إحنا إخترنا لنفسنا الفقر و القهر و ألا أياديكم البيضاء علينا سابتلنا فرصة نخلص من القهر عشان نكافح الفقر.. و ده بقى يجيب الكلام للى إحنا عايزينه فعلا و اللى سواء كنت عايز تسمعه أو ما تسمعوش فأنا ها أقوله برضه..

شوف يا باشا .. اللى إحنا عايزينه من جنابك هو حاجة بسيطة جدا و مش هاتحتاج منك تزود فى الميزانية و تقف تستعطى من الناس بتوع الكونجرس و يفضلوا يذلوا فى أنفاسك على كل قرش زيادة .. لأ دى حتى ها تخفض فى النفقات بتاعتكوا و تساعدكوا تخرجوا من وحلة الأزمة الإقتصادية اللى إنتوا مش عارفين تعملوا فيها إيه..

إحنا يا باشا طالبين منكم إنكوا تسيبونا فى حالنا..

يعنى إيه؟.. يعنى تاخد الشباب و النساوين بتوع الجيش اللى بتصرفوا عليهم دم قلبكم يا عينى فى العراق و أفغانستان و ترجعهم لحضن أهاليهم صاغ سليم بدل ما بيرجعولهم ياحبة قلب أمهم زى السجق الإسكندرانى فى صناديق .. و أهو منها توفر اللى بتصرفوه عليهم و منه يرجعوا يشاركوا بعمل منتج ينفع بلدهم بدل ما همه قاعدين فى بلاد الناس كابسين على أنفاسهم و بيزودوا كرهنا ليكم يوم بعد يوم و مش فالحين غير فى إنهم يبقوا زى كانة البيبس الفاضية رجالة المقاومة المبتدئين بتعلموا النشان عليهم.

ها تقوللى بس إحنا لو خرجنا دلوقت يبقى مش هانقدر ندعم التجربة الديموقراطية فى العراق و هانسمح بعودة النظام المتشدد بتاع طالبان فى أفغانستان اللى بيمتهن حقوق المرأة و بيرعى الإرهاب..

طبعا إنت عارف كويس إن دول بقين حمضانين و الأكل منهم يجيب إسهال و وجع بطن .. وعارف إن لا الديموقراطية فى العراق تفرق معاكم و لا حريم أفغانستان حقوقهم تهمكم و الإرهاب اللى بتحكى عنه بعبع خلقتوه بنفسكم عشان تخوفوا بيه العيال الأمريكان.. و أصل الحكاية و ما فيها هى بترول العراق و أنابيب بترول وسط آسيا .. و من ورا ده هو إستمرار الإمبراطورية الأمريكية فى السيطرة على موارد العالم و حماية هيمنتها على أقدار الخلق فى كل مكان..

و بعدين لو فى إرهاب فعلا فإنت عارف الحل الحقيقى معاه إيه.. و فى ناس بتفهم عندكم بقالهم سنين إنبح صوتهم و همه بيقولوا إن ظواهر التطرف و الإرهاب فى الشرق الأوسط سببها القضية الفلسطينية و الأنظمة الإستبدادية.. ها تقولى ما إحنا بنرعى عملية السلام فى الشرق الأوسط و بنضغط على الأنظمة بتاعتكوا عشان تفكها شوية عليكوا..

إسمحلى بقى أسخسخ على روحى من الضوحك على البقين دول لأنهم أحمض من اللى قبلهم و ما يخيلوش على الست عيوشة اللى بتبيع بتنجان مقلى على ناصية الحارة..

ما فيش داعى نجيب سيرة الضغط بتاعكوا على الأنظمة لأنه طبعا كلام فارغ و ما حصلشى و مش ها يحصل و الدليل إن حكومتنا المضغوطة بالقوى لسة عاملة حملة عكشت فيها أعداد مجهولة من جماعة الإخوان و غيرهم و ده قبل زيارة جنابك مباشرة و لو كانوا يعرفوا إنك هاتزعل منهم لما يعملوا كده أكيد ما كانوش عملوه..

أما بقى دور الراعى الرسمى لخرفان عملية التسوية على النار الهادية لإبتلاع أراضى الضفة الغربية و حصار غزة بطرق غاية فى السلمية فده زى ما سيادتك راسى هجص صريح و حتى ما فيهش أى محاولة من طرفكم للظهور بمظهر محايد أو حتى حريص على العدل و حفظ الحقوق.. يعنى جناب سيادتك و بعد ما صرحت بعنترية بإنك هاتضغط على الدولة العبرية لوقف الإستيطان إديتهم 10% زيادة فى المعونة السنوية قبل ما حتى تقعد مع النتن بتاعهم اللى بدأ أكبر مشروع إستيطانى حولين القدس اللى الكونجرس بتاعكم و اللى فيه أغلبية ديموقراطية صوت فى قانون الميزانية على ضمانات تمنع أى شبهة دعم منكم لحق الفليسطينيين فى إنها تكون عاصمة دولتهم المستقلة..

و عشان نجيبها على بلاطة إحنا ما يلزمناش دوركم فى العملية الخايبة دى و الأفضل تسيبونا نصطفل مع ولاد عمنا و إحنا هانعرف نتصرف معاهم و همه مسيرهم يعرفوا إن إستمرار دولتهم مستحيل لأنها لا هى دولة و لا يحزنون و همه مش أكتر من مجموعة مهاجرين غير شرعيين بيحميها عصابة مسلحة بيسموها جيش قال إيه الدفاع علما بإنه لم ينجح يوما فى أى حرب دفاعية و حتى حروبه خارج أرضه من بعد 67 كانت كلها فاشلة و نتايجها مخزية.. و الحل الحقيقى الوحيد للقضية هو دولة واحدة إسمها فلسطين و عاصمتها القدس .. دولة ديموقراطية لجميع سكانها الحق فى ممارسة حريتهم الدينية و العقائدية و لجميع من ينتمى إليها حق العودة إليها و إستعادة أملاكه كاملة..

طبعا الحل ده ما يلدش عليك مش لأنه مرفوض من اللوبى الصهيونى و بس لكن لأنه بيتعارض مع مصالحكم فى المنطقة و اللى بتقتضى إنها تفضل فى حالة عدم إستقرار و تفضل ممر مفتوح لتحركاتكم و قاعدة تنطلقوا منها لتهديد كل بلد يدور فى خيال أمها إنها تتحدى سيادتكم على العالم.. يعنى بالمختصر المفيد المسألة مش مسألة مصالح دولة عادية لأ دى مصالح الإمبراطورية..

عايز بقى الصراحة .. عمر ما هايكون فى أمل للحوار بينكم و بين أى حد فى العالم ده إن ما كونتوش تتخلوا عن أحلام الهيمنة .. و صدقنى إنتوا مش مؤهلين لبناء الإمبراطورية اللى بتحلموا بيها .. و إذا كانت تجاربكم فى بلادنا شجعتكم بس لازم برضه تعترف إن التمن اللى دفعتوه و اللى لسه بتدفعوه أكبر بكتير من اللى كان فى بالكم .. و أكيد إنت عارف إنكم مش مستعدين تدفعوا التمن ده لو حاولتوا توسعوا نطاق عملياتكم أو حتى حاولتم تحافظوا على النطاق الحالى .. و إن كان فى بلادنا حاليا خرفان ما قدرتش غير على الصمت و ديابتكم بتاكل خروف ورا التانى منهم .. ففى فى العالم ناس تانيه ما هياش خرفان و دول عينهم عليكوا و مستنيين لما غروركم و هبلكم يجيب مناخيركم الأرض و لما تماسككم الداخلى ينهار تحت ضغط توسع خارجى إنتوا مش قده و ساعتها كل واحد منهم ها يخش ياخدلوا حته من مناطق نفوذكم .. أوروبا ها تاخد شمال أفريقيا و حتو من أوروبا الشرقية و تسيب الباقى لروسيا اللى هاتاخد معاه وسط آسيا و يمكن تكمل لغاية الخليج العربى حسب بقى إنتوا قدرتوا تخربوا قد إيه من المنطقة دى و طبعا الصين بدأت تنط من دلوقت فى أفريقيا و الهند مجهزة قنبلة ديموجرافية فى دول الخليج.. يعنى أهو كل برغوت على قد دمه..

بس الأكاده بقى إن إحنا الوحيدين فى العالم اللى مصالحنا فعلا معاكم.. عارف ليه؟ لأننا الوحيدين اللى هانخسر معاكم فى حكاية الإنتحار الهبلة دى و لأنكم مصريين تجيبوا قنبلة تربطوها على وسطكم و راسكم و ألف جزمة قديمة لتفجروا نفسكم عندنا.. و عشان ده كله ها أرجع أقولك .. سيبونا فى حالنا.. لموا عزالكم و إرحلوا و خد مبعوثين السلام بتوعك و أقعد فى واشنطن شوف مصالحك الحقيقية و مصالح الأمريكان الغلابة اللى لا ليهم فى التور و لا فى الطحين و لا همه عايزين هيمنة و لا إمبراطوربة و كل اللى فى نفس النفر منهم وظيفة حلوة و بيت فى الضواحى و عربية سبور ليه و فان للمدام وإنتوا عندكم أرض يرمح فيها العفريت ما يجيبش آخرها و كلها موارد و ثروات يعنى قادرين تحققوا أحلام شعبكم من غير المرمطة فى صحارى العرب و جبال الأفغان..

و أخيرا يا ريت تبوسلى البنات و ميشو و ياريت تخليهم يبروا نفسهم بشوية هبر لحمة لحسن شكلهم مش عاجبنى و العصعصة اللى همه فيها دى بتفكرنى بالعيال بتوع المجاعة فى أفريقيا و قول لميشو تفكها من الحديقة الأورجانيك بتاعنها دى و تزرعلها شجرتين تشيز برجر .

آه و كلمة فى سرك ياريت تحلل أنفلوانزا خنازير قبل ما تيجى إنت و الألف نفر اللى جايين معاك لأنى لا مؤاخذة ما أضمنش ولاد التيت بتوعنا يكشفوا عليكم و إنتوا داخلين ما هو إنت برضه ما يرضيكش الأذية و أصل إحنا لو واحد إتعدى منكم فى المطار الصبح هاتلاقى الإمام فى جامع حبكشة فى أسوان بيعطس فى صلاة الضهر..


الثلاثاء، 19 مايو 2009

الدكتور زويل و بلد البلالين

المقال التالى بقلم د. علاء الأسوانى نشر بجريدة الشروق صباح اليوم - الثلاثاء 19 مايو 2009 حكاية الدكتور زويل

قريت المقال.. طب لو ما قريتوش سايق عليك النبى تقراه..

هه؟ .. حاسس بإيه؟؟

أنا هأقولك أنا حسيت بإيه .. حسيت بغصة فى الحلق إتحولت فى الآخر لحسرة حانقة و خانقة و فضلت حوالى ساعتين مش طايق نفسى..

ها تضحك طبعا و تقوللى : على إيه ده كله و عامل فى نفسك كده ليه ؟ .. قلبك أبيض يا راجل.. هوه كان إيه الجديد؟ .. و يعنى إنت سايب كل المصايب اللى نازله على راسنا ترف و هاتموت روحك عشان أبصر مش عارف مشروع علمى و ألا أكاديمية .. يعنى لا مؤاخذة البتاعة دى كانت هاتعملنا إيه؟.. هوه إحنا لاقيين ناكل لما نعمل بحث علمى و نجيب دكاترة معاهم جايزة نوفل يعلموا الناس بتوعنا؟..

كل اللى ممكن أقولهلكم إن أكاديمية الدكتور زويل كن ممكن تكون شمعة إلهام مضيئة فى ضلمة الجهل المميتة اللى بقينا عايشين فيها النهاردة.. شمعة كان ممكن لهبها الضعيف يغرى شوية من العقول الشابة إنها تتجمع حواليها و تاخد من نورها و يمكن بعد كده يبقى واحد أو إتنين من العقول دى شموع جديدة و يصبح عندنا أمل فى حركة تنوير تبدد الضلمة واحدة بواحدة..

ليه أمل زى ده مش ممكن يبتدى من جوه مصر؟ ليه لازم ييجى بيه واحد زى أحمد زويل من بره؟

لأن يؤسفنى إنى أعزيكم و أقولكم إن العلم فى مصر قد مات .. مات و شبع موت .. و لا عاد ينفع معاه تنفس صناعى و لا أى وسيلة إنقاذ .. و عشان يرجع يكون للعلم مكان فى البلد دى أصبح ما فيش بديل عن إننا نعيد إستيراده من تانى زى ما كنا بدأنا نعمل كده من 200 سنه فاتوا..

موت العلم فى مصر أهم أسبابه هو توقف هذا البلد عن إنتاج أى عقول قادرة على التعامل مع العلم بأى صورة و لا حتى الحد الأدنى من صور التعامل و هى مجرد إحترام المتعلم العادى للعلم .. أصلا بلدنا توقف عن إنتاج أى شيئ ممكن نسميه عقل و بالتالى هو توقف عن إنتاج آدميين حقيقيين لأن تعريف البنى آدم هو "حيوان إجتماعى له عقل" و بدون العقل ما يفضلش لينا غير الحيوان الإجتماعى اللى هوه الإنسان المصرى المعاصر و ده حاجة تقع ما بين إنسان النياندرتال و الهوموسابينس..

من سنين فاتت كان ممكن نتكلم عن تدهور العملية التعليمية و بعدين كان المصطلح الأصح هو إنهيار العملية التعليمية .. دلوقت ما نقدرش نتكلم عن عملية تعليمية لأنه لا مؤاخذة .. بح ما فيش .. عندنا دلوقت أشباه مؤسسات عليها يفط هى العلاقة الوحيدة بينها و بين المدرسة لأنه مكتوب عليها كلمة مدرسة مش أكتر .. بين جدران هذه المبانى ناس ما عندهاش حاجة تديها لحد بينقلوا لأطفال أو مراهقين صغار خلاصة تجاربهم الضحلة فى التحايل على معيشة القهر باللجوء لألوان مختلفة من الجهل .. و من بين هذه الجدران يخرج الصغار و على أكتافهم بلالين منفوخة هوا و ملحوس عليها إنطباعات مبهمة لأفكار مشوهة .. و فى الجامعات .. إن كان ينفع نسمى الأماكن البائسة دى بإسم فيه كل إيحاءات العلم و البحث و إحترام العقل .. هه .. فى الجامعات تبدأ بلالين قديمة فى محاولة طبع بعض المعلومات المتلحوسة عليها على الأسطح الملساء للبلالين الجديدة .. و طبعا لأن عملية الطباعة دى بدائية و مضطربة فالنتيجة دائما إن قدر ما من المعلومات اللى كانت متلحوسة على البالونة القديمة بيضيع و ما بيتنقلش للبالونة الجديدة .. المهم عند كل البلالين هو إن فى نهاية المخاض العسير بتخرج كل باللونة من محراب العلم غير المقدس بتيكيت متعلق عليها .. دى مهندس و دى طبيب و دى محاسب أما دى بقه فخريج علوم ما تعرفش ممكن نعمل بيها إيه بس أهو عليها تيكيت و أهم حاجة هى التيكيت..

مشكلة الباللونة إنك مش ممكن تدخل فيها أى حاجة بعد نفخها و لأن سطح الباللونة ناعم و أملس و بيزحلق تقريبا أى حاجة تيجى عليه فما فيش غير نوعيات معينة من البوية الرقيقة جدا اللى من الممكن إنك ترسم بيها على الباللونة و طبعا ده فى حدود لأنك لو تخطيت الحدود ها تغطى على الحاجات اللى تم لحوستها على الباللونة قبل كده .. المحصلة إن الباللونة لا تقبل إلا لحوسة سطحية و إن الكاباسيتى أو السعة بتاعتها محدودة..

صعب إنى أعدد هنا كل المظاهر الحياتية اللى بتثبت إننا عايشين وسط مجتمع من البلالين .. مش لأنى مش هالاقى عدد كافى من المظاهر دى لكن لأنها أكتر من حصرها فى مكان زى ده .. بصوا حواليكوا و شوفوا أى حاجة بتحصل و أى حاجة بتنقال و إبدأوا طابقوها بفكرة الباللونة ها تلاقوها بتفسرها بشكل واضح و بسيط .. من أول مظاهر التدين الزائف اللى بتثبت إن ناسنا ماعندهمش القدرة على إنهم يفهموا دينهم صح و آخرهم ياخدوا مظاهر تناقضها سلوكياتهم اليومية .. و لغاية الفشل الذريع لحكومات الحزب الوطنى على مدى 30 سنة فى إنها تنجز أى شيئ .. صحيح فى حاجات كتير ما عملوهاش لأنهم أصلا مش عايزين يعملوها أو مش مهتمين يعملوها لكن حتى الحاجات اللى حبوا فعلا يعملوها و إهتموا بيها فشلوا فى إنجازها فشلا تاما .. حتى عمليات النهب المفرط عندنا لا تمارس بأى قدر من الذكاء و هى مفضوحة لأى إنسان عنده عينين أو عينين و نضارة..

خلاصتها .. إحنا فى بلد لم يعد فى حاجة إلى إجهاد نفسه بممارسة التغابى المتبادل بين الجميع لأنه قد أصبح للغباء فيه السيادة الكاملة .. و إذا حضر الغباء بطل التغابى .. و كل واحد ياخد باله من باللونته لا تفرقع..

الأحد، 17 مايو 2009

صلاح الدين.. الذكرى واجبة..

"لم يكن عهد صلاح الدين مجرد حلقة من حلقات تاريخ الحملات الصليبية. بل كان و احدة من تلك اللحظات النادرة و الدرامية فى التاريخ و التى أخلت فيها الشكوك و الأوهام المتولدة عن الطموحات الأنانية للأمراء مكانها لفترة وجيزة للعزيمة الأخلاقية ووحدة الهدف. بدون هذا الأساس لم يكن للجيوش الإسلامية أن تتحمل الصراع المرهق للحملة الصليبية الثالثة. و إن كان لهذا الإنجاز أن يرى و يفهم فى إطاره التاريخى فإن علينا أن نحاول إيضاح كيف – مستخدما ما أضطر إلى إستخدامه من موارد متاحة و فى ظل الظروف السياسية لعصره – تمكن صلاح الدين من أن يقهر العقبات التى حالت دون خلق الوحدة الأخلاقية التى رغم عدم كمالها قد أثبتت أنها بالقدر الكافى من القوة لمواجهة تحدى الغرب"

بهذه الكلمات يفتتح سير هاميلتون جب فصلا بعنوان "صعود صلاح الدين" فى كتاب "تاريخ الحملات الصليبية".. هذا الكتاب قد يكون الدراسة الأكاديمية الأكثر عمقا و تفصيلا التى تم إعدادها حول الحملات الصليبية.. و هو كتاب ضخم يقع فى أربعة مجلدات و شارك فيه عدد كبير من كبار أساتذة التاريخ فى الجامعات الأمريكية و الأوروبية المتخصصين فى هذه الفترة من تاريخ العالم.. و ربما يجدر بالذكر أن سير هاميلتون جب قد ولد فى الأسكندرية فى مصر.. و ربما يكون ذلك سبب إهتمامه بدراسة اللغة العربية و التخصص فى الدراسات الإسلامية و التى برع فيها إلى أقصى حد فكان أحد محررى موسوعة الإسلام فى طبعتها الثانية كما أن له كتابات أخرى أعتبرت لفترة طويلة المراجع الأساسية فى الغرب عن الإسلام تاريخا و عقيدة.

ربما لا نكون فى حاجة إلى كلمات مؤرخ غربى حتى ندرك تفرد الناصر صلاح الدين الأيوبى بين ملوك و قادة عصره بل و بين كافة من عرفهم تاريخ المسلمين من ملوك و قادة منذ نهاية عهد الفتح الأول.. و لكن شهادة مؤرخ غربى هو محايد على أفضل تقدير لها قيمتها فى فهم عظمة هذه الشخصية التى فرضت على أعدائها إحترامها و على التاريخ فيما بعد أن يفرد لها مكانا خاصا يميزها بين شخصيات هذا العصر المضطرب.

لماذا صلاح الدين الآن؟

و هل ثم وقت كنا فيه أمس حاجة إلى تمثل نموذجه و إلى فهم حقيقة إنجازه؟

حتى ندرك قدر إنجاز صلاح الدين ينبغى لنا أن نتعرف على بعض ملامح عصره التى كان لها أثر كبير فى طبيعة الصراع ضد الحملات الصليبية قبل و بعد صلاح الدين.. أهم تلك الملامح هو غياب الوحدة السياسية و النظام الإقطاعى و هما معا قد أديا إلى إصابة الشرق الإسلامى بالعجز فى مواجهة الحملات الصليبية و فى المقابل كان وجود نفس العاملين على جانب الصليبيين أيضا سببا فى تجمد توسعهم إلى حد كبير منذ حققوا أهم إنجازاتهم فى الحملة الصليبية الأولى و قد فشلوا فى تحقيق أهم طموحاتهم و هو الإستيلاء على مصر و كان التصدى لهذا الطموح جزءا من بدايات مسيرة صلاح الدين.

عندما وصلت الحملة الصليبية الأولى إلى الشرق كانت الخلافة العباسية قد فقدت أى سلطان سياسى لها منذ زمن بعيد و لم يكن الخليفة العباسى يحكم بغداد ذاتها.. كانت السلطة السياسية فى بغداد فى يد السلطان السلجوقى الذى فقد فى تلك الفترة سطوته هو الآخر و لم تكن سلطته الفعلية تشمل إلا أجزاء صغيرة من العراق.. أما سائر العراق و سوريا فقد تقاسمه عدد ضخم من أمراء السلاجقة أو أتابكهم و جميعهم فى صراع دائم فيما بينهم يتنازعون المدن الصغيرة و القرى و الحصون و بعضهم ينازع الخلافة الفاطمية فى الجنوب بقايا سلطاتها فى فلسطين بينما يحاول البعض الآخر فى الشمال التوغل فى أراضى الإمبراطورية البيزنطية دون أن يدخل فى مواجهة حقيقية ضد جيوشها.

النظام الإقطاعى كان هو الحل الذى توصل إليه أمراء و سلاطين هذا العهد للتغلب على المشكلة المتجددة لمطالبة الجند بعطائهم و العجز عن الوفاء به مما يؤدى إلى تمردهم و هو الأمر الذى ذهب ضحيته خلفاء و سلاطين كثر.. و يقوم النظام الإقطاعى على أن يتلقى كل أمير و قائد للجيش بدلا من راتبه إقطاعا و هو أراض أو قرى و مدن بأكملها يكون خراجها من نصيب ذلك القائد أو الأمير مقابل أن يضمن إستعداده للقتال على رأس قوة يترك له جمعها من الجند تحت لواء سيده الإقطاعى متى قضت الضرورة بذلك.

كان النظام الإقطاعى من جانب يدعم إستمرار التشرذم السياسى حيث يضمن إستقلال الأمراء الصغار بإقطاعتهم كلما ضعف سيدهم و من الجانب الآخر كان يحتم على أى قائد طموح أيا كان هدف طموحه أن يسعى إلى فرض سلطانه على أكبر مساحة ممكنة من الأرض حيث أن تلك الأرض هى وحدها ما يكفل له تجنيد جيش عامل فى الميدان.. و فى هذه الحقيقة نجد تبرير إحتياج صلاح الدين و إضطراره إلى قتال أمراء و حكام مسلمين و إصراره على أن يخضعوا لسلطانه إذ لم يكن ثم سبيل آخر لضمان أن يكون جنودهم قوة له لا عليه .. و قد كان درس ضرورة الوحدة مما تعلمه صلاح الدين من أستاذه نورالدين محمود الذى توصل إليه بدوره من خلال سيرة أبيه عماد الدين زنكى.
و سيرة هؤلاء الثلاثة الكبار فى تاريخ تلك المرحلة الهامة تؤكد درسا آخر و هو أن التجارب العظيمة فى تاريخ الأمم لا تنشأ من فراغ بل تأتى كنتيجة لتطور يمهد لها و يجعلها ممكنة.

لم يكن عماد الدين زنكى الأتابك حاكم الموصل مختلفا فى الحقيقة عن أمراء عصره.. كان أكثر طموحا و ربما أكثر قسوة و شراسة أيضا و كان همه توسعة ملكه و بسط سلطانه و لذلك فهو لم يعمد قط إلى مواجهة الصليبيين فى أوان قوتهم و إتحادهم و كان إنجازه العظيم ضدهم نتيجة فرصة ضعف و فرقة ألمت بهم فإهتبلها و إنتزع من أيديهم إمارة الرها أول إمارة لاتينية أسسها الصليبيون فى الشرق.
أتى نور الدين محمود إبن عماد الدين و خليفته مختلفا عن أبيه.. لقد وعى درس الوحدة الذى أوضحه إنجاز عماد الدين و لكنه أضاف وضوح الهدف الذى ألهمه إياه وازع دينى قوى و شعور بمسئولية الحاكم تجاه أمته هو الأول من نوعه فى ذلك العصر.. كان ذلك الإنجاز الأخلاقى هو أهم ما تركه نور الدين من تراث.. أهم من ضمه لدمشق التى إستعصت على أبيه و أهم حتى من تمكنه فى نهاية حياته من تحقيق حلم وحدة مصر و سوريا.

كان صلاح الدين وريث نور الدين الحقيقى و إن لم يكن من صلبه أو من أهله بل و لم يكن حتى من بنى جلدته.. كان نور الدين تركيا و كان صلاح الدين كرديا.. و لكنه نشأ فكريا فى كنف نور الدين و تشرب منه تلك الرؤية الواضحة للهدف و ذلك الوازع الدينى العميق الذى ترجمه إلى مبادئ و سلوكيات.. و ورث صلاح الدين بالطبع إدراك نور الدين لضرورة الوحدة لتحقيق الهدف و لذلك فقد أمضى نصف عمره يقاتل من أجل تحقيق الوحدة و إضطر فى أحيان كثيرة إلى الدخول فى صراع ضد ذرية أستاذه و إخوته.. و لذلك كله و عندما أتت الساعة الموعودة لم يتحين صلاح الدين فرصة الإنفراد بإمارة صليبية على حدة فى وقت ضعف لها بل واجه قوى الصليبيين موحدة و مجتمعة فى أضخم معركة عرفتها الحروب الصليبية و هى معركة حطين.. و قد كان نصره تاما و ساحقا حتى أن مدن الصليبيين و حصونهم قد خلت بعدها ممن له قدرة على الدفاع أو حمل السلاح و قد إستسلم معظمها دون قتال و صمد البعض لحصار قصير يسمح بالتفاوض حول شروط الإستسلام.. و ربما كان أعنف حصار هو ما شهدته القدس و لكنه إنتهى إلى إستسلام وفق شروط كان صلاح الدين فيها كريما غاية الكرم.

الدروس الإيجابية لسيرة صلاح الدين هى ضرورة الوحدة و إن إستدعت قتال الأشقاء فى بعض الأحيان .. و هى أن تجربة الكفاح الوطنى تنبنى على تطور يمهد لها و ليس بالإمكان أن تنشأ فى فراغ.. و هى أن وضوح الهدف ضرورى للوصول بالإنجاز إلى منتهاه.. و هى أخيرا و ليس آخرا أن الإلتزام بأخلاقية الصراع و نعنى بها شرعية الصراع و إستناده إلى الحق تحتم إلتزاما أخلاقيا فى المبادئ و السلوك.

درس سلبى وحيد ينبغى ألا نغفله و هو يبدو واضحا فى سيرة القادة الثلاثة و يتبدى بشكل أكثر فداحة فى سيرة أعظمهم و أهمهم و هو صلاح الدين نفسه.. هذا الدرس السلبى هو أن الإنجاز الذى ينبنى على القدرة الفردية الإستثنائية لشخص واحد هو إنجاز قصير العمر و محدود بحياة صاحبه.. فى كل مرحلة من مراحل الكفاح الثلاثة كانت وفاة القائد صاحب الإنجاز تهدد بإنتقاض كل ما حققه و تبديده .. حدث ذلك عند وفاة عماد الدين و تجزئة مملكته بين أبنائه و أمضى نور الدين وقتا طويلا يعمل لإستعادة الوحدة التى أنجزها أبوه.. و تكرر ذلك عند وفاة نور الدين و كان على صلاح الدين أن يقاتل ربع قرن لتثبيت أركان وحدة كان نورالدين قد أنجزها من قبل.. و قد كان ذلك كله مقبولا على ما فيه من ضياع للوقت و الموارد لأنه كان ثمة وريث مباشر أو غير مباشر كان فى الواقع أعظم و أقدر من سلفه إستدرك ما فات ثم بنى عليه.. و لكن عند وفاة صلاح الدين عز إيجاد الوريث الذى يمكنه القيام بعبئ توحيد الدولة بعدما تهشمت قطعا ذهب بها أبناء صلاح الدين و إخوته و أبنائهم بل و أبناء عمه أسد الدين شيركوه أيضا؟

و إذا نحن أردنا أن نجمع دروس سيرة هذا القائد إيجابية و سلبية معا فإننا لنرى بوضوح أنه لا ينبغى لأمتنا أن تنتظر صلاح الدين.. إنما ينبغى للأمة أن تتمثل شخصية و سيرة صلاح الدين حتى تصبح الأمة مجتمعة هى صلاح الدين هذا العصر.. مثل هذه الأمة التى تتحد على هدف واضح تؤمن بشرعيته و ترتفع بأخلاقها و سلوكها فى الصراع إلى مستوى مسئوليتها الأخلاقية.. ثم هى تضيف إلى ذلك تأمين الضمانات التى تكفل إستمرارية العمل و الكفاح حيث لا تكون مسئولية ذلك ملقاة على عاتق أشخاص تنجح بنجاحهم و تسقط بعثراتهم و تنحط بإنحطاطهم بل هى مسئولية مشتركة للأمة ككل تنهض بها مؤسسات ثابتة و قوية تنشئها الأمة بنفسها و تصطنعها على عينها و تكون قيمة عليها لا خاضعة لها.. إذا كان لنا ذلك كنا جديرين بأن نكون أمة الناصر صلاح الدين.

الثلاثاء، 12 مايو 2009

تابع .. هوه فيه إيييييه........................؟؟

فى البوست اللى فات كنت بتكلم عن العنف فى حياتنا و إزاى أصبح ظاهرة .. و كنت متعمد إنى أربط ما بين العنف الجنائى و بين العنف الطائفى لأنهم وجهين لعملة واحدة.. و لأن الظروف اللى بتساعد على نموهم و تطورهم واحدة.. لكن طبعا الأرضية و الجذور مختلفة .. و عشان أكون واضح .. إحنا عندنا ظروف بتخلى أى نوع من أنواع العنف يزيد .. و بالتالى إحنا بنشوف العنف فى حياتنا بمعدل أكبر عامة .. لكن فيه أسباب خاصة بكل نوع من أنواع العنف هى اللى بتخليه موجود أصلا .. و عشان كده العنف الطائفى له أسبابه اللى ممكن تكون موجوده من زمان جدا بس ماتحولتش إلى عنف ظاهر أو ماكانش العنف الناتج عنها بنفس المعدل .. و ده عامل كده زى ما تبقى جنابك حاطط أنبوبة البوتوجاز الإستبن تحت السرير و نايم ولا على بالك بس لو الواد حمادة كان بيلعب بعيدان كبريت و النار مسكت فى الملاية يبقى لازمن تطلع الأنبوبة من تحت السرير بسرعة قبل ما تفرقع فيك و فى حمادة و أمه .. المشكلة بقى إن بسلامتك سيبت النار ماسكة فى الملاية و هاتشبط فى الملة و قاعد تجرى ورا الواد حمادة عايز تضربه .. طبعا حمادة مجرم بن ... بس شد أم الأنبوبة الأول و بعدين ولع فى حمادة و أمه براحتك و بعدين بينى و بينك ما هو حمادة ده تربية الأبعد..

ياترى إحنا ليه عندنا طائفية..؟ واحد فلحوص يرد .. أصلنا مسلمين بس عندنا أقلية مسحيين.. ما شاء الله .. ربنا يفتح عليك يابنى .. هو الصراحة جاوب فعلا على السؤال .. إحنا عندنا طائفية لأن معظم المسلمين عندنا عاملين زى الفلحوص ده فاكرين إن البلد دى بتاعة المسلمين بس ياخسارة فيها أقلية مسيحيين .. تقولش دول جم من بلد تانية و ألا حد نسيهم عندنا ..

المصيبة أكبر مع طوائف تانية لأننا متعودين إن عندنا أقلية مسيحية و بس عشان كده لما بنسمع عن شيعة مصريين تلاقى الواحد مننا رفع حاجب التعجب الأيسر و فتح بقه و قالك : و دول جم منين دول؟ .. تقولش دول مهاجرين من إيران و ألا عناصر من حزب الله تسللوا لمصر وعملوا خلايا نايمة بقاللها ألف سنة .. علما بإن من ألف سنة ماكانش فيه حزب الله و إيران شخصيا ما كانش فيها أغلبية شيعية لكن كان فيه دولة شيعية إسمها الدولة الفاطمية بتحكم مصر و أجزاء من الشام و هى لا مؤاخذة اللى بنت القاهرة و الأزهر و فى عهدها إخترعنا الكنافة و القطايف..

بلاش بقى نجيب سيرة البهائيين أو غيرهم لأن الأصل فى عقل المسلمين المصريين واحد و هوه إن البلد دى بتاعتنا إحنا و لو سألت واحد منهم بأمارة إيه؟ هايقولك عشان إحنا الأغلبية يا أخى .. طب هو لما يكونلك الأغلبية تقوم تاخد كل حاجة؟ .. يعنى بعد عمر طويل لو أبوك توفاه الله و فاتلك حتة أرض إنت و أختك قوم عشان ليك تلتين الأرض تبلع الأرض كلها فى كرشك؟

هاييجى واحد فاهم حبتين يقولك: لا مش حكاية أغلبية و لا كلام من ده.. الأغلبية دى بتاعة الديموقراطية اللى إخترعها الناس الكفرة اللى مالهمش دين .. إحنا يا إبنى لنا حكم البلد بحق الفتح الإسلامى..

طبعا الراجل ده بيقول كلام معتبر .. لأن الصحابى الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه لما فتح مصر (المسيحيين ما بيحبوش الكلمة دى مع إن مافيهاش حاجة) .. حكم مصر إنتقل من إيد الروم البيزنطيين لإيد العرب المسلمين بحق الفتح .. و عشان كده الحكام المسلمين عرب و أتراك و أكراد و شركس و غيرهم حكموا مصر مع إن لغاية نهاية العصر الفطمى ما كانش المسلمين أغلبية أصلا .. و فتح البلد يعطى المسلمين حق حكمها و يضع عليهم وحدهم مسئولية الدفاع عنها و إقرار الأمن فيها و على غير المسلمين دفع الجزية و خراج الأرض .. كلام قانونى صحيح .. بس جنابك نسيت حاجة .. سنة 1882 الإنجليز إحتلوا مصر و خرج حكمها من إيد الخلافة العثمانية عمليا ساعتها .. و قانونا خرج لما بريطانيا أعلنت الحماية على مصر سنة 1914 و مصر ما بقتش ولاية عثمانية خلاص.. يعنى شرعية الفتح إنتهت عمليا سنة 1882 و قانونا سنة 1914.

كان ممكن الشرعية دى يعاد تفعيلها لو إن المسلمين – مصريين أو غيرهم – إستردوا لوحدهم حكم مصر من إيد الإنجليز .. لكن ده ماحصلش .. اللى حصل إن المصريين مسيحيين و مسلمين قاموا بثورة سنة 1919 و حصلوا على إستقلال نظرى سنة 1922 و على أساسه حطوا دستور لدولة مدنية سنة 1923 و من يومها الكفاح للحصول على الإستقلال الكامل قام بيه مصريين مسيحيين و مسلمين و جيش الدولة اللى بيدافع عنها و اللى بعتته يحارب فى فلسطين كان مكون من مسيحيين و مسلمين و هوه ده الجيش اللى قام بثورة يوليو 1952 و إنتزع حكم البلد من إيد آخر ملوك الدولة العلوية و بعدين عمل إتفاقية 1954 اللى خرج على أساسها آخر جندى بريطانى فى سنة 1956 .. و هو ده الجيش اللى إنسحب من سينا سنة 1956 و إنهزم فيها سنة 1967 و رجع عبر القناة و حقق نصر أكتوبر 1973..

مرة تانية حق الفتح اللى بيدى المسلمين وحدهم حق حكم البلد إنتهى والدولة اللى إحنا عايشين فيها دلوقت هى دولة مدنية .. و الدولة المدنية ما فيهاش طوائف - فيها مواطنين متساويين فى الحقوق و الواجبات بصرف النظر عن عقائدهم و ألوانهم و جنسهم .. البداية الحقيقية للقضاء على الطائفية و على فرصة إنها تنفجر فى وشنا كلنا على شكل أعمال عنف ما بتفرقش فى النهاية بين مسلم أو مسيحى أو شيعى أو بهائى أو غيره هى إننا نبدأ نستوعب الحقيقة دى كلنا ..

البلد دى مش بتاعة المسلمين و لا بتاعة المسيحيين.. البلد دى بتاعة المصريين من أى ديانة و من أى جنس و سواء كان لونهم أبيض أو أسمر أو بنى أو بمبى شجر بشراشيب.

الاثنين، 11 مايو 2009

هوه فيه إيه............؟؟

فكرت - شوية مش كتير الصراحة - فى عنوان يكون أحسن من كده.. بس ما جاليش نفس أضيع وقت فى التفكير و العنوان ده كان كل اللى فى دماغى..

إمبارح كان فى تفجير قدام كنيسة العذراء المقدسة فى حلمية الزتون - لأ مش هاتكلم عن الإرهاب عشان ده مش حادث إرهابى زى ما هوضح بعدين.

إمبارح برضه تم القبض على قاتل طفلين فى بيتهم فى الطالبية..

من كام يوم تم القبض على قاتل مسئولة مصرفية كبيرة فى بيتها فى الجيزة..

قبلها بشوية حصل قاتل هبة و نادين على حكم بالإعدام..

خلونا نبص على الجناة..

حادث التفجير لسة ماحدش عارف مين قام بيه.. كل اللى إتقال إن العبوة الناسفة بدائية الصنع و تشبه الخالق الناطق العبوة المستخدمة فى حادث ساحة الحسين .. فاكرينه؟؟.. يا ترى ده معناه إن الفاعل واحد؟ نفس الشخص أو الأشخاص؟ يمكن.. بس مش لازم .. ليه؟ .. إرجع لبدائية الصنع .. يعنى كده أى حد ممكن يصنعها .. ما فيش خبرات معينة أو تدريب و لا أى حاجة مطلوبة عشان شخص عادى جدا يصنع قنبلة زى دى .. محتاج إيه؟ طريقة الصنع .. إعمل سيرش على النت هاتلقيه .. محتاج مواد معينة؟ لأ غالبا كلها حاجات موجودة فى السوق و المحظور منها أى مصنع بومب بيعرف يجيبه يبقى برضه أى حد ممكن يجيبه..

قاتل الطفلين إبن عمتهم!! - قاتل السيدة المصرفية الكبير جوز الشغالة اللى بقالها 3 سنين بتشتغل عندها - قاتل هبة و نادين حداد مسلح سبق له العمل فى الكومبوند لما كان تحت الإنشاء..

لما شفنا صور الحداد قاتل البنتين أول مرة قلنا إيه .. (ده قاتل ده؟؟ شكله طبيعى جدا .. ده حتى غلبان فى نفسه خالص)
جوز الشغالة سمعتوا تصريحات جيرانه؟ - (راجل طيب و مصلى - ناس فى حالها - كان بيضربها أحيانا -عادى يعنى-)
الواد اللى دبح الطفلين - خريج كلية تربية - سبق إنه إشتغل مع خاله (والد الطفلين) - صورته شفتها؟؟ - يشبه خمستلاف شخص بتشوفه كل يوم..

خدتو بالكم أنا عايز أقول إيه..

دول كلهم ناس عاديين جدا .. بتعدى جمبهم فى الشارع - بتقعد جمبهم فى الميكروباص - بتفتح الباب يمسوا عليك و يستلفوا مفتاح إنجليزى (جيرانك يعنى)

محدش فيهم هجام أو نشال أو حتى حرامى غسيل - محدش فيهم مسجل خطر أو ليه سوابق أو حتى معروف عنه إنه بتاع مشاكل..

ياترى ليه أنا حطيت الشخص المجهول اللى حط البمبة قدام الكنيسة وسط الناس دى؟ لأن الحادث زى ماقلت مش إرهابى - طبعا لو كان باضبط زى الحادث بتاع الحسين .. إزاى؟؟ إرهاب يعنى عايز تقول حاجة و بتمارس العنف عشان تلفت الإنتباه و توصل الرسالة - طبعا المستهدفين من العنف جزء من الرسالة بس عشان الرسالة تكمل الإرهابى لازم يعلن مسئوليته .. يعنى تلاقى تنظيم كتائب أبوطربوش بتوزع بيانات على الصحف و بتنزل على الإنترنت إعلان عن مسؤليتهم عن الحادث و يتوعدوا النظام الكافر بمواصلة حربهم عليه حتى النهاية و كلام من ده .. طيب ما فيش إعلان زى ده حصل فى الحادثة الأولى و باين ما فيش إعلان عن الحادثة دى .. و البمبة بدائية الصنع يعنى مش تنظيم أو جماعة اللى عملها يبقى ده فى الواقع حادث كراهية زيه زى إحراق بيوت البهائيين مثلا..

يا ترى الكراهية الطائفية عندنا بقت كافية عشان الناس تحرق و تفجر بدون أجندة و لا مخططات أو أهداف؟؟..

طيب حطوللى ده على جنب و نرجع للجماعة القتلة محدثى الإجرام اللى كنا بنتكلم عنهم.. يا ترى يا هل ترى شايفين حاجة بتجمعهم؟؟ .. واحد كان بقاله مدة ما جالوش شغل وعايز فلوس .. التانى إداين و مش عارف يسد عشان مافيش شغل و مافيش فلوس .. الأخرانى خريج (تربية) عاطل و عايز فلوس يسافر خاله رفض يديله دبحله عياله .. هل ممكن الضائقة المالية تخلى الناس العادية أصلا تقتل؟ .. طيب خد عندك كمان الأب اللى قتل مراته و ولاده و حاول ينتحر .. ليه؟ .. ضائقة مالية..

لو فعلا الحاجة بقى ممكن تكون كفاية لدفع الناس للقتل .. يبقى إحنا رايحين فين؟؟.. يا ترى فيه كام واحد بيمر دلوقت بضائقة مالية؟.. يا ترى كام واحد مرشح للمرور بضائقة مالية فى الأيام البنى فى إسود اللى إحنا فيها دلوقت .. يا ترى اللى بيخبط الباب بره دلوقت ده واحد منهم؟

الأحد، 10 مايو 2009

التغيير بين الهمبرجر و طاجن البامية باللحمة الجملى - 2

أخشى أن أكون قد أطلت.. و لكنى أعتقد أن ما قلته سابقا كان لازما كمقدمة .. و كمحصلة له دعنا نتذكر النقاط التالية:
1 - دعاة التغيير من الشباب نشأوا أو أكثرهم نشأ فى فضاء الإنترنت الإفتراضى و الذى أتاح لهم فرصة كبيرة للتواصل فيما بينهم و لكنه لم يتح لهم سبيل التواصل مع الغالبية العظمى من الشعب.
2 - دعاة التغيير من قدامى المثقفين أو من ينتمون إلى توجهاتهم الفكرية كانوا فى غفلة عما يتطور من حراك فى الفضاء الإفتراضى الذى لم يكن لهم به كثير علم و قد فوجئوا بنتائج هذا الحراك عندما خرج إلى الشارع.. تعاملهم مع الظاهرة كان مضطربا و نتائجه كانت فى غير صالح التجربة بسبب إنقطاع التواصل بينهم و بين شباب التغيير و إنقطاعه بشكل أكبر بينهم و بين حماهير الشعب.
3 - خروج شباب التغيير إلى الشارع كان عشوائيا و فى غير الزمان الملائم له.. حقق مفاجأة و أثار إهتماما و لكن محصلة الإهتمام بالنسبة لقطاعات الشعب الكبيرة لم تعد مصمصة الشفاه ثم متابعة رحلة البحث اليومية عن الرزق .. كان يمكن لقدامى المثقفين أن يصوبوا التجربة و لكن أى جهد لهم فى هذا السبيل كان أقرب إلى إجهاضها بدلا من دفعها إلى الأمام..

أما بعد .. لابد و أن من أطلقوا دعاوى التغيير قد تساءلوا قبلها - ماذا نفعل؟ - ثم وجدوا الإجابة فيما أقدموا عليه .. و إعتقادى أن السر فى ضآلة المحصلة النهائية لحراكهم يكمن فى أنهم لم يبدأوا بالسؤال التمهيدى - ماذا يمكن أن نفعل؟

قد لا يكون هذا واضحا و لكن الفارق بين السؤالين كبير و الترتيب الذى ينبغى طرحهما فيه قد يكون شرطا لتحقيق أى نجاح ممكن..

لا وجود على الإطلاق لشيئ يسمى بالخيار الوحيد (إلا الخيار السلمى لحل المشكلة الفلسطينية طبعا .....هههههه.).. فالخيار الوحيد يساوى الحتمية التاريخية و هذه تحديدا ما ينبغى أن نرفض الإستسلام له.. الغرض الأساسى من سؤال ماذا يمكن أن نفعل هو الخروج بالخيارات المتاحة و السبل المختلفة لتحقيق هدف بعينه .. و بعد طرح الخيارات و دراستها يمكن إختيار الأمثل من بينها و البدء فى الإعداد لتنفيذه..

المثقفون التقليديون يملكون الخبرة التى يمكن من خلالها عرض حقيقة كل خيار متاح - الشروط الواجب توافرها حتى يكون الخيار ممكن التنفيذ - الظرف المجتمعى و السياسى و السلطوى الملائم - أساليب التنفيذ و الخطط التكتيكية و الخطط البديلة.. الإنتقال من الفعل فى حالة نجاحه إلى مرحلة حصاد نتائجه و تلك لو تعلمون أخطر المراحل فى حياة أى فعل من أفعال التغيير و هى تتعلق بوجود صورة واضحة جدا لما تريد أن تصل إليه بواسطة فعل التغيير و وضع الضمانات الكافية حتى لا تكون نتائج التغيير كارثية أو على الأقل خلاف الصورة المتخيلة.. و لأكون واضحا أكثر إن وضوح النتائج المرتجاة من التغيير يمكنه أن يرجح وسيلة و آلية للتغيير على أخرى.. ففى حال كان ثمة خطر كبير فى أن تكون نتائج التغيير بعيدة عن أهداف المطالبين به لزم أن يختاروا الآليات التى يمكن السيطرة عليها و ليس الآليات التى يمكن أن تنفلت بشكل عشوائى أو تكون مطية للهو الخفى..

اللقاء الذى أراه واجبا بين شباب التغيير و شيوخه هو اللقاء حول سؤال ماذا يمكن أن نفعل.. بالطبع هناك أيضا سؤال ماذا نريد من التغيير و لكنه سؤال أكثر صعوبة لأنه معرض لتدخل الأيديولوجيات و الأفضل هو تفويض الشعب فى إجابته بمعنى أن فعل التغيير ذاته لا ينبغى أن يستهدف بناء بديل محدد الملامح للنظام الحالى و لكن عليه أن يستهدف تحقيق ضمانات الإرادة الحرة للشعب فى إختيار البديل الذى يراه مناسبا.. و لست مبدعا فى هذا الرأى فهناك بالفعل من حدد هذا الهدف من حركات التغيير الجديدة لسبب مهم و هو أنه الهدف الطبيعى و المنطقى لفعل يقوم به أفراد و جماعات يختلفون أيديولوجيا أو لا ينضوون تحت لواء أى أيديولوجية على الإطلاق..

فى إعتقادى أن سؤال ماذا يمكن أن نفعل يكاد يغيب غيابا تاما فلن تجده فى فضاء الصحف الذى يعيش فيه قدامى المثقفين و لن تجده فى الفضاء الإفتراضى حيث يعيش شباب التغيير.. العجيب أن الطرفين يلتقون أو بالأحرى يجتمعون على مداومة الصراخ بسوء الحال و مغبة تدهوره المطرد و هم دائموا الحديث عن المظاهر التى تثبت سيطرة الفساد أو فساد السيطرة.. و لكنك تحتاج إلى إثبات شيئ بالبرهان اليقينى مرة واحدة و أى إثباتات تالية هى تحصيل حاصل.. فلماذا نحن جميعا هاهنا واقفون لا نكاد نتحرك؟

بالنسبة لشباب التغيير فقد جربوا ما هداهم إليه فكرهم و شعورهم و حماسهم .. ثم هم اليوم بين متشكك فى جدوى الإستمرار أو لاعن للشعب المتقاعس أو مصر على متابعة الطريق بإستخدام الوسائل ذاتها .. و لا يمكن لوم أى من هذه الأطراف فلم يقم الطرف الذى يملك بعض مفاتيح الإجابات بدوره فى تقديم هذه المفاتيح و إكتفى بدور المتابع الفاغر فاه إندهاشا أو الزام شفتيه تأسفا و إمتعاضا.. و مبتغى هؤلاء من المناضلين القدامى هو أن يكون لهم دور القيادة و التوجيه.. و لكن هذا دور أكبر ممن يملك مجرد مفاتيح لحلول و يفتقد الخطة التى لا يملكها إلا الملم بتفاصيل الواقع و هم مع كامل الإحترام فقدوا كثيرا من صلاتهم بهذا الواقع و من ثم لا يصلحون لوضع خطة حقيقية.

الدور الحقيقى لقدامى المثقفين و المناضلين هو أن يبدأو فى طرح ما لديهم من معرفة و خبرة فى فضاء الإستعمال العام حيث يمكن لأصحاب الأدوار الأكثر فعالية أن يستخدموا هذه الخبرات و المعارف فى بناء توجهاتهم الخاصة بهم و الملائمة للواقع و للظرف.. بمعنى أوضح لا دور حقيقى يرتجى لعواجيز التغيير داخل الهياكل التنظيمية لحركات التغيير.. مكانهم خارج هذه الهياكل و دورهم طرح التساؤلات و تقديم الجزء الذى يملكونه من الإجابات و ترك الباقى لينجزه شباب التغيير الذى قد تنقصه الخبرة و لكن لا تنقصه الفعالية و القدرة و بالتأكيد لا تنقصه القيادة.

دور المثقفين القدامى و الذى يصب فى دور موازى لشباب التغيير ينبغى أن يجمعهما طرح سؤال ماذا يمكن أن نفعل و السعى إلى الإجابة عليه.. و الأكيد أنهم إذا ما بدأوا فى طرح السؤال بجدية فهم لا شك صائرون إلى مناقشة الرقم الصعب فى معادلة التغيير.. الشعب طبعا.. ليس بمنطق الهجاء أو المدح و لكن بمنطق التساؤل عن كيف يمكن تحويل الشعب إلى رقم موجب فى المعادلة و ليس صفر المحصلة..