الخميس، 11 يونيو 2009

فى سوق الأوراق العربية..

يسود بلادنا العربية منذ زمن توجه نحو التفكير بمنطق السوق و براجماتية حسابات المكسب و الخسارة عندما يتعلق الأمر بقضايانا السياسية .. و فى إطار فكر السوق لا يبدو لإعتبارات العاطفة القومية أو الحقوق التاريخية أى قيمة عملية ما دام لا يمكن تحويلها لأوراق قابلة للصرف من بنوك الشرعية الدولية ..

و يسعى سماسرة الأوراق السياسية العرب إلى إقناعنا بأن إستثماراتنا فى مشروع القضية الفليسطينية قد فشلت بشكل ذريع و إنخفضت القيمة السوقية لأسهمها إلى أدنى معدلاتها و ليس أمامنا اليوم إلا أن نبيع و بأسرع وقت ممكن ما نملكه من هذه الأسهم لنخرج بأى قدر متاح من الأصول الثابتة فى مقابل أموالنا المهدرة و لنوقف نزيف الخسائر المستمر..

و لكن المتعاملين فى البورصات يعرفون جيدا أن خسارتك الناجمة عن تدنى قيمة الأوراق التى تملكها هى خسارة إفتراضية و لن تتحول إلى خسارة حقيقية إلا فى حال أنك بعت هذه الأوراق .. فإذا كان بإمكانك أن تنتظر بعض الوقت فثمة أمل دائما فى أن تعاود قيمة أسهمك الإرتفاع و حينها يمكنك أن تبيع دو خسارة و ربما تحقق بعض الأرباح أيضا..

الإنتظار مع ذلك له ثمنه .. فهذه الأوراق هى أموال مجمدة لا يمكنك الإنتفاع بها .. و إذا كنت تمر بضائقة أو ضوائق متراكمة فأنت فى حاجة ماسة إلى تسييل أوراقك و تحويلها إلى أموال لمواجهة أعبائك المختلفة .. و يوضح لنا السماسرة العالمون بالأمور أنك بعنادك تعرض مزيدا من الأصول للضياع حيث أنك رهنت الكثير منها فى فترات سابقة و على الرغم من أنك تعلم تماما أن صكوك الرهن مشكوك فى أمرها كما أنك لا تعرف بأى شيئ أنفقت القروض المختلفة التى رهنت أصولك للحصول عليها إلا أنك لا تستطيع تجنب مطالبات البنوك الكبرى لك بسداد مستحقاتها و إلا فإنها ستعمد إلى الحجز على ممتلكاتك لإستيفائها..

الموقف محير بالتأكيد خاصة أنك لا يمكنك أن تثق تماما فى نصائح السماسرة لأنهم فى النهاية يحصلون على عمولاتهم فى البيع و الشراء و عند رهن الأصول و عند الحصول على قرض أو سداده .. أكثر من ذلك فهؤلاء السماسرة هم ذاتهم من عهدت إليهم بإدارة مشروعك منذ البداية ثم أذعنت لمطالبتهم لك بوضع كل أمورك تحت إدارتهم لضمان توفير التمويل اللازم لإنجاح المشروع ثم قدمت لهم تفويضا بعد الآخر يسمح لهم بممارسة دورهم الإدارى دون تعقيدات رقابية منك و دون أى حق لك فى التدخل و ذلك حرصا على تيسير عملهم .. و قد قبلت منهم تبريراتهم لفشل المشروع – فى زعمهم – بسبب تقلبات الأسواق و إنخفاض قيمة أسهمك فيها بشكل عام .. كما أنك تقبلت إتهامهم لك بأن توانيك و تكاسلك فى العمل كان سببا فى الخسائر التى منيت بها إستثماراتك المختلفة رغم الكفاءة غير المشكوك فيها التى أداروا بها هذه الإستثمارات عبر السنين..

لقد باع بعض هؤلاء السماسرة جزءا من محفظة أوراقك السياسية سابقا و ذلك مقابل فك رهنية بعض ممتلكاتك الثمينة التى سبق لهم خسارتها على طاولة القمار .. وقد أقنعوك حينها أن ممتلكاتك هذه ستعود إليك كاملة و ما عليك إلا أن تبيع بعضا من أوراقك ذات الملكية المشتركة و أن الشارى سيتحمل عبء التفاوض مع شركائك من أجل شراء حصصهم و أنه يؤكد أن هؤلاء الشركاء سيحصلون بدورهم على كافة ممتلكاتهم المرهونة .. و كلها رهنت بالطبع وفاءا لدين القمار المشار إليه سابقا..

المشكلة أن التعاقد الذى وقعت عليه لم يمنحك حرية كاملة فى التصرف بممتلكاتك التى إستعدتها نظريا و بدا أن أحد البنود يسمح بإعادة الحجز على هذه الممتلكات فى أى وقت وفقا لتقدير الدائن رغم أنه من المفروض أنك قد قمت بسداد ديونك كاملة بالفعل!! .. فى المقابل تعثرت مفاوضات الشارى مع بقية الشركاء و فى حين حصل أحدهم على شروط لفك الرهن مشابهة لحالتك إلا أن البقية لم يمنحوا نفس الشروط .. رغم أنك قد وعدت سابقا بأن الشروط ستظل ثابتة..

و اليوم أنت مطالب ببيع أى أسهم تبقت لك فى المشروع كما أنك مطالب بالضغط على شركائك للقبول بالشروط المتاحة لفك الرهن عن ممتلكاتهم و بمقتضى هذه الشروط سيحصلون فقط على جزء من ممتلكاتهم و ستكون لهم حقوق محدودة فى التصرف بهذا الجزء .. و الغريب أنك فى البداية قد دعيت إلى حضور التفاوض كوسيط خاصة و أن شركاءك كانوا حتى وقت قريب يثقون بك و لكن حيث أن السماسرة الذين يتولون أمورك قد نابوا عنك فى الحضور و قاموا بممارسة ضغوط غير قانونية على الشركاء و ذلك مقابل عمولات أزجيت إليهم من تحت الطاولة فقد تدنت بشدة مصداقيتك لدى شركائك .. و مع تدنى المصداقية و تحول دور الوساطة التطوعى إلى إلزام قد يؤدى عدم الوفاء به إلى محاذير شتى فإن السماسرة قد أوضحوا أن عليهم أن يرفعوا من حدة ضغوطهم التى يمارسونها بإسمك على شركائك حتى إذا إسفرت تلك الضغوط عن إلحاق أذى شديد بشركائك هؤلاء!!

لا شك و أنك فى مأزق صعب عزيزى المستثمر و بتعبير خبير عالمى:
You’re in deep shit.
و النصيحة الأولى للخبير العالمى هى:
Fire the mother fuckers porkers, you miserable fool!

هناك 13 تعليقًا:

غير معرف يقول...

اول ظهور للشتيمه على مدونتك :)
تفتكر لو الشركاء فقدوا الثقه فيك ....ليه مازالوا يعتبروك الاخ الاكبر.؟
على فكره ده سؤال بيحيرني.......وما تقولش ان الرياده انتهت......قلت لكن ما انتهتش......والدليل مفاوضات الشركاء المتناحرون تحت رعايه الاخ الاكبر
اخشى ان تكون الاجابه هي بسبب علاقه الحب والود مع السماسره والغاصبون.

Kalimalhus يقول...

شتيمة ؟..فين الشتيمة دى؟
ههههههههههههه
فيه إتفاق غير معلن إن ما دام الحاجة إتقالت بالإنجليزى تبقى مش شتيمة.. و على العموم على رأى الأمريكان
Pardon my french..

مين اللى قال إنهم بيعتبرونا الأخ الأكبر؟

مفاوضات الشركاء المتناحرين ما حدش فتح لها بابه غيرنا و ده بأمر من الCEO الكبير و اللى قسم المسئوليات و قال إننا مسئولين عن الملف ده .. و كل الورق اللى فى إيدينا فى الموضوع هو المعبر مع العلم إن حتى المعبر قرارنا فيه تابع لسياسة الCEO & his chief local deputy.

البزنس ما فيهوش حاجة إسمها حب و ود لكن ده ما يمنعش إن لنا علاقات خاصة جدا بالسماسرة و السبونسرز و أصحاب المصلحة و كل ده لجل عيون المعبر..

Unknown يقول...

تحليل جميل اووووى
و معقد حبتين

بس حقولك
السماسرة
زى المنشار طالعين واكلين نازلين واكلين
طالما حيبقوا مبسوطين
و الغلة حلوة فى ايديهم

يبقى طظ فى اى حق

و ادينا شغالين تفاوض
سنة و اتنين و ثلاثة و عشرة

و السماسرة عمالين يلهطوا
و ينهبوا

ناصر يقول...

للمرة الثانية ياشرير، تحرق بهدوء دعاية كلفت المقامرون العرب بضعة مليارات من ارغفة خبز فقراءنا.

للمرة الثانية تنتزع بعنف كل المياعة من لغة الضاد وتعيدها لسويتها كلغة عقلاء لا همهمة مجانين.

للمرة الثانية اتشرف فيها بمطالعة احد نصوصك وارتد مسروراً مبتهجاً بمصر وابناءها.

للمرة الالف اشكر نوارة مصر والعالم العربي على صالونها الادبي المميز وضيوفها الرائعين

Kalimalhus يقول...

بدراوى
------
شكرا على رأيك..
الكلام معقد حبة يمكن عشان حاولت أكتب بلغة الدراسات الإكتوارية.. و دى لغة مقصود منها إن اللى يقرا ما يفهمش يقوم يجيب خبير إقتصادى يفهمه أو يشيل الليلة بالنيابة عنه ..

تدفع كام بقى و أنا شيل الليلة؟؟

Kalimalhus يقول...

ناصر
----
شكرا جزيلا يا أخى على إطرائك الذى أتمنى أن أستحق بعضه .. و أشاركك فى شكر نوارة التى من خلال صالونها تعرفت على كثير من الإخوة و الأخوات الذين أسعد بالقراءة لهم كما أسعد بتشريفهم لى بالتعليق على ما أكتبه..

الله...الوطن...أما نشوف يقول...

نورت مدونتي:) أهلا بيك

بتنفس حريه يقول...

عجبنى المثل فعلا
بس ايه علاقه البورصه بالهندسه :)
شكللك حربت حظك ومحروق لانك متغاظ اوى من السامسره ولا انها على فكره مش غلطتهم دى شغلتهم مطلعهم وحشين بسمحدش يقدر يلومهم سبوبه وجتلهم
الغلطه الى يلعب فى البورصه وهو مالوش فيها ويسلم دقنه لحد تانى
وبعدين الاسهم دى مش بتاعتنا
دى بتاعت الفلسطنيين بس
والى معينين نفسهم حراس و يقولوا بيع يالطفى وقت ما السمسار يقولهم دول ليهم وصف تانى

رغيت كتير بس بجد البوست حلو
وانا اتشرفت بزيارتك مدونتى
تحياتى وزى مابيقولوا
keep up the good work;)

Desert cat يقول...

عن تجربة مفيش احسن من الانسان يعتمد على نفسه اعتماد كلى بمعنى لا لكلمة سماسره لو علاقاتك كتير ممكن كل حاجتك تخلص وبمنتهى السهولة ولو مش ليك علاقات فالجنيه غلب الكارنيه

لبنــــــــــى يقول...

تحليل منطقي و مقبول
يعني اذا نجاد كسب بنزاهة لعمل قام به اثناء رئاسته لطبقة مهمشة
فهو يستحق
لكن ان يكون المتظاهرون عملاء .... لا اعتقد لكن بيطمحوا لحياة اخرى و قوانين اكثر تساهلا معهم و اذا لاحظت في مقابلات قبل الانتخابات ان اكثر المدافعين عن موسوي كانوا من النساء اللي عافوا و زهقوا العبايات السودا و بدهم شوية نفس و حاسين انهم مضغوطين تحت حكم نجاد اليي بيعتبر من المتزمتين عندهم
و عندهم افكار و احلام بحياة من نوع اخر يعني نوعا ما عم بنشوف اللي حصل بالاتحاد السوفيتي تقريبا
على الاقل هادا اللي فهمتوا

Kalimalhus يقول...

بتنفس حرية
----------
صدقينى مازال لنا أسهم و مازال لنا حقوق و لسنا مرتبطين بالقضية الفليسطينية جدعنة و لا مسئولية و لكن دفاعا عن النفس و عن وجودنا ذاته .. بس لو نشوف الحقيقة..

Desert Cat
----------
شرفتينى بحضورك ومعاكى حق لازم كل واحد ياخد باله من مصالحه بنفسه و نخلص من كل السماسرة .. ربنا يولع فيهم و يخلصنا منهم..

Kalimalhus يقول...

jafra
-----
أعتقد أنك قصدت التعليق على التدوينة التالية .. فى كل الأحوال .. شرفتينى بالزيارة و التعليق.. و أعتقد أن رؤيتك صحيحة و هى دليل على أنه من الصعب تقييد حريات الشعوب فى عصرنا الحالى و يبدو أن على الجميع قبول مستوى واحد من التدخل الفوقى فى الحريات الشخصية فى العالم كله و نترك للمجتمع أن يحدد ما يقبل و ما يرفض بنفسه..

لبنــــــــــى يقول...

مهندس حر
شكلوا من قد ما تجلوت بالمدونة فتل راسي
:)